الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الرياضة

إنجازات خارقة للعادة في «الألعاب المئوية» على الأرض الأميركية

إنجازات خارقة للعادة في «الألعاب المئوية» على الأرض الأميركية
23 يوليو 2012
نيقوسيا (ا ف ب) - بدأت الألعاب الاولمبية في نسختها السادسة والعشرين في أتلانتا، وفي الذكرى المئوية لانطلاقتها في أثينا، في هذه المناسبة تحطمت الأرقام القياسية كلها بالنسبة لعدد الدول المشاركة الذي بلغ 197 دولة، وتبارى من 19 يوليو إلى 4 أغسطس 10320 رياضياً بينهم 3532 امرأة في 271 مسابقة ضمن 27 لعبة، وتوج في النهاية 842 رياضياً ورياضية في المراكز الثلاثة الأولى، واستعادت الولايات المتحدة المركز الأول في الترتيب العام برصيد 101 ميدالية بينها 44 ذهبية، تلتها روسيا بـ63 ميدالية (26) ثم ألمانيا بـ65 ميدالية (20). واستقرت الصين في المركز الرابع بـ50 ميدالية (16). والمحصلة العربية كانت الأوفر حتى تاريخه، وبلغت ثلاث ذهبيات بفضل العداء الجزائري نور الدين مرسلي (1500 متر) والسورية غادة شعاع بطلة العالم في المسابقة السباعية، والملاكم الجزائري حسين سلطاني في الوزن الخفيف، فضلاً عن أربع برونزيات حققها المغربيان خالد بولامي (سباق 5 آلاف متر) وصلاح حيسو (10 آلاف متر)، والملاكمان الجزائري محمد بحاري (75 كيلو جراماً) والتونسي فتحي الميساوي (5.63 كيلو جرام). وعلى غرار ما حصل في سيؤول وبرشلونة، انحصرت الميداليات العربية في ألعاب ألقوى والملاكمة، وكان المغربي هشام القروج أبرز المرشحين لإحراز المركز الأول في سباق 1500 متر وكان يجري خلف مرسلي، وعندما حاول تجاوزه قبل نحو 400 متر من خط النهاية اصطدم بكاحل قدم مورسلي ووقع أرضاً في حين تابع الجزائري طريقه نحو حصد اللقب معوضاً إخفاقه في دورة برشلونة. وكان اللافت فشل المغاربة في حصد الذهب للمرة الأولى منذ لوس أنجلوس، وسرقت شعاع الأضواء بانتزاعها ذهبية السباعية من الأميركية جاكي جوينر كيرسي، معوضة بذلك إخفاق الجزائرية حسيبة بولمرقة بطلة سباق 1500 متر في برشلونة. ويلاحظ أن 79 دولة أحرزت ميداليات في "الدورة الاميركية الجديدة" بينها 53 ذهباً، ومقارنة مع برشلونة، تقدمت فرنسا من المركز التاسع إلى الخامس، وإيطاليا من الحادي عشر إلى السادس، أما إنجلترا فكانت المفاجأة باحتلالها مركزاً متأخراً جداً، وعدم حصولها على أكثر من ذهبية واحدة في مقابل 5 ذهبيات في برشلونة. أما الألعاب الـ27 فكانت: ألعاب القوى والتجديف وكرة السلة والبادمنتون والبيسبول والملاكمة والكانوي- كاياك والدراجات والفرنسية والمبارزة وكرة القدم والجمباز ورفع الأثقال وكرة اليد والهوكي على العشب والجودو والمصارعة والسباحة والخماسي الحديث، والكرة الطائرة (ومن ضمنها الكرة الطائرة الشاطئية) والرماية والقوس والسهم والألواح الشراعية. وفتح المجال أمام مشاركة الدراجين المحترفين ما منح الفرنسية جاني لونجو والإسباني ميجيل أندورين تتويجاً أولمبياً في النهاية. وعدلت