الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

القلائد والأقراط عند بعض النساء زينة ووقاية من السحر

القلائد والأقراط عند بعض النساء زينة ووقاية من السحر
31 يوليو 2011 21:00
يقول الله تعالى: (يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تتفكرون) سورة البقرة، آية 219”. ويقول الدكتور أحمد محمود كريمة، أستاذ الفقه بجامعة الأزهر: الحكم الفقهي للميسر والقمار والرهان هو التحريم والميسر كله حرام ليس بالآية السابقة التي بينت أن الإثم في تعاطي الميسر أكبر من نفعه ولكن التحريم نزل في آية المائدة وهي شديدة التحريم بناء على دلالة ألفاظها في قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون) “الآيتان، 90-91” من أجل إطلالة للوجه أكثر إشراقاً وتألقاً وبريقاً حرصت الشعوب القديمة على أن ترتدي النساء بل الرجال أطواقاً من الذهب أو الجوهر حول العنق وأقراطاً بالأذن ورغم أن عادة ارتداء الأقراط سرعان ما اقتصرت على النساء فإن إقبال بعض الملوك والأمراء على تطويق الرقاب بالقلائد ظل سارياً لوقت طويل نسبياً إذ نرى ذلك بوضوح في قلائد "توت عنخ آمون" الذهبية وفي صور أكاسرة الفرس على دراهمهم الفضية والتي توضح أنهم كانوا يتزينون بقلائد من اللؤلؤ. ويعتقد أن الرجال والنساء وإن اشتركا في ارتداء القلائد لوقت طويل فإن النساء كن يفضلن القلائد الذهبية المرصعة بالأحجار الكريمة لما توفره من بريق يأخذ بالألباب وما تحمله من جواهر تحقق أغراضاً سحرية نفعية، كما كان يسود الاعتقاد قديماً بينما حرص الرجال على التزين بقلائد الجواهر لأغراض سحرية متخيلة فحسب فمثلاً يعتقد البعض إلى اليوم أن أحجار العقيق تهب القوة والنصر على الأعداء وتملأ القلب شجاعة وأن أحجار العقيق الأصفر بوجه خاص يؤدي تزين النساء بها للألفة بين الأزواج وذهاب المشاكل العائلية وهدوء البيت وإزالة النحس والتوفيق بالمقابلات وتقوية المعاشرة وإزالة الربط والعقد عن الزواج. أمثلة ولدينا من التراث الفني والحضاري الإسلامي بعض أمثلة من القلائد النسائية التي توضح بجلاء أن النساء جمعن عند اقتنائها بين أغراض الزينة والمقاصد السحرية المفترضة للمعادن والأحجار الكريمة. ومن أقدم هذه القلائد واحدة من الذهب تنسب صناعتها لمصر في العصر الفاطمي ويرجح أنها من صناعة القرن الرابع الهجري "10 م." طبقاً لنوع الخط الكوفي المستخدم فيها وقد نفذت زخارفها بأسلاك ذهبية على صفيحة من الذهب الخالص صنعت بالطرق. أما الكتابة المسجلة عليها فتشير بشكل لا لبس فيه إلى أنها صنعت خصيصاً لسيدة وليست من الإنتاج النمطي المتاح بيعه في الأسواق لمن ترغب من النساء وقد سجلت عليها العبارة التالية "السعادة الدائمة للسيدة العفيفة خديجة بنت الداعي ذاهب عكرمة". ولهذه القلادة أهمية خاصة تتجاوز إثباتها أن بعض الحلي كان ينتج بالطلب لأشخاص بأعيانهم فهي تشير بوضوح لسيدة من النخبة الفاطمية "السيدة العفيفة خديجة" إذ هي ابنة أحد دعاة الدولة الفاطمية الذين عملوا في إطار جهود الفاطميين المنظمة للدعوة للمذهب الإسماعيلي ورغم أن المصادر التاريخية احتفظت لنا بأسماء العديد من الشخصيات التي تولت وظيفة "داعي الدعاة" فلعلها المرة الأولى التي نعثر فيها على أثر مادي يشير لواحد من الذين عملوا بجهاز الدعوة الفاطمية. تاج محل ومن الهند لدينا قلادة صنعت وقت حكم أباطرة المغول لشبه القارة الهندية في القرن الثاني عشر الهجري "18 م." وهي تتألف من مناطق مفرغة من الذهب ملئت من الخلف بالمينا ورصعت من الأمام بقطع من الألماس في مناطقها التي يبلغ عددها 66 منطقة وتنتهي القلادة بوريدة من الذهب رصعت هي الأخرى بالألماس فيما تتدلى من الوريدة قطعة من الزمرد