الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

كردوس العامري: المجالس الرمضانية مدرسة عَلّمتنا العادات والتقاليد

كردوس العامري: المجالس الرمضانية مدرسة عَلّمتنا العادات والتقاليد
24 يوليو 2012
في حديثه عن الذكريات الرمضانية قال اللواء الركن متقاعد محمد بن كردوس العامري إن شهر رمضان المبارك كان في أيام طفولته يختلف تماماً عن هذه الأيام، وذلك لأسباب عدة، منها عدم توفر وسائل اللهو الحالية بمختلف مسمياتها والمؤثرة تأثيراً مباشراً على الأجيال الجديدة، خاصة أن الوسائل الموجودة حالياً كانت غائبة آنذاك، فكان الشباب يتقيدون بالبرامج التي يضعها الأهل، منذ بدء الصيام حتى نهاية شهر رمضان الكريم، فتجد الأطفال على مختلف أعمارهم دائماً في مجالس الآباء الرمضانية ينهلون من العلم، المعرفة، العادات، التقاليد، خلال هذا الشهر الكريم. قال اللواء الركن متقاعد محمد بن كردوس العامري, إن هذا الشهر يتميز بمختلف العبادات من قراءة قرآن، سماع الأحاديث الشريفة، أداء الصلوات في وقتها، ولاشك أنه يتخلل هذه الأوقات خاصة في ساعات المساء بعض الترفيه المحدود، منتقداً زيادة استخدام بعض الشباب للوسائل الحديثة التي تطالعنا يوماً بعد يوم، ما يؤثر بشكل مباشر على أداء بعض العبادات خاصة الصلاة في وقتها أثناء شهر رمضان، كون الشباب يسهرون ليلهم حتى صلاة الفجر، وتراهم في المسجد بعدد لافت، ولكننا بعد هذه الصلاة نجد العدد يتناقص حتى صلاة المغرب والبعض قد يصل به التراخي عن الصلاة بالمسجد إلى تأجيل صلاة العشاء، والتلهي عنها بالخروج مع أصدقائه أو متابعة شاشات التلفزيون. وقال إن هذه الظواهر تعتبر من سلبيات العولمة ووسائل الترفيه التي أصبحت في متناول الجميع، ونصيحتي لنفسي، وإلى الآباء، الحد قدر الإمكان من «الانفلات الترفيهي» خلال العطلة الصيفية والحرص على شغل الأبناء بما يعود عليهم بالمنفعة. باب اللقاءات ودعا إلى فتح باب اللقاءات خلال المجالس الرمضانية مع جميع شرائح المجتمع على مستوى العائلة والجيران كي يستفيد الأبناء من خبراتنا في الحياة، خاصة أن شهر رمضان شهر رحمة ومغفرة وعتق من النار، فهو شهر من الأشهر التي يفرح بها المسلمون في ربوع أرض الله، وله طقوس دينية يهتم بها المسلمون، ومنها الصلاة في أوقاتها، قراءة القرآن، الصدقات، كثير من الناس يذكر في رمضان، زيارة الأرحام، فتح أبواب الخير من مجالس رمضانية وخيم رمضانية للفقراء والمساكين في مختلف أنحاء الإمارات وفي كثير من دول العالم. وأضاف: في رمضان يتسابق الناس إلى عمل الخير بشكل ملحوظ ومشجع وفيه تقضي حوائج كثير من الناس والمحتاجين، والفرق فيه وبين الوقت السابق أن الوقت السابق كانت وسائل الاتصال محدودة، ولكن كانت المحبة موجودة، وكانت العلاقة أقوى بكثير لأن الناس كانوا يحبون بعضهم بعضاً في الله والتعاون بين المسلمين أكبر بكثير من هذه الأيام، هذه الأيام ازداد الخير بشكل ملحوظ، وأصبح الكثير من الناس لا يحتاج الآخر، وعليه أصبحت كثير من العادات والتقاليد محدودة جداً ولا أريد أن أقول شبه مقطوعة. شهر الطاعة وكما دعا إلى تجنب الناس لإضاعة أوقاتهم في سهر غير محمود، ما يؤثر على الذكر والتقرب من الله، وعدم استغلال شهر رمضان بشكل مفيد، كونه فرصة لأي مسلم أن يغتنم هذه الأيام في ذكر الله والعمل الصالح، خاصة وأن هذا الشهر تتضاعف فيه الحسنات، فهو شهر اختصه الله سبحانه وتعالى المسلمين فيه بفيض كرمه وهو ما يؤكده الحديث الشريف أن تتسابق على عمل الخيرات كون الأجور فيه مضاعفة (الحديث القدسي) “كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فهو لي وأنا أُجزي به”. رواه الإمام البخاري. وبين العامري أن كثيراً