الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

نور الدين قوانج: الخط العربي درة تاج الفن الإسلامي

نور الدين قوانج: الخط العربي درة تاج الفن الإسلامي
24 يوليو 2012
مجدي عثمان (القاهرة) ـ عندما كان طفلا في العاشرة من عمره، رأى لوحة معلقة بجدار دارهم في غاية الجمال ذات خطوط سوداء على ورق أحمر اللون، ولما سأل والده “ما هذه اللوحة” أجاب “إنها البسملة” ففتن الحاج نور الدين مي قوانج جيانغ بالخط العربي في تناسق وانسياب حركة الحروف في تلك اللوحة، ومنذ ذلك اليوم تولد داخله عشق لفن الخط العربي، مؤكداً أنه بالرغم من مشاهدته للوحات كثيرة من قبل فإن تلك اللوحة قد حركت الفنان بداخله. ويقول نور الدين إنه نظرا لولادته ونشأته في مقاطعة شان دونج في قرية خان في شرق الصين لم تتح له الفرصة للالتقاء بمعلمه الشيخ محمد سعيد، إلا عندما بلغ العشرين من عمره، وقد كان للشيخ أثر كبير في حياته، حيث أخذ عنه علوم الدين الشرعية والإسلامية، وكذلك علم الخط العربي، وكان الشيخ يسكن في مقاطعة مانجوليا الداخلية ذات الحكم الذاتي، في مدينة حرار في أقصى شمال الصين بجوار روسيا، فكان يقطع رحلة طويلة تستغرق يومين بالقطار. محطتان أما في مصر فكانت هناك محطتان في تعلم الخط العربي والزخرفة الإسلامية، الأولى بدأت في منزل أستاذه ومعلمه الخطاط محمد السعيد رمضان مشرف مدرسة تحسين الخطوط العربية بمدينة السادات بمحافظة المنوفية لمدة عامين، ثم التحق رسميا بالمدرسة في أوائل عام 1993 لمدة اربع سنوات حصل بعدها على الإجازة، وقد كان سعيدا لكون أن اثنين من أبرز من شكلوا حياته الفنية كانا يحملان نفس الاسم محمد سعيد احدهما في بلده الصين والآخر في مصر، وانه كان محظوظا إذ تعلم على ايدي أساتذة عظام في جمعية الخط العربي المصرية مثل خضير البورسعيدي، وعثمان توني، وحمام، وصبري، وقد تم منحه عضوية فخرية مدى الحياة في الجمعية. ويضيف: بما أن القرآن انزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم في مكة والمدينة، وانه كتب في تركيا، وقرأ في الأزهر الشريف بمصر، كان لابد أن اذهب إلى مدينة اسطنبول في تركيا عام 2008 لإتقان فن خط الثلث والنسخ علي أيدي الأساتذة العظام حسن الجلبي وداود بكتاش. ويقول نور الدين: في عالمنا المعاصر تنزلق أشكال الفنون القديمة في شقوق الزمان، ولذلك لا يمكننا أن نترك الكنوز الفريدة في التاريخ أو نتناسى هذا التنوع الرائع من الفنون التقليدية، والخط العربي – درة تاج الفن الإسلامي ونتاجه التاريخي- هو أحد أشكال التعبير الفني التفصيلي، من بين الأنماط الخطية الباقية في عالمنا اليوم، كما تمثل الأعمال الخطية العربية التي ابتدعها الخطاطون الصينيون المسلمون من أسلافنا اتحادًا جماليًّا بين الفنون الصينية والإسلامية، فهي خلاصة الحكمة المشتركة بين آبائنا المسلمين. وأوضح أن الخط العربي التقليدي هو الذي يمثل بحق الفنون الإسلامية في الصين، فالأعمال متوازنة بالرغم من وجود بصمات شخصية لكل فنان بنسب متفاوتة. مسؤولية يضيف نور إنه كخطاط صيني مسلم فإن لديه إحساسًا عميقًا بمسؤولية ترويج ونشر هذا الفن المركب من ميراثهم الثقافي النفيس، وأن هذا سيمكِّن العائلات الإسلامية من امتلاك أعمال فنية ذات جاذبية