الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

رمضان مدارس

24 يوليو 2012
يعرف أغلب الرجال بنفورهم من التسوق، والوقوف طويلا في صفوف المحاسبة، لكن خلال الشهر الكريم يختلف الأمر، وهذا ما لاحظته خلال اليوم الأول من شهر رمضان، بحيث غصت إحدى الجمعيات التعاونية، بجموع كبيرة من الرجال الذين قادوا عربات السلع، وتجولوا بين أرففها يبحثون عما أُدرج في لوائح طويلة من الواضح أن كتابها نساء، مما جعل حركة السير بين صفوف المؤن تصعب، كما أدى الضغط على المواد إلى نفاد بعضها بسرعة كبيرة، ولم تنفذ السلع فحسب، بل عربات التسوق الكبيرة منها والصغيرة، مما جعل البعض يحمل الأغراض بين يديه، وهذا الاكتظاظ جعل الحرارة ترتفع في المكان، أما المحاسبة فشكلت مشكلة كبرى، بحيث وقف الجميع ساعات طوالا قبل أن يصل دورهم. واضطر كل داخل للجمعية لاقتناء مواد بسيطة، أن ينتظر ساعات طوالا، والغريب في الأمر أن هناك من يجر أربع عربات، بحيث صحب أولاده وخادماته ليتكفل كل منهم بدفع عربة، فأين كان هؤلاء؟ هل نفدت مؤونة بيوتهم في يوم واحد؟ أو هو الصوم يدفع للتسوق بهذه الشراهة الزائدة؟ فكيف يمكن تغيير هذه الثقافة الاستهلاكية خاصة في هذا الشهر الكريم؟ ولملاحظته لهذه الصور المجتمعية خاصة في هذا الشهر الكريم،علق أحد الأشخاص أن رمضان يشكل مدرسة للإنفاق، ومدرسة لتوازن الجسم، ومدرسة أيضاً للسمو بالروح، بحيث يتنظف اللسان، وتلهج الروح بذكر الله وتتعلق بطاعته خشية وطمعا، تعمر المساجد وتكثر الحسنات، وترق القلوب، لكن تصرفات بعض الناس وخاصة في مجال التسوق، وما يرتبط بها من ولائم، ووفرة الأطباق، والسهر من أجل الأكل ومتابعة البرامج، والنوم نهارا، يجعل البعض يفرغ الصوم من معانيه السامية. وبشكل عام فالشهر الكريم يشكل فسحة للروح يتوجه فيها الجميع لله، من يصلي زاد في صلاته، ومن لم يصل يوما فكر فيها وحاول، ومن لا يتصدق بسط يده للخير والجود، ومن ابتعد عن أهله وصل الرحم، فانكفأ الشيطان على وجهه، تكبلت أوصاله حديدا، وانعقد لسانه، فتأجج غضبه وأقسم أن يرجع الناس بعد نفحات الخير لما كانوا عليه، هناك من يأبى ويروض نفسه على الخير الدائم، وهناك من ينساق وراءه بعد انصرام الأيام ليسعى وراءه جاثيا على قدميه يسوقه للرذيلة، وينكب عليها يغرف منها بولع وشغف. فهل نُوزع نفحات الشهر الكريم على أنفسنا ونتركها تعمر دواخلنا فنحجم عن السوء طوال الأشهر الكرام الأخرى فنسمو بأنفسنا وأرواحنا ونحرق الشيطان غضبا ونقتله مرات ومرات بمروءتنا، تظل الألسنة عصية على ذكر الأثم، وتصوم الأنفس عن العصيان، تمد اليد لتزرع بذرة خير، تتبرع ولو بشق تمرة، ينمو الحس النظيف في دواخلنا ويكبر، ينساب الجميع نحو التصدق والتراحم والتوادد، شهر ينسحب على كل الشهور، تبسط الرحمة في القلوب، وتغسلها من آثامها.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©