الأخضر على هيئة دمعة وليس بخاف أن القدماء كانوا يعتقدون أن للزمرد ارتباطاً خاصاً بمواليد برج الثور ولا يستبعد أن تكون القلادة لسيدة من مواليد هذا البرج نظراً لعناية مغول الهند بالفلك حتى رأينا قطعة نقد ذهبية سكها الأباطرة وتحمل رموز الأبراج الفلكية. ومن أجمل القلائد الهندية واحدة صنعت من النفريت الأبيض الصقيل المقطوع ولها شكل ورقة نباتية ذات خمس بتلات كل منها مزين بشكل محارة وبكل من وجهي القلادة نقوش ذهبية بخط النستعليق وهي تحمل نصا سجل باللغة الفارسية يتضمن عبارات دعائية تنتهي باسم السلطان المغولي الشهير "شاه جهان" مع تاريخ عام 1047هـ "1638 م." يلاحظ أن الإطار الذهبي للقلادة أضيف في فترة لاحقة ولا شك في أن تلك القلادة صنعت لإحدى سيدات البلاط في دلهي وربما كانت لزوجة شاه جهان المحبوبة "ممتاز محل" صاحبة الضريح الشهير "تاج محل". تاريخ وروايات ومن أكثر أنواع زينة الوجه شيوعاً نجد الأقراط التي استلزم أمر تثبيتها ثقب شحمة الأذن وكان ذلك يتم غالباً في الأيام الأولى لمولد البنات ربما للتمييز بشكل واضح بينهن وبين المواليد من الصبيان. ومن أقدم الأقراط المعروفة زوج ينسب إنتاجه لسوريا في القرن الثاني أو الثالث للهجرة "8 - 9م." وهو يتخذ شكل الدمعة وقد نفذت زخارفه بواسطة أسلاك من الذهب شكلت بمحيط القرط على هيئة الجدائل المألوفة في الفنون الهلينستية ويلي ذلك إطار آخر من حبيبات متماسة وبوسط الإطارين تصميم زخرفي قوامه أوراق نباتية تمتزج مع رسم لطائرين متقابلين. وتميزت الأقراط السلجوقية التي اشتهرت هضبة الأناضول بإنتاجها بطابع خاص من الجمال سواء من حيث أشكالها التي غالباً ما اتخذت شكل الدائرة المنقوصة في طرفها العلوي أو من حيث استخدام رسوم الطيور والكائنات الحية في تزويقها بالمينا ذات اللون الأزرق الفيروزي وقد تركت مثل تلك الأقراط أثراً واضحاً على إنتاج الحلي في أوروبا خلال العصور الوسطى. وتظهر مجموعة الأقراط الإسلامية المتوفرة بالمتاحف العالمية والمجموعات الخاصة ميلاً واضحاً لاستخدام الأشكال الهلالية والتي تعرف في بعض الأوساط الشعبية باسم "المخرطة" وقد شاع ذلك الشكل تحت تأثير التصميمات الفاطمية بكل من مصر والشام ومن أمثلة ذلك زوج أقراط من الذهب تمت صياغته بالتحبيب والأسلاك الذهبية والتخريم أيضاً وقد ازدان بثمانية رؤوس ذهبية تراعي قوس الهلال بدقة مع استخدام سلك ذهبي عند كل طرف لتسهيل تعليق القرط بالأذن. وقد عرف المغرب وخاصة في عهد الموحدين إنتاج أشكال خاصة من الأقراط الذهبية التي تتألف من سلك ذهبي يلتقي طرفاه عند شحمة الأذن فيما تزدان المسافة بينهما بكريات ذهبية مصمتة وذلك للتغلب على رقة الأقراط التي قد تصاغ من صفائح ذهبية خفيفة الوزن. وتبقى القلائد والأقراط التي يظن أنها كانت تصنع غالباً كأطقم متوافقة التصميم من أهم ما أنتجه الصاغة من حلي بغرض تزيين أوجه النساء في ديار الإسلام شرقاً وغرباً. أقراط من الأندلس من الأندلس لدينا زوج من الأقراط الذهبية يعود للقرن السادس الهجري “12م” إبان حكم المرابطين أو الموحدين ويظهر هذا القرط الطابع الفني المميز للحلي الأندلسي الذي بدا قريباً إلى حد ما من تقاليد إنتاج الحلي الفاطمي. ويتخذ كل قرط شكل صفيحة مربعة من الذهب الضلع العلوي من الصفيحة مستقيم تماماً والضلعان الجانبيان يتخذ كل منهما هيئة نصف دائرة أما الضلع السفلي فيتخذ هيئة عقد مدبب وقد ملئت هذه الصفائح الذهبية بمادة المينا الزرقاء البراقة التي سجلت عليها بأسلاك ذهبية اقتباسات من سورة الإخلاص “قل هو الله أحد الله الصمد” بخط مغربي يجمع في سماته بين تقاليد الخطين الكوفي والنسخي.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©