أنظمة كرة القدم إذ سمح لكل منتخب بإشراك ثلاثة لاعبي فوق 23 عاماً، والى الكرة الطائرة الشاطئية، اعتمدت ضمن المسابقات سباقات الدراجات للضاحية (في تي تي) وكرة القدم النسائية وجاء لقبها أميركياً والسوفت بول، بعد 12 عاماً على ألعاب لوس أنجلوس المبتورة بسبب المقاطعة الشرقية رداً على ألعاب موسكو 1980 عادت المباريات الأولمبية إلى الحضن الأميركي الرحب، ومثل اختيار أتلانتا غايات تتعدى النطاق الأميركي والإرث الاولمبي، فالمدينة معقل شركة كوكا كولا أحد المؤسسات الكبيرة الراعية للألعاب واللجنة الاولمبية الدولية، وشركة "سي بي اس" التلفزيونية التي دفعت 456 مليون دولار من حقوق النقل التلفزيوني للمسابقات والبالغة نحو 898 مليوناً، لذا فضلت أتلانتا على أثينا التي كانت تطمح باستضافة المئوية "لتكرر التاريخ" وبلجراد ومانشستر وملبورن وتورنتو. المهم أن خطوة عملاقة تحققت في أتلانتا حين تناسى الجميع قصص المقاطعة كلها بوجود 197 دولة، والمتاعب المادية بفضل الوفر المحقق من خلال عائدات النقل التلفزيوني، ولا شك أن محيي الألعاب الأولمبية الحديثة البارون الفرنسي بيار دو كوبرتان، لن يتعرف على مولوده في "نسخته المئوية" لو تسنى له العيش حتى يومنا، لأنه أصبح عملاقاً يضم أكثر من 10 آلاف رياضي و6000 مدرب و15 الف صحفي و103 آلاف فرد لحفظ الأمن، بينهم 42 ألف متطوع. وكانت الألعاب الأولى في أثينا عام 1896 انطلقت بمشاركة 245 رياضياً من 14 دولة. شكلت الدورة أكبر تجمع إنساني في القرن العشرين، باعتبار أن الألعاب الأولمبية لا تزال ذات طابع أسطوري رمزي موحد، ولان اللجنة الأولمبية ألغت التمييز بين الاحتراف والهواية، مما زاد من حماسة المشاركة، فشاهدنا في المباريات عمالقة من اللاعبين المحترفين، أمثال البرازيلي بيبيتو في كرة القدم، والأميركي أندريه أجاسي في كرة التنس الذي اعتبر أنه دخل التاريخ بميداليته الذهبية، والإسباني اندروين في الدراجات. أما الطابع التجاري والإغراءات المادية فقد جعلت كثيرين يتهافتون للاستفادة لأن هذه الألعاب البالغة تكاليفها 1.7 مليار دولار، درت على منظميها أكثر بكثير، ويبقى القاسم المشترك لمعظم المشاركين ما ردده ابن المدينة مارتن لوثر كينج "عندي حلم" وذلك في 27 أغسطس 1963 حين عبر عن حلمه بأن يجلس أبناء المستعبدين وأبناء المستبعدين معا وراء طاولة الحرية. ففي أتلانتا التي يشكل السود نسبة 70 في المائة من سكانها، أقسمت لاعبة كرة السلة الزنجية تيريزا ادواردز القسم الأولمبي، أما الذي أضرم النار موقدا الشعلة الأولمبية، فهو بطل العالم السابق في الملاكمة محمد علي كلاي الذي طلب المنظمون من السباحة البيضاء البطلة الأولمبية جانيت إيفانز أن تبقى مستعدة لتقديم المساعدة له، في حال دعت الحاجة وواجه صعوبة بعدما سلمت الشعلة له كون "الأسطورة" مصاب بمرض باركنسون، وتقدمت منه لاعبة التنس الأميركية مونيكا سيليز وقالت له: "إننا نحبك ونحن سعداء بوجودك معنا". أما رئيس اللجنة