الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بنغازي قبلة للاجئين السوريين

بنغازي قبلة للاجئين السوريين
3 يناير 2012
حتى وهي تتعافى من آثار الحرب الأهلية المدمرة، تتحول ليبيا بسرعة في الوقت الراهن إلى ملاذ للآلاف من اللاجئين الهاربين من نزيف الدماء في سوريا حيث تشهد مدينة بنغازي الواقعة في شرق البلاد، والتي مثلت نقطة انطلاق الجهد الرامي لإطاحة الزعيم الليبي الراحل القذافي وصول حافلات مكتظة قادمة من سوريا بشكل يومي. ويقول محمد جمال رئيس الجالية السورية في المدينة: "إن هناك 4000 عائلة سورية لجأت إلى مدينة بنغازي خلال الأسابيع القليلة الماضية وهو عدد يتزايد يوماً بعد يوم". ويضيف جمال: "تصل الحافلات يوميّاً وهي مكتظة عن آخرها وتعود خالية تماماً، وقد زاد عددها فبعد أن كان المعدل حافلتين في الأسبوع أصبح الآن حافلتين في اليوم". والعائلات السورية اللاجئة تصل إلى بنغازي بعد رحلة شاقة تعبر فيها حافلاتها من سوريا إلى الأردن في البداية، ثم من الأردن إلى مصر بحراً عبر ميناء نويبع، ثم تقطع الطريق عبر شبه جزيرة سيناء وقناة السويس إلى الطريق الساحلي المحاذي للبحر الأبيض المتوسط للوصول إلى الحدود الليبية ثم الدخول بعد ذلك إلى مدينة بنغازي في أي ساعة من ساعات الليل والنهار. والعائلات السورية تصل إلى مدينة مرهقة ما زالت القمامة التي لم يتم جمعها تملأ طرقاتها، كما لم تفتح مدارسها سوى مؤخراً، ولم يبدأ سكانها في العودة للعمل إلا منذ فترة قريبة، وتذيع محطة إذاعتها إعلانات متكررة تحذر فيها السكان من خطورة التقاط أي جسم غريب سواء كان قنبلة أو صاروخاً أو قذائف دبابات ما زالت متناثرة في كل مكان بعد أن انتهى القتال. وعلى رغم الظروف الحالية في المدينة وفي البلاد عموماً فإن السوريين يقولون إن ليبيا تعتبر واحدة من الدول التي يمكن أن يشعروا بالأمان فيها حقاً. ويفصّل أحد اللاجئين السوريين موضحاً ذلك: "إن ليبيا حرة الآن فليست هناك شرطة سرية تعد عليك حركاتك وسكناتك". ويضيف هذا اللاجئ الذي كان خائفاً إلى درجة أنه رفض ذكر اسمه: "لقد أنجز الليبيون ثورتهم وسيساعدوننا الآن على إتمام ثورتنا". يشار في هذا السياق إلى أن الحكومة الليبية الوليدة التي كانت أول حكومة تعترف رسميّاً بالمجلس الوطني السوري، قد أعلنت عن استعدادها لاستقبال لاجئين من سوريا. ومعظم العائلات الهاربة من سوريا والساعية للجوء لليبيا هي من معارضي حكومة الأسد ويخشى أفرادها أن يتم القبض عليهم إذا ما ذهبوا إلى أقرب بلد لسوريا وهو لبنان، لأن الائتلاف الحاكم هناك يحتفظ بعلاقات ودية مع النظام السوري، كما يخشون أيضاً الذهاب إلى تركيا والأردن بسبب نشاط رجال الاستخبارات السورية الذين تسللوا إلى هذين البلدين. وفي الوقت الراهن يتم تجهيز صفوف من البيوت المتنقلة في معسكر كان يأوي ما يقرب من 120 ألف شخص من النازحين من مناطق احتدام القتال في ليبيا، ومن المهاجرين الفارين ممن كانوا ينتظرون السفر لبلادهم ومعظمهم من الأفارقة الذين كانوا يخشون على حياتهم بسبب انتشار شائعات بأنهم كانوا يقاتلون في صفوف كتائب القذافي. ويقول إبراهيم عصفور الذي يشرف على إدارة المعسكر المذكور بالنيابة عن الهلال الأحمر الليبي: "لدينا 35 عائلة سورية هنا ونتوقع استقبال المزيد". ومع ذلك هناك عائلات سورية كثيرة أخرى تخشى تسجيل بياناتها للحصول على مساعدات من منظمات الإغاثة. ويقول جمال رئيس الجالية السورية في بنغازي، الذي سبقت الإشارة إليه، إنه يستخدم الأموال التي تبرع بها ليبيون متعاطفون مع آلام اللاجئين السوريين، وسوريون كانوا يعيشون في بنغازي من قبل، في استئجار شقق لبعض تلك العائلات، ولكن نظراً لأن أعدادها في تزايد فإن مسألة الإيجار تزداد صعوبة باستمرار. ومعظم العائلات السورية التي تصل إلى بنغازي جاءت من مدينة حمص التي أنهكتها المعارك، وكذلك من مدن أخرى تقع في مناطق مضطربة. وقد وصف رجل وصل إلى بنغازي منذ أربعة أيام المحنة المروعة التي مرت بها عائلته جراء احتدام الصراع في تلك المدينة (حمص)، فقال إن عائلته، المكونة منه وزوجته وأربع بنات وطفل لا يزيد عمره عن عامين، كانت تعيش في منزل يقع على خط التماس بين منطقتين سكنيتين تقطن إحداهما عائلات من الطائفة العلوية وتسكن الأخرى أغلبية سنية، وإن تفاقم الصراع بين الحين والآخر جعله خائفاً على مصير أسرته. وعلى رغم أنه كان لا يغادر بيته إلا قليلاً لشراء الاحتياجات الأساسية لعائلته فقد كان قلقه يتفاقم، لأن الوضع كان يزداد سوءاً باستمرار إلى أن قتل عم له يعيش في حي مجاور أثناء قصف على حيه بقذائف الهاون وحينها قرر هو مغادرة المدينة، حتى لا يلقى هو أو أحد أفراد عائلته الصغيرة المصير نفسه. وقبل الحرب الأهلية الليبية كان هناك الآلاف من السوريين يعيشون ويعملون في ليبيا، ويقـدر الهـلال الأحمر الليبـي عددهـم بـ 12 ألف شخص عندما بدأت الحرب. ويقول "زياد دريسي"، منسق شؤون اللاجئين في الهلال الأحمر الليبي: "إن العديد من هؤلاء غادروا ليبيا عندما بدأت الحرب وهم يعودون الآن ويحضرون عائلاتهم معهم". ويؤكد العديد من اللاجئين السوريين الجدد أنهم قد خططوا للبقاء في ليبيا مع الأقارب والمعارف. ويقول رجل من حمص كان يقوم بتفريغ بعض المتعلقات الشخصية من حافلة وصلت إلى ليبيا توّاً قادمة من سوريا: "لقد عملت في ليبيا منذ 20 عاماً... والعديد من الأشخاص الذين كنت أعرفهم حينها ماتوا بحكم السن أو قتلوا في الحرب الليبية، ولكن لحسن الحظ فبعض الأصدقاء الذين أعرفهم ما زالوا أيضاً على قيد الحياة". روث شرلوك - بنغازي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «أم. سي. تي إنترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©