من شرائح المجتمع تلهو في أمور تبعدهم عن الذكر مثل اللعب ومشاهدة المسلسلات والركون إلى المقاهي والتدخين، وشدد على أن هذا الموسم الرمضاني الكريم هو موسم اختص الله المسلمين وأهداهم إياه فضلاً منه ورحمة، فيجب على الجميع اغتنام هذه الفرصة وعدم تضييعها بالجلوس إلى التلفزيون والمنافسة في تضييع الوقت بوسائل شتى. ودعا بن كردوس العامري المقتدرين في هذا الشهر الكريم أن يمدوا يد العون إلى كل من هو محتاج لقمة عيش أو زيارة مريض في مستشفى أو دعم الهلال الأحمر، وعليهم مشاركة الحكومة في عمل الخير خارج الدولة وداخلها. وقال: “أحث أخواني المقتدرين وأنا أولهم لعمل زيارات ميدانية لبعض الأماكن التي يتواجد فيها محتاجون ومد يد العون لهم لأن كثيرا من الشرفاء يحتاجون للقمة العيش والمائدة، لكن لا يمدون أياديهم إلى الآخرين تعففاً وحشمة، علينا تحري من هو المحتاج الحقيقي للمساندة ومد اليد إليه ورفع المعاناة عنه، وما لاحظناه مؤخراً من الدعم الإماراتي لأبناء اليمن الشقيق لدليل واضح على الدعوة إلى عمل الخير للجميع، خاصة لأبناء العروبة والإسلام. أساليب التربية وعن اختلاف أساليب التربية والتدريب على الصيام في الماضي عن الحاضر، ذكر أن تربية الأبناء في الماضي تختلف تماماً عن تربيتنا الآن لأولادنا، كون آبائنا أهل حكمة وصبر ودائماً يواجهون الظروف التي يمر بها الطفل، دون أن يكلفوه أكثر من طاقته، إلى درجة أنهم يشجعونه على الصيام في سن مبكر، وإذا رأوا أن الصوم قد يصعب عليه، يقولون له: يمكن أن تفطر شرط أن تكمل غداً مع الاحتفاظ بهذا السر دون أن يعلم الآخرون، وذلك يعتبر نوعاً من التشجيع كونك تعلم أن والدك يدري بموضوع إفطارك، وحتى إذا أحس أنك أفطرت من خلفه، يتصرف وكأنه لم يعلم شيئاً، لكنه يشير إلى الموضوع عن بعد. وقال اللواء الركن محمد بن كردوس العامري: كنا نسمع كلمة «الرجل يصوم مثل الرجال، ومن ليس رجل يفطر، ويعتقد أن الناس لا يدرون، ولكن هناك من يدري وهو الله»، وهي كلمات قليلة، لكن لها تأثير في النفس والتدرب على الصيام، حتى يبلغ سن الصيام ومن ثم يتم التشديد على هذا الموضوع، فلا يوجد أي تهاون من قبل أولياء الأمور. وحول الألعاب الشعبية التي كانت تتم ممارستها آنذاك، قال العامري إن أكثر لعبة كان يلعبها تسمى لعبة “عظيم سري”، وكانت تتم كالتالي: تؤخذ عظمة صغيرة في الليل، فيرميها واحد منا في أي مكان، فيذهب الفريق للبحث عن هذا العظمة، وعندما يعثر عليها أي واحد منا يحاول أن يأخذها بطريقة سرية دون أن يلفت انتباه الآخرين أنه يحملها في يده، ثم يصيح بأعلى صوته “عظيم سري” منطلقاً بسرعة إلى المكان الذي رماه صاحبه منه فيحاولون الإمساك به، وأخذ العظم منه والذهاب به إلى نقطة الرمي، وهكذا تستمر اللعبة إلى أن تنتهي في وقت متأخر. وأكد العامري أن الافطار في البيت دائماً له سمة تختلف عن أي مكان نتناول فيه الإفطار ودائماً يحاول الفرد أن يفطر في منزله حيث تسود الروحانيات حين يكون رب الأسرة في رأس الطاولة يرحب بالضيف ويحترم الصغير والكبير فيكون له طابع خاص عن أي طاولة خارج المنزل كما أن إفطار الإنسان في بيته له إيجابيات عديدة أولها المحافظة على الصلاة في الجماعة ومن ثم العودة إلى تناول إفطاره. إلى ذلك ذكر أن أصعب أيام الصيام التي مرت عليّه في حياته في رمضان، حين كان طالباً في الكلية بمدينة العين، وكان رمضان شديد الحرارة في شهر يوليو وخرجوا في يوم تدريبي من الفجر وكان يوماً شاق جداً نظراً لحرارة الجو وكوننا صائمين، وعدنا في الظهيرة، وكان جو العين يتسم بهواء يسمى اللاهوب (الحر)، فرجعنا في حالة يرثى لها من العطش الشديد، وكانت الوسيلة الوحيدة أن نأخذ الغطاء الموجود على