الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المجتمع المفتوح... أهوّ حلم؟

23 يوليو 2012
بعد 65 سنة من تأسيسها، عقدت جمعية مون بيلران أول اجتماع لها في العالم العربي. فهل أصبحنا أخيراً، بفضل "الربيع العربي"، نعيش في سياق عالمي؟ هل أصبحنا أمة تتقاسم كثيراً من التصورات والرؤى مع الأمم الحديثة؟ لقد جاء مفكرون، وسياسيون، وأدباء... من مختلف بقاع العالم كي يتناقشوا مع أصدقائهم في العالم العربي حول "الحرية، الكرامة والمجتمع المفتوح". طوال أربعة أيام في أبريل 2012 في مدينة فاس المغربية. لا أحد يستطيع أن يتجاهل أن رؤية الآخر للعرب تغيرت، وأن أسئلة كثيرة تطرح حول ما ينتظرونه من المستقبل، وما هم قادرون على فعله من أجل وطن عربي حر. ويبقى الواقع العربي مفتوحاً على كل الاحتمالات، ومنها الرجوع إلى حقبة ديكتاتورية جديدة، تحت مسميات أخرى. لكن لا أحد يستطيع الجزم بأنه ليس بالإمكان القيام بأشياء مهمة لصالح المستقبل. لقد عاش الشباب العربي طوال ستين سنة في ظل ديكتاتوريات تحتكر الحديث باسم الديمقراطية والحرية والعدالة والوطنية. الآن اكتشف الجميع أن ذلك زيف. علينا أن نتأكد أن الحرية هي فقط الحرية التي يتحدث عنا الأفراد. هم فقط من يعرف إن كانوا أحراراً أم لا؟ في خطاب افتتاح أشغال اجتماع مون بيلران، أوضح الرئيس التشيكي فاتسلاف كلاوس أننا "لا نرجع إلى الحرية بمجرد أن ينهار نظام"، كانت مقوله "الهدم أيسر من البناء" رائجة منذ فترة طويلة، لكن لم يكن أحد يجرؤ على الهدم؛ هدم الديكتاتورية الصلبة المحروسة بالمخابرات والبوليس والعسكر والدعم الخارجي. إن البناء الآن أيسر بعد أن تهدم الصرح القديم. إن بناء ليبيا جديدة يجب أن يكون على أرض خالية من استبداد القذافي. وبناء تونس حديثة وديمقراطية وتعددية، لم يكن ممكناً بوجود مافيا بن علي. لم يكن أي أحد قادراً على التصرف في هذين البلدين. إن إمكانية التظاهر ونشر الأفكار في هذين البلدين في الوضع الحالي يجعله أفضل كثيراً من السابق، حيث الصمت العام والرقابة والحظر. حضر شباب من معظم الأقطار العربية، يحملون مشاريع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان. لقد رجعت روح المبادرة لشباب فقدوا لمدة طويلة أي أمل في المساهمة ببناء مجتمع حر. إن ذلك لوحده ثورة. بعد أن كانت الهجرة الشرعية وغير الشرعية حلا وحيداً لإنقاذ الأفراد والبحث عن فرصة للعيش بكرامة في البلاد البعيدة، ها هم الآن يرجعون بمشاريع ويناضلون على طريقتهم الخاصة. هذا كله لا ينفي وجود عيوب ونواقص يجب درؤها. فالمستوى الثقافي والفكري لبعض الشعوب لا يسمح ببناء مجتمع حر ديناميكي، وديمقراطية متينة. لذلك ينبغي تطوير الأسس الفكرية التي ستضمن استمرارية الثورة، إذ لا تكفي ثورة واحدة لتغيير الوضع العربي. ولا يمكننا تجاهل هذه النواقص دون اقتراف الخطيئة، والتي لا تعني شيئاً أسوأ من عودة الديكتاتورية. أينما توجه المرء في الأقطار العربية فإن الشباب يجهلون مفكريهم؛ إذ أعلنت الديكتاتوريات الحرب على المفكرين وعلى الكتب لمدة طويلة. كيف ستفرض الصمت العام لو لم يكن ذلك؟ لم تسمح سوى بانتشار كتابات وعاظ تقليديين، ثم شيئاً فشيئاً فقد الناس الصلة بالفكر. النتيجة هي أن أكثر الشباب حيوية فقد أية صلة له بمفكريه الكبار، فمعظم المصريين يكادون يجهلون الفيلسوف عبد الرحمن بدوي، ولا يهتم أغلب العراقيين بعالم الاجتماع علي الوردي، أما الجزائريون فنسبة كبيرة منهم لم تسمع قط باسم مالك بن نبي وهو أحد أكبر الإصلاحيين في القرن العشرين، والأكثر وفاء لروح ابن خلدون، وأحد تلامذته المتنورين. ينبغي للعالم العربي تجاوز هذا الوضع، إن هو أراد تنمية بلدانه وإرساء أسس مجتمع حر ومفتوح. كما ينبغي عليه ربط الصلة بالماضي المشرق لحضارته والاستفادة من كل التجارب الإنسانية. إن التاريخ يسير من دوننا لكنه، وكما يقول كارل بوبر، وهو أول من استعمل مفهوم "المجتمع المفتوح" في كتابه "المجتمع المفتوح وأعداؤه" (1945). لا شك أن القطيعة مع هذا التاريخ البائس، تستوجب التفكير في أجوبة لأسئلة آنية تفرضها اللحظة التاريخية من قبيل: ألا يجب على العرب التخلص من الأساليب القديمة واسترجاع روح المبادرة؟ ألا تنتظرهم أشياء كثيرة، لكنها ليست مستحيلة؟ ألا يجب أن يتولوا صنع مستقبلهم وأن يسلكوا جميع السبل كي يجعلوه حراً؟ رشيد أوراز باحث من المغرب ينشر بترتيب مع مشروع «منبر الحرية»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©