إعداد - أيمن جمعة:
تضاعف حجم الاقتصاد الاماراتي خلال عشر سنوات في ظل سياسات حكيمة ومعدلات نمو استثنائية تدعمها الاستثمارات الحكومية النشيطة، لتشق الدولة طريقها بقوة الى مكانة تزداد تميزا يوما بعد يوم على الساحتين الاقليمية والعالمية·· هذه هي خلاصة ملف كامل نشرته مجلة ''ميد'' عن الامارات التي باتت قبلة المستثمرين من شتى أنحاء العالم·
وجاء في الملف ان ما شهدته الامارات من تطورات اجتماعية واقتصادية أتاح لها ان تتحول الى ''واحة من الفرص'' التي لا يبدو انها ستنضب حتى نهاية العقد الحالي· ويتزامن مع هذا التطور متانة العلاقات الاقتصادية الخارجية للدولة مع أقطاب النظام التجاري العالمي، بما يجعلها الان من أكبر عشرة أسواق تصدير للمملكة المتحدة، وهو ما دفع السفير البريطاني السابق في الدولة للقول إنه يتمنى ان تنجح بلاده في تسويق نفسها دوليا كما فعلت دبي· ويرى المراقبون ان المؤشرات الايجابية تغلف كل جوانب الاقتصاد بداية من النفط والغاز واتساع القاعدة الصناعية لتشمل كل أرجاء الدولة مرورا بالعقارات ووصولا الى ظهور صناعات وليدة تصب في مصلحة تنويع الاقتصاد مثل صناعة ''الكافيار'' في مشروع هو الاول من نوعه في الشرق الاوسط·
وتوقع بنك ستاندرد تشارترد نموا بنسبة 11,2% في الامارات هذا العام، وان يستمر على وتيرته القوية على المديين المتوسط والطويل· ورغم ان النفط ستظل له الهيمنة على اقتصاد الدولة، فان الخبراء يتوقعون طفرات غير متوقعة في انشطة ادنوك في مجال الغاز لتلبية الطلب المتزايد من القطاع الصناعي والخدمي· ولكن لأن الجانب الاكبر من غاز ابوظبي موجود حاليا في صورة غاز مصاحب فان تطوير الغاز الطبيعي يسير يدا بيد مع جهود تطوير أنشطة المنبع·
وبالنسبة لقطاع البتروكيماويات الذي ظل بعيدا عن الانظار طيلة الاعوام الاخيرة، فان كل الاحصائيات والتوقعات تبشر بمستقبل رائع، خاصة بعد الاعلان عن استثمارات مقررة في الرويس بقيمة 7,5 مليار دولار·
وتوقعت ميد ان تمتد الطفرة الصناعية لتشمل الامارات الشمالية بعدما انطلقت هذه الجهود من الفجيرة مع تطلع المستثمرين للاستفادة من الموقع الاستراتيجي للامارة· كما استقرت البورصة الاماراتية خلال الشهر الماضي لتهدأ مشاعر الهلع التي انتابت بعض مراقبي السوق الاماراتية بسبب الحركة التصحيحية التي عصفت بالاسواق· وهناك شبه اجماع على ان السوق قد تجاوزت بالفعل أسوأ مراحلها وان اسعار الاسهم الممتازة سترتفع بنسبة 15% بحلول ديسمبر المقبل· واشاد المراقبون بشدة بما حدث في الاكتتاب الاولي في ''جيلف نافيجيشن هولدينج'' الذي تمت تغطيته 3,5 مرة مقارنة مع الاكتتابات السابقة التي كان يتم تغطيتها 485 مرة، قائلين ''هذا تغيير ايجابي في تعاملات المستثمرين الذين يتحولون من سياسة الاستثمار على ضوء تكهنات الى التحرك عبر دراسات جيدة للسوق واوضاعه''·
4 ملايين برميل يومياً إنتاج أبوظبي من النفط بحلول 2010