الاولمبية الدولية خوان أنطونيو سامارانش فقد سلم محمد علي ميدالية ذهبية عوضاً عن تلك التي أحرزها في دورة روما عام 1960 ورماها في نهر أوهايو استياء لطرده من مطعم ومطاردته من قبل عصابة من البيض، كما شهدت أتلانتا بعض مظاهر التآلف والسلام. وقال الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر إن وجود رياضيين كوريين شماليين وفلسطينيين في الدورة، برهان على أن المسابقات الرياضية تحطم الحواجز كلها. غير أن سلبيات عدة حصلت ولم يستطع المنظمون تحاشيها، وقد بدأت المشكلات المرتبطة بالتنظيم والاستضافة تظهر مباشرة بعد حفلة الافتتاح، إذ تبين لعدد كبير من الحضور، أنه من المستحيل الوصول إلى الباصات والحافلات المخصصة لنقلهم إلى فنادقهم، ما اضطر بعضهم إلى "اجتياح" الباصات الموجودة، وقد دخلها أيضاً البعض من الشبابيك في أجواء متوترة، فيما آثر ذوو الأعصاب الباردة العودة مشياً مهما طالت المسافة. وتبين أن سمعة المدينة وجوارها بالنسبة لمواصلات بعيدة جداً عن الواقع، واعترف سامارانش أنه خدع حين صدق ما قيل عن تجهيزات أتلانتا في المواصلات، وبدا أن سكان المدينة أنفسهم مخدوعون بقدراتها، وأن الاهتمام المفرط بالأمن والخوف من الإرهاب أدى إلى الإخلال بتأمين الشروط المطلوبة في المواصلات، ولكن مع ذلك حصلت خروقات للستار الحديدي الأمني، فاعتقلت الشرطة رجلاً مسلحاً بمسدس و11 طلقة، دخل الملعب بزي رجل أمن قبيل وصول الرئيس بيل كلينتون لحضور حفلة الافتتاح. كما ان الانفجار الذي هز المتنزه المئوي الاولمبي، كشف أيضاً عن وجود ثغرات مخيفة في جهاز الأمن، وشكل النقطة السوداء الكبيرة، وقع الانفجار عند الواحدة و20 دقيقة صباح 27 يوليو، وأدى إلى سقوط قتيلين وإصابة أكثر من 110 أشخاص بعضهم إصابات بالغة، وقبل ساعات قليلة من الانفجار، أعلن شخص من خلال كشك للهاتف أن قنبلة ما وضعت في مكان ما، ووجه الاتهام في الوهلة الأولى رسمياً إلى ريتشارد جويل الذي كان أعلن أنه شاهد حقيبة مشتبه فيها وابلغ أجهزة الأمن، لكن تمت تبرئته من قبل مكتب التحقيقات الفيدرالي (اف بي أي) في أكتوبر 1996 وفي نهاية عام 1998 وجه الاتهام إلى اريك رودولف المعروف بأفكار اليمين المتطرف، وثلاثة أشخاص آخرين. ومن السلبيات أيضاً أن أجهزة الكمبيوتر التي يتغنى بها الأميركيون، والتي كان يفترض أن تعكس فكرة عن التطور المرتقب والمذهل في القرن الحادي والعشرين، سببت أخطاء أربكت القيمين على المباريات وإصدار النتائج. وطبعا لا يمكن ان تكون الأمور سيئة كلها في أتلانتا، إذ طور مختبر فحص المنشطات، ولم تكشف حالات إيجابية عند النجوم المتميزين، ومع أن الفحص الذي خضعت له الكوبية استيلا رودريجيز اثبت أنها منشطة، لكنها لم تنل سوى إنذار، وبالتالي احتفظت بميداليتها الفضية في الجودو (وزن فوق 78 كيلو جراماً) لأن مادة "فوروسيميد" المدرة للبول التي تناولتها غير مدرجة على لائحة المحظورات.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©