الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«تراث عُمان الجيولوجي» يكشف أسرار ملايين السنين

«تراث عُمان الجيولوجي» يكشف أسرار ملايين السنين
26 أكتوبر 2010 20:27
أنتج تليفزيون سلطنة عُمان بالتعاون مع الجمعية الجيولوجية العٌمانية، الفيلم الوثائقي، «تراث عُمان الجيولوجي» تحت رعاية حمد بن محمد الراشدي وزير الإعلام، حيث تم الكشف عن العديد من الأسرار والجماليات الجيولوجية بين جنبات الفيلم، الذي طاف بالحضور في رحلة علمية امتدت تسعمائة مليون سنة.? تعود أولى البعثات الجيولوجية التي زارت السلطنة إلى عام 1928 لاستكشاف المكنونات الجيولجية الفريدة للسلطنة، بتباينها التضاريسي الفريد، وبما تحتضنه من بيئات متنوعة تمتد من أقصى الشمال وحتى أقصى الجنوب. قصة الأودية الجليدية ويحكي الفيلم وقوف الجبال شاهقة تحكي أسراراً وحكايات ضاربة في عمق القدم، فيما تترامى الصحاري برمالها الذهبية فارشة أرضيتها الممتدة بامتداد الأفق، وتتحرك أمواج البحار حركتها الأبدية التي تقص علينا حقباً غابرة عاشتها أرض السلطنة، مقدمة برهانها بما تحويه من كنوز بحرية جميلة. كل هذا الجمال وهذا الألق حاول الفيلم أن يختصره للمشاهد في فرجة بصرية طافت بحضور عرض التدشين حقباً قديمة، وقدمت قراءات دقيقة من خبراء ومختصين تهافتوا على السلطنة ليعرفوا قصة هذه الأرض العريقة. لن تتفاجأ إذا ما عرفت أن الجليد كان يغطي أرض السلطنة، لأن الصور ستحكي لك قصة الأودية الجليدية التي كانت تكسو عمان، ولن تتفاجأ إذا ما عرفت أن عمان كانت غابة استوائية كثيفة بها من الأشجار والحيوانات ما تفتقده الغابات الاستوائية الحديثة، وهو أمر آخر ستحكيه لك الحفريات والمستحدثات الجيولوجية.. مفاجآت عديدة يقدمها البرنامج عن طريق البروفيسور «كين جلينى»، وهو أحد المهتمين بالجيولوجيا العُمانية، وصاحب مكتبة عامرة وأبحاث متنوعة عن تاريخ السلطنة الجيولوجي، هذا الباحث الذي يزيد عمره على الثمانين عاماً يشارك في الفيلم ليحكي تجربته مع السلطنة ورحلته مع الأبحاث والقراءات الجيولوجية التي قدمها. البرنامج يضفي طابعاً درامياً على الحقائق التي يسردها من خلال فريق عمل متكامل يضم إلى جانب كين جلينى، معد ومخرج البرنامج خالد الحضري ومن الجمعية العمانية الجيولوجية الدكتور محمود المحروقي والدكتور محمد الكندي والدكتور جمعة البلوشي، فيما يقف خلف الكاميرا طاقم تصوير مكون من محمد سعيد الفارسي وصالح خلفان الغماري وطالب عيد الحديدي. تقنية الجرافيك الفيلم تجربة مميزة، وبه الكثير من الجهد لجمع المواد العلمية الدقيقة والاستعانة بالخبراء، إضافة إلى استثمار الجرافيك لإعطاء صورة أكثر وضوحاً للمشاهد، حيث يستعين الفيلم بتقنية الجرافيك في الكثير من القصص التي تروي تكّون جيولوجية عُمان، وحركتها على مدى التاريخ، وتنقلها من مدار إلى آخر، كما يستعرض التأثيرات التي طرأت عليها والمتغيرات التي شملتها، برؤية إخراجية متقنة، وبنص محكم الصياغة. ?الفيلم بقدر ما يقدمه من معلومات دسمة عن التاريخ الجيولوجي للسلطنة، إلا أنك تستشعر وسط تدفق المعلومات أنه ليس سوى فاتح شهية للقراءة والاطلاع والبحث عن جيولوجية عمان، فالمعلومات التي قدمها للحضور كانت محرضاً حقيقياً للسعي والاستزادة لجيولوجية عمان، خصوصاً حين تعرف أن العديد من الباحثين يتهافتون على عمان ليروا بأم أعينهم هذه التركيبة الجيولوجية الفريدة والمتناسقة، والتي تحكي تواريخ ضاربة، حيث تضم أشكالا وتكوينات لا يمكن إيجادها في العديد من بلدان العالم، وحيث الجبال تقف شامخة إلى ارتفاع يصل إلى ثلاثة آلاف متر تترامى حولها الصحاري برمالها الذهبية الناعمة التي أغرت الكثير من الرحالة والمستكشفين للغوص في مغباتها الغامضة، كما تجد المسطحات الزراعية مجاورة للبحر تارة، ومتوارية خلف الجبال تارة أخرى، وهناك السبخات الملحية الواسعة التي تحكي هي الأخرى قصصاً وأحداثاً جيولوجية. بعد مشاهدتك للفيلم ستقول في نفسك: «لا يمكن لي بعد الآن أن أمر على جبل أو سهل من دون أن استشعر عظمته الجيولوجية ورحلته الغابرة عبر التاريخ».. والفيلم رغم ما يقدمه من مادة علمية صرفة فهو دعوة للسياحة في ربوع عمان واستنطاق مكنوناتها الجمالية بما حباها به رب العزة من جمال أخاذ يسلب لب العلماء قبل الإنسان البسيط.? الفيلم رحلة علمية ممتعة استغرقت ما يزيد على ثلاثة أشهر من التنقيب والبحث والجمع للمعلومات والوثائق، ومحاولة صياغة المادة العلمية بصرياً، كما وأنها سبك حكائي محكم للمتغيرات الجيولوجية لعمان، وسيناريو خفيف يأخذك إلى المعلومة من دون عناء الطرح العلمي التخصصي. يذكر أن مدة الفيلم «52» دقيقة توثق المفارقات والتكوينات الجيولوجية الفريدة مشفوعة بمادة علمية قيمة ومبسطة ورسومات ثلاثية الأبعاد عن إرث عمان الجيولوجي. صخور الأفيوليت كتاب مفتوح في الكتيب المصاحب لفعاليات تدشين الفيلم جاء: «منذ ما يقارب 850 مليون عام خلت بدأت الجيولوجيا تشكل سطح البسيطة في عماننا الحبيبة حتى أصبحت الأرض التي نعرفها ونعيش فيها اليوم.? عمان بما فيها من طبيعة خلابة وجمال يأسر القلوب كانت وما زالت محط أنظار المهتمين بعلوم الأرض من مختلف أنحاء العالم، وذلك لما فيها من شتى أنواع المفارقات والاختلافات والتباينات الجيولوجية، حيث نرى المدرجات في الجبل الأخضر وفي جبال ظفار نبتت في وسط شعب مرجانية وأحافير أزلية. وتمتد صخور الأفيوليت ككتاب مفتوح من سمائل إلى قنتب، وفي وسط عمان وغربها نرى جمال رمال الربع الخالي الذهبية وعلى أطرافها سبخة أم السميم الملحية، وفي مسندم تعانق سلاسل رؤوس الجبال بحر عمان مكونة خلجاناً تأسر الألباب، وبين هذا وذاك تتحرك جبال من الملح العتيق من أعماق تصل إلى خمسة آلاف متر لترتفع قباباً في سطح داخلية عمان».
المصدر: مسقط
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©