السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

رمضان شهر القرآن

31 يوليو 2011 21:03
قال تعالى: (شهر رمضان الذي انزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان) “البقرة، 185”، يبين الله تعالى لنا في هذه الآية الكريمة العلاقة التي بين القرآن وشهر رمضان المبارك، والتي ينبغي للصائم أن يدركها ليقبل على تلاوة كتاب ربه سبحانه وتعالى في هذا الشهر الكريم ويزداد إقباله على قراءة كتاب ربه إذا علم أن القرآن الكريم فيه الهداية وفيه البينات التي توضح للإنسان كيف يعيش وفيه الآليات التي إذا استخدمها الإنسان رزق التفرقة بين الخير والشر، بيد أن القرآن الكريم هو أساس حضارة الإسلام ومن خلاله كانت نهضة المسلمين في كل مجالات الحياة على اختلاف أنواعها. المنهج الرباني هو المنهج الرباني الذي أنزله الله عز وجل على رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم ليبلغه للناس أجمعين حتى يضبط به حركة حياتهم ويربط به دنياهم وأخراهم. فهو كتاب وصفه ربنا سبحانه بقوله (ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء) “النحل، 89”، فالقرآن بيان لكل شيء وهو الموضح والكاشف لكل شيء بل هو ميزان لكل شيء وحاكم على كل شيء حيث أنه يصلح الزمان ويصلح المكان. والقرآن الكريم إذا حدد طريقة للتعامل مع أي شيء أو شرح قضية أو ضرب مثلاً ما على نحو معين فهو الحاكم على كل هذا، وكذلك إذا حدد القرآن الكريم مفهوم شيء ما فينبغي على كل المفاهيم ألا تخرج عما حدده القرآن الكريم وبينته السنة النبوية المطهرة وألا تحيد عنه. مصدر الهدى ذلك لأن القرآن الكريم كلام الله تعالى الذي أحاط بكل شيء علماً وأحصى كل شيء عدداً، ويعلم السر وأخفى ولا يعزب عنه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء. ولقد جعل الله عز وجل القرآن الكريم مصدر الهدى القلبي والشفاء الروحي والبدني قال تعالى: “ولو جعلناه قرآنا أعجميا لقالوا لولا فصلت آياته أعجمي وعربي قل هو للذين امنوا هدى وشفاء) “فصلت، 44”، والقرآن الكريم مخرج للناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم عز وجل. قال تعالى: (الر، كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صرط العزيز الحميد) “إبراهيم، 1”، والقرآن الكريم أحسن الحديث وأجمل القول قال تعالى (الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني) “الزمر، 23”، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ستكون فتن قلت وما المخرج منها؟ قال صلى الله عليه وسلم كتاب الله فيه نبأ ما قبلكم وخبر ما بعدكم وحكم ما بينكم هو الفصل ليس بالهزل هو الذي من تركه من جبار قسمه الله ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله فهو حبل الله المتين وهو الذكر الحكيم وهو الصرط المستقيم وهو الذي لا تزيغ به الأهواء ولا تلتبس به الألسنه ولا يشبع منه العلماء ولا يخلق عن كثرة الرد ولا تنقضي عجائبه وهو الذي لم ينته به الجن إذ سمعته أن قالوا (أنا سمعنا قرآنا عجبا) “الجن،1”، والذي من قال به صدق ومن حكم به عدل ومن عمل به أجر ومن دعا إليه هدي إلى صرط مستقيم. وإذا أردنا أن نصف القرآن الكريم وعمله لا تسعنا مثل هذه الصفحات فحضارة المسلمين وعلومهم كلها من القرآن الكريم حيث أننا نرى أنه جاء ليعالج ثلاث قضايا رئيسية هي: العقيدة: وهي كل ما يتعلق بها من إيمان بالله تعالى وحده لا شريك له وبأسمائه وصفاته وكل ما يتعلق بأمور الألوهية والربوبية، وكذلك أنبيائه ورسله وملائكته واليوم الآخر وغيرها من أمور الغيب أي أن العقيدة تشمل كل الغيبيات التي تكلم عنها الله سبحانه وتعالى في قرآنه الكريم وأمرنا أن نعتقدها إثباتاً ونفياً اعتقاداً جازماً لا شبهة فيه. الشريعة: وهي التي تؤصل فينا عبادة من يستحق العبادة سبحانه وتعالى لأنه هو الخالق الرازق والمحيي والمميت فهو أعلم بملكات الإنسان وقلبه وجوارحه وعناصر تفاعله مع نفسه ومع ربه عز وجل ومع رسوله صلى الله عليه وسلم ومع الناس أجمعين ومع الكون كله، من أجل ذلك وضع الله سبحانه منهج تعامل إذا تبعه الإنسان وعمل به كتبت له السعادة في الدنيا والفلاح في الآخرة وإذا لم يتبعه فهو خيف عليه الشقاء في الدنيا والتعاسة في الآخرة. وهذه الشريعة - بمنهجها الثنائي وهو أفعل للأوامر ولا تفعل للنواهي - التي تبنى عليها الأحكام التكليفية، وكذلك الأحكام الوضعية وربطت ذلك بالجزاء عقاباً وثواباً في الدنيا والآخرة - ما تركت شيئاً إلا وبينته، كما قال صلى الله عليه وسلم: (تركتم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك)، فالأوامر مثل إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وفعل الخيرات وغيرها والنواهي مثل تحريم البغي والظلم وأكل أموال الناس بالباطل وشرب الخمر والتعامل بالربا وغيرها ومن جمال عفو الله تعالى في شريعتنا أن جعل التوبة لمن فرط في الأمر أو اقترف النهي بإنابة أو تعزير أوحد أو غيرها. الأخلاق والفضائل: الأخلاق والفضائل هي ثمرة العقيدة والشريعة فإذا التزم الإنسان بعقيدة الحق وعمل بشريعة الله سبحانه وتعالى فإنه يحسن إلى كل شيء، فتراه يقيم الفروض ويعمر الأرض ويصلح بين الناس ويعطي الصدقات ويفعل الخيرات ويعم بذلك كل خير على الإنسانية جمعاء ولا يزال الإنسان ملتزماً بالعقيدة والشريعة حتى يظهر آثار هذا الالتزام على الكون كله. من أجل ذلك حرص المسلمون وعكفوا على قراءة ودراسة القرآن الكريم وعلومه في رمضان وفي غير رمضان وكان حرصهم على تلاوته في شهر رمضان أشد لما بينه ربنا عز وجل من العلاقة الوثيقة بين القرآن وشهر رمضان ولما علموه من الأجر الكبير والثواب العظيم ومن أجمل ما يعرف الصائم عن كتاب ربه في شهر رمضان أن الإقبال على تلاوته تشجع القارئ على فعل الخيرات والإكثار منها متأسياً بنبيه صلى الله عليه وسلم فيما حدّث به ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم أجود الناس وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن فلرسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة رواه البخاري رحمه الله تعالى. فهيا بنا أيها الصائمون نجعل القرآن صديقاً لنا في هذا الشهر الكريم. سمير عبده مطر
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©