الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ألمانيا وتحديات أزمة «اليورو»

23 يوليو 2012
لدى القادة الألمان رسالة يودون نقلها إلى جيرانهم القلقين وهي: أن أزمة اليورو ربما لا تكون بذلك القدر من الشدة الذي يعتقده البعض. وهناك في الوقت الراهن جوقة متزايدة العدد من صناع السياسة الألمان تقول إن أمامها سنوات حتى تتمكن من حل مشكلات اليورو، حتى في الوقت الذي وصلت فيه تكلفة الاقتراض بالنسبة لألمانيا إلى ذرى مؤلمة، في مناقصة أجريت يوم الخميس الماضي، كما ارتفعت تكلفة الاقتراض بالنسبة لإيطاليا أيضاً. وبدون مساهمة ألمانيا فإن معاناة إسبانيا وإيطاليا ستتواصل على الأرجح، خصوصاً مع ضآلة التغييرات التي تتم في الخطوط العريضة للأزمة، ومع الخطر الدائم المتمثل في احتمال أن تؤدي الصدمة الاقتصادية، إلى إطلاق سلسلة من ردود الفعل التي قد تصعب على أوروبا السيطرة عليها، كما يذهب إلى ذلك العديد من المحللين. وعلى رغم ذلك، فإن ألمانيا تقول إن تلك المخاطر يمكن تدبرها والتعامل معها. وهذا المعنى ورد على لسان المستشارة الألمانية "أنجيلا ميركل" شخصياً في مؤتمر صحفي حضرته أخيراً وقالت فيه: "أنا واثقة من أن أوروبا قادرة على حل مشكلاتها". واستدركت ميركل قائلة: "غير أن هذا الأمر لن يتم بين عشية وضحاها". غير أن الشركاء الآخرين ليسوا على نفس هذه الدرجة من التأكد. فالقدرة على الوصول إلى المال تعد أمراً في غاية الأهمية بالنسبة للحكومات فيما يتعلق بتمكينها من العمل، نظراً لأن الأموال المقترضة تستخدم في دفع نفقات العديد من السلع الأساسية كما أن أصداءها سرعان ما تتردد في القطاع الخاص. وإذا ما تزايدت نفقات الاقتراض -وصلت تلك النفقات إلى ذروتها بالنسبة لإسبانيا في عهد اليورو، وإيطاليا قريبة منها- فإن المزايا المالية التي يمكن تحقيقها من خلال إجراءات التقشف الصارمة يمكن أن تضيع، إذا ما وجدت الدولة نفسها تدفع أقساط ديون قاصمة للظهر. أما إذا ما كانت نفقات الاقتراض منخفضة كما هو الحال بالنسبة لألمانيا وحلفائها من دول شمال أوروبا، فإنه يمكن في هذه الحالة للحكومات أن تركز على مشكلات أخرى غير الاقتصاد. والنهج الذي اتبعته ألمانيا في حل أزمة اليورو ظل بطيء الخطوة، حتى مع ازدياد عصبية وتوتر جيرانها المتأزمين الخائفين على مستقبلهم الاقتصادي. ويمكن للمحكمة الدستورية الألمانية أن تستغرق شهوراً في مراجعة مدى قانونية صندوق الإنقاذ الأوروبي الجديد، الذي يضمن للدول المتعثرة إمكانية الوصول للمساعدات. وقد بادرت قائمة طويلة من الخبراء الاقتصاديين الألمان بنشر رسالة هذا الشهر وجهوا فيها انتقاداً لميركل على قيامها بتقديم التزامات أكثر مما ينبغي لجيرانها الأوروبيين. ويقول القادة الألمان إن لديهم ما يكفي من الوقت لإنجاز خطط عظيمة تتعلق بالتكامل الاقتصادي الأوروبي. ويرى هؤلاء المسؤولون أيضاً أن تكلفة الإقراض بالنسبة لإسبانيا وإيطاليا ليست مرتفعة بالمقاييس التاريخية، وإن البلدين قادران على تحمل ارتفاع مؤقت في الفائدة لوقت طويل. وهم يؤكدون أن بعض الصرخات التي تنطلق هي من قبيل تكتيكات تفاوضية الغرض منها إخافة الألمان ودفعهم للعمل. وقال دبلوماسي ألماني كبير اشترط عدم ذكر اسمه حتى يتمكن من الحديث بصراحة عن سياسة حساسة: "منذ عشر سنوات أحالوا ألمانيا إلى الحافة باعتبارها رجل أوروبا المريض. أما الآن فإنهم يتوقعون منها أن تلعب دور الدولة القائدة... إن كل ما نريده هو الواقعية". ولكن كثيراً من المحللين يقولون إن ألمانيا تركز على ما يمكن أن ينجح وفق سيناريو نموذجي، وتتجاهل ما يمكن أن يحدث إذا ما مضت الأمور على نحو خاطئ. وحول هذه النقطة يقول "سباستيان دولين" الزميل البارز في المركز الأوروبي للعلاقات الخارجية: "إن أوروبا هشة إلى أقصى درجة، وأي قشة صغيرة ستكون كافية في حد ذاتها لجعل الأمور تخرج عن مسارها". ويرى المسؤولون الألمان أنه إذا ما تدهور الموقف بصورة كبيرة، فإن أوروبا تظل لديها مع ذلك موارد كافية يمكن تخصيصها لتهدئة الأزمة. وكان البرلمان الألماني قد صوت بأغلبية ساحقة يوم الخميس الماضي على قرار يقضي بالموافقة على تقديم دعم لإسبانيا لمساعدتها على إنقاذ بنوكها ومؤسساتها المصرفية وهو ما يمثل علامة صغيرة على أن برلين ما زالت راغبة في تقديم يد المساعدة والعون لجيرانها. ولكن دولاً أخرى قامت حتى الآن بالتحالف مع ألمانيا والاصطفاف إلى جانب مواقفها تقول الآن إنها قد شعرت مجدداً بالقلق من الاستجابة الأوروبية التي تعتقد أنها قد تختلف مع الرؤية الألمانية. ومن تلك الدول فنلندا التي تعتبر من قلاع الحكمة والحصافة المالية في العالم، والتي قال رئيس وزرائها يركي كاتاينين في حديث لصحيفة "هيلسنجن سانومات" اليومية إن "الوضع الآن خطر بل هو في غاية الخطورة". ويؤكد كاتاينين أن الوضع قد وصل إلى أسوأ مستوياته في مايو 2010 أي قبل أن تطلب اليونان حزمة مساعدتها الأولى بوقت قصير. وقال "جويرج أموسن" العضو الألماني في مجلس إدارة البنك المركزي الأوروبي في لقاء له مع الصحفيين يوم الأربعاء الماضي: "هناك انقسام حقيقي بين شمال أوروبا وجنوبها في الوقت الراهن وهو انقسام لم يسبق لنا رؤيته خلال العشرة أعوام أو الخمسة عشر عاماً الأخيرة". باختصار "يجب علينا التغلب على هذا الوضع بسرعة"، كان هذا ما قاله لصحيفة "شترن" الألمانية. ينشمايكل بيرنباوم برلين ر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©