الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«وادي سيليكون» برلين.. لماذا أخفق؟

26 يوليو 2015 23:20
في شهر مارس الماضي، تم استئجار المساحة التجارية التي ظلت خالية لفترة طويلة، والواقعة في الطابق الأرضي من البناية التي أقطن فيها في برلين، من قبل «شوب وينجز»، وهي عبارة عن خدمة «على الخط» لتوصيل مواد البقالة، تديرها «روكيت إنترنت»، الشركة الرئيسة في المشهد الساخن للشركات الناشئة في المدينة. وهذا الأسبوع، فوجئت بأن المساحة أصبحت خالية مرة أخرى. وقصة صعود وسقوط هذه الشركة تفسر لنا، لماذا لم يتحول محور الشركات الناشئة في برلين، أو في أي مدينة أوروبية أخرى، إلى «وادي سيلكون»! يشار إلى أن «روكيت إنترنت» هي مصنع ناشئ يدار بالقبضة الحديدية للإخوة الثلاثة «ساموير»، وكان قد جرى إشهاره في أكتوبر 2014. وعندما طرحت أسهم الشركة للاكتتاب، قُدرت قيمتها السوقية بنحو 8.4 مليار دولار. وعند هذه النقطة كانت «شوب وينجز» عبارة عن مجرد مفهوم. وإليكم ما كتب في نشرة الإصدار: «شوب وينجز، هي منصة لتسويق مواد البقالة تسمح للزبائن بطلب وتسلم مواد البقالة على شبكة الإنترنت في اليوم نفسه من خلال متسوقين شخصيين يتم اختيارهم من قِبلها». وهذا الموقع الإلكتروني، الذي هو في الحقيقة استنساخ لخدمة «انستاكارت» الناجحة في الولايات المتحدة، بدأ عملياته بعد إصدار أسهم الشركة بوقت قليل. كل ما كان يتعين على الزبائن عمله، هو إدخال رمزهم البريدي، والحصول على قائمة بمحال «السوبرماركت» الأقرب إلى محل سكنهم، ودفع رسم مقداره 4.90 يورو نظير خدمة التوصيل. سجلت طلبي الأول في اليوم التالي لافتتاح «شوب وينجز» في المبنى الذي أسكن فيه. وخلال ساعتين ظهر أحد «المتسوقين الشخصيين»، وقد لاحت على وجهه علامات الإجهاد، وسلمني كيساً. وعندما فتحته، وجدت أن بعض المواد ناقصة، وأنه جرى استبدال بعضها الآخر. لكني قلت لنفسي: إن كل الخدمات تعاني عثرات في البداية. أرسلت طلباً آخر بعد أسبوعين، وفي هذه المرة كانت العملية برمتها غير مرضية على الإطلاق. فقد انتظرت أكثر من ثلاث ساعات، ولم يتم إحضار سوى نصف المواد التي طلبتها! ومنذ أسبوعين، تسلمت رسالة إلكترونية تشكرني على أنني كنت من أول زبائن الشركة، وتسألني لماذا توقفت عن استخدام الخدمة، فأرسلت رداً بينت فيه نقاط الشكوى من الخدمة، وقررت أن أمنح «شوب وينجز» فرصة أخرى. ومنذ ستة أيام فقط، تسلمت رسالة إلكترونية ثانية من الشركة، تفيد بأنها قررت تعليق نشاطها في ألمانيا، والتركيز على بلدان أخرى. أحد أسباب فشل «شوب وينجز» لجوؤها لاستخدام موظفين غير متفرغين، وجدوا أن مبلغ 4.9 يورو لم يكن كافياً لتعويضهم عن الوقت الذي ينفقونه في شراء المواد المطلوبة وتسليمها للعملاء. السبب الثاني، أن الشركة حاولت تسعير المنتجات بأسعار أعلى من أسعار محال «السوبر ماركت» التي تشترى منها، وهو ما لم يكن مقبولاً من الزبائن في برلين الذين يعرفون سعر كل سلعة على وجه الدقة. ولأن درجة التنافسية مرتفعة للغاية في سوق محال مواد البقالة؛ ولأن محال «السوبر ماركت»، التي كانت «شوب وينجز» تتعامل معها لم تكن راغبة في دفع نسبة ربح للشركة، فإن ما حدث هو أنها لم تتمكن من توليد حجم طلب كافٍ يحقق لها أرباحاً، وكان ذلك سبباً إضافياً لفشل الشركة. وهناك سبب رئيس للجوء الشركة لوقف نشاطها، هو أن درجة تحملها للفشل كانت ضئيلة للغاية. فبدلاً من أن تصلح أخطاءها، وتقاتل في برلين وميونيخ وغيرها من المدن الألمانية الكبرى، لجأت إلى التوسع في الأسواق الآسيوية والأفريقية، التي لا تعاني المحددات والقيود نفسها الموجودة في السوق الألمانية. أما بالنسبة لـ«روكيت» نفسها، فنظراً لحاجتها الدائمة للمال لمساعدة الشركات الناشئة على الانطلاق، فإنها أعلنت هذا الأسبوع طرح ما قيمته 550 مليون يورو من الأسهم القابلة للتحويل، التي يمكن مبادلتها بما يساوي 6.2? من أسهم الشركة الإجمالية. لكن الإعلان جعل سعر سهم الشركة ينخفض، ليتم تداوله الآن بسعر يقل عن سعر إصداره بنسبة 19?. إن النكسة التي تعرضت لها أكبر شركة في مشهد الشركات الناشئة في برلين، لا تمثل قصة نجاح ملهمة. فالعوائق التنظيمية، وفرض القيود على حركة رأس المال، كلها عوامل تضافرت معاً، لتؤدي إلى هذه النهاية المؤسفة لشركة كانت تعد من أهم محاور التقنية في ألمانيا برمتها. ليونيد بيرشيدسكي* *كاتب روسي مقيم في برلين ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوزسيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©