عالية، ويمكِّن آخرين من إدراك وتجربة هذا الكنز التراثي الغني والقيم، كما يعمق فهمهم للإسلام. ويوضح نور أنه بعد انتشار الإسلام في الصين وضع الصينيون المسلمون بصمتهم الشخصية من الخط الصيني على الخط العربي التقليدي، والذي يمثل في الصين جوهر الأداء الفني في أجيال من الخطاطين، واندماجًا ثقافيا فريدًا بين الثقافة الصينية والفن الإسلامي، كما أن الأدوات التي تستخدم في إبداع الخط العربي التقليدي في الصين تشكل أساسًا لتصنيف التقنيتين الكبيرتين في الكتابة التقليدية، وأولاهما الكتابة بالفرشاة الصلبة حيث يستخدم الخطاط قطعة قلم من البامبو أو قطعة خشبية أو قطعة من العظم، وفي الطريقة الثانية يستخدم الخطاط الفرشاة اللينة المصنعة من الصوف أو الشعر أو الألياف النباتية لإنجاز كتابته، بينما يستخدم الخطاطون اليوم القلم. وأضاف أنه يمكن تقسيم الكتابة العربية الصينية إلى ثلاثة أقسام أو مدارس، طبقًا للمنطقة الجغرافية، شمالا وجنوبا وغربا، كما يمكن تصنيف كل من هذه المدارس الثلاث بحسب الخط وكيف يبدو، وتشمل هذه الخطوط أو الأنواع تقليد الخان الإمبراطوري، خط الشرف “بانج شو” و الخط الطوماري “تو ما ري” لرسم الحروف القرآنية، والخط العربي المقوس للكتابة على الأشكال المقوسة. وأشار نور إلى أن آليات التبادل الثقافي بين الثقافتين العربية والصينية هي إعادة الكتابة، وقد انضم إلى قائمة الخطوط الصينية أخيرًا خطا الديواني والثلث، وصارت لهما شعبية لافتة. وقال نور إنه بعد عودته من مصر عام 1999 بدأت تراوده فكرة دمج الخطين الإسلامي العربي والصيني، ومن هنا وضع لنفسه نظاما خاصا لكتابة آيات الذكر الحكيم، حيث كان ينظر في الآيات ويستشعرها بجوارحه ثم يتخيلها بعقله ثم يمزجها بإبداعات فن الخط الصيني، وأنه بالطبع كانت هناك بعض الصعوبة بهذا الدمج حيث انه لا يوجد تشابه في المعنى في معظم الحالات، ولذلك ينوي كتابة المصحف الشريف بالخط العربي، حيث أنه لا يستحب كتابته بغيرها، ورسالته التي يؤمن بها والتي يسعى جاهدا من اجلها هي نشر الخط العربي التقليدي والخط العربي بالأسلوب الصيني في أنحاء الدنيا وليس الصين فقط للحفاظ على هذا الفن البديع من الضياع والاندثار. ويضيف نور الدين أنه من أجل ذلك تم التخطيط والتحضير لتأسيس البيت الصيني في تشنغتشو، مقاطعة خان منذ عام 2000، وافتتح رسميا عام 2009 ويسمى “قوانج جي ده” أو البيت الصيني لفنون الخط العربي الإسلامي، وكمنظمة أكاديمية يقوم البيت الصيني بتدريب خطاطين محترفين لإتقان الخط العربي وعمل الأبحاث وجمع المخطوطات الصينية القديمة للقرآن الكريم. تأسيس مركز إبداع الخط العربي عن تدريسه بجامعة العلوم الإسلامية بمدينة تشنغتشو قال نور إنه وهب لها كل خبرته العلمية والعملية، كما أنه منذ عدة سنوات بدأ فصلا دراسيا مجانيا يوم الأحد من كل أسبوع لمدة 5 ساعات لتعليم الخط العربي بمسجد باي شيا جاي في مدينته، حتى وصل عدد المتدربين إلى اكثر من مئة وعشرين طالبا وطالبة ما بين سن الثانية عشرة إلي الثمانين، وقبل شهرين تم تأسيس مركز إبداع الخط العربي للمعهد الوطني للرسم والخط بمقاطعة خان أي في مدينته للحفاظ على هذا التراث من الاندثار.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©