السرير (الشرشف) ونبلها في الماء ونحاول أن نضعها على أجسامنا وعندما تجف نبللها مرة ثانية وثالثة ورابعة إلى أن أتى الله بأذان المغرب وأفطر من أفطر وصام من صام في تلك الدفعة، ولكن الحمد لله الذي أتم صيامي أنا وبعض زملائي في ذلك اليوم الصعب. أكفأ الصيادين وبالغوص في ذكريات اللواء الركن متقاعد محمد بن كردوس العامري، تحدث عن واحدة من رحلات الصيد التي قام بها في جمهورية التشيك، حيث أبلغه أحد أصدقائه من دول مجلس التعاون الخليجي، بأن هناك شركة تشيكية تؤمن المكان، وبندقية الصيد وتذهب في رحلة الصيد بمرافقتهم، وهي شركة مختصة في مجال الصيد وتقوم بتنظيم الصيد في أماكن مخصصة للصيد من قبل الحكومة التشيكية. وتابع العامري: ذهبت برفقة صديقي عبدالعزيز الخلوفي من دبي وصديق من البحرين وذهبنا إلى غابة كثيفة الأشجار وبها طرق وعرة لكنها كانت مهيأة للصيادين ومجهزة بأبراج خشبية يتم الانتظار في هذه الأبراج حتى مرور حيوانات الصيد، فذهب معنا قناص من جمهورية التشيك وزودنا ببندقية صيد خاصة عليها منظار وتم تشكيل فريقين، الأول منى أنا وعبدالعزيز الخلوفي، والمرافق التشيكي، والفريق الآخر من صديقي البحريني ولديه مرافق. وبعد أن تم تسلق برج الصيد من قبلي وقبل الفريق الذي معي تم الانتظار ما يقارب من نصف ساعة فرأينا أحد الحيوانات يهبط من رأس الجبل في اتجاهنا وعندما اقترب منا تم رميه وتمكنت من صيده وذهب التشيكي لإحضاره من رأس الجبل، وتم ذبحه من قبلي على الطريقة الإسلامية، وقام التشيكي بفتح بطنه، ووجد الرصاصة قاسمة قلبه إلى قسمين فكان عند التشيك عرف إذا استطاع الصياد أن يضرب هذا المكان يأخذ جائزة من الشركة ويضعون على رأسه غصناً من الشجر ويقومون بتصويره ووضعه معهم ضمن أكفأ الصيادين وكانت جائزة رمزية. وفي سياق تعرضه للتغيرات الاجتماعية التي حدثت في المجتمع خلال السنوات الماضية، ذكر العامري أن أحد الكبار كان ذاهباً إلى المدينة لقضاء مصلحة، فوجد عاملاً في مطعم يدعو الناس للدخول وتعجب من كرم هذا الشخص ولم يكن يدري حينها، أن هذا مطعماً يبيع المأكولات بمقابل مادي، كون هذا الشيء لم يكن معروفاً لديه أو في المجتمع الإماراتي بصفة عامة، غير أن المطاعم الآن أصبحت ضرورية فرضتها الحياة لأنها تساعد على تنظيم حياة كثير من العوائل والناس وكثير منهم ينظرون اليها من جانب اقتصادي وإنها أوفر لهم. شهر العمل والعبادة وجه العامري رسالة مفتوحة قال فيها: كم من شخص صام رمضان الماضي ولم يصم هذا العام، أين أصدقائنا الذين كانوا معنا وكثير من الأقارب، اليوم نصومه وحدنا، علينا اقتناص هذه الفرصة ولا نضيعها، موضحاً أن رمضان شهر عمل، حيث كان الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته يجاهدون في هذا الشهر المبارك ولا ينامون فيه بعكس ما يفعله الكثيرون هذه الأيام، فيعتبرون رمضان شهر نوم وكسل. وقال: عليك أن تبرمج نفسك كي تستطيع أن تؤدي هذه العبادات وأنت معافى وبصحة جيدة بعيداً عن السهر غير المحمود، أليس أولى أن تقوم في الليل لصلاة التهجد خير من السهر أمام شاشات التلفزيون والمسلسلات والقيل والقال. إضاءة قال اللواء الركن محمد بن كردوس العامري إنه بالإعلان عن رمضان كانت تسود الفرحة، وفي هذه الليلة لا ينام الناس إلا قليلاً ويسهرون حتى السحور، ويفرح الأهل بجمع زاد رمضان ويكون هناك احتفال خاص بهذا الشهر الكريم. وأضاف: نحن كأطفال دون سن الصيام كنا نجتمع، ويحضر كل واحد من بيته أحد الأطعمة ونقوم بعمل وجبة جماعية لنا، كما كنا نقوم بتحضير السفرة مع الأهل، وخدمة الصائمين التي كنا نعتبرها من واجباتنا كأطفال، ونتباهى بها.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©