يتفق المراقبون على ان ابوظبي تمتلك وفرة في الامكانيات الطبيعية والجغرافية التي تؤهلها لاحتلال مكانة متقدمة اقليمياً وعالمياً، وفي مقدمتها المواد الخام والرخص النسبي للايدي العاملة ومناخ الاستثمار المشجع للشركات الأجنبية، لكن تظل الهيمنة لقطاع النفط رغم الاحتياطيات الهائلة للغاز، ويقول المراقبون: ''لا شك ان الغاز سوف يلعب دوراً حيوياً لتحقيق أهداف أبوظبي الرامية إلى تطوير القطاع الصناعي بنسبة أربعة الى عشرة في المئة من إجمالي الناتج المحلي، لكن لان الجانب الاكبر من غاز أبوظبي موجود حاليا في صورة غاز مصاحب فان تطوير الغاز الطبيعي يسير يداً بيد مع جهود تطوير أنشطة المنبع''·
وانتهت أبوظبي من مشاريع لرفع طاقتها الانتاجية من النفط إلى حوالي 2,8 مليون برميل يومياً، وتمضي قدماً لرفع الانتاج الى أربعة ملايين برميل يومياً بحلول عام ،2010 وتظهر الاحصائيات أن انتاج ادنوك ارتفع بنسبة 25% خلال العامين الماضيين، ووصلت المناقصات الى مراحل مختلفة لسبعة مشاريع تستهدف انتاج حوالي 525 الف برميل يومياً من النفط بحلول عام 2010/·2011
وعلى رأس هذه المشاريع تطوير حقل زاكوم العلوي حيث وضعت شركة زادكو مشروعاً ضخماً من المتوقع أن يؤدي إلى رفع طاقة الحقل من 550 الف برميل الى 750 الف برميل يومياً، وبدأ حقل زاكوم العلوي الانتاج في منتصف الثمانينيات بطاقة قدرها 350 الف برميل سنوياً، وتقدر احتياطياته بنحو 45 الف مليون برميل أي حوالي 46% من اجمالي احتياطيات أبوظبي·
وهناك ايضاً حقل أم اللولو البحري المتوقع إعلان الفائز بعقد دراسة افتراضية له قريباً، وتستهدف شركة ابوظبي للعمليات البترولية البحرية ''ادما العاملة'' انتاج كميات إضافية تقدر بـ 100 ألف برميل يومياً، ووصل العمل في حقل سطح القريب الى مراحل متقدمة أكثر وتلقى ردوداً قوية في اوائل اغسطس من 16 شركة لعقد الهندسة والمشتريات والتشييد، وتبلغ الطاقة الانتاجية الحالية لحقل سطح حوالي 25 الف برميل يومياً·
وهناك جهود لتطوير حقل ''ام الدلخ'' في إطار مشروع من المنتظر ان يتكلف حوالي 150 مليون دولار، بهدف زيادة الطاقة الانتاجية الى 20 ألف برميل يومياً من 13 الفاً حالياً من خلال تحسين تقنيات استخراج النفط، وهو ثاني مشروع كامل تضعه زادكو لتطوير شامل لحقل نفطي· وهناك خطة شاملة لحقول عصب وساحل وشاه، بهدف رفع الانتاجية 60 الف برميل يومياً بحلول 2007/،2008 كما تشمل خطط أبوظبي تطويرا كاملا لحقل عصب بتكلفة مليار دولار لرفع الانتاجية 30 الف برميل الى 310 الاف برميل بحلول ،2009 ورفع انتاجية حقل ساحل 20 الف برميل الى 75 الف برميل يومياً، ورفع انتاجية حقل شاه عشرة آلاف برميل الى 50 الف برميل يومياً، ومد خط أنابيب بطول 200 كيلومتر، وهناك خطة لرفع انتاجية حقل زاكوم السفلي الى 325 الف برميل يومياً من 250 الف حالياً·
ولعل أهم مشروع هو الدراسة الافتراضية لحقل زاكوم العلوي ومنشآت المعالجة في جزيرة زيركو التي تستهدف رفع الانتاج الى 750 الف برميل يومياً من 550 الف حالياً، ومد انابيب تحت البحر وتحديث العمل في أربع وحدات رئيسية لمعالجة النفط الخام''·
وفي إطار جهودها لتوفير إمدادات للمشاريع الصناعية المستقبلية الضخمة، تبحث أدنوك التعاون مع شريك دولي لمشروع تطوير ''الغاز الحامض'' الذي طال انتظاره، ويقول المسؤول التنفيذي: ''ربما يتطلب الأمر مبالغ كبيرة لكنه على الأرجح أفضل خيار أمام ادنوك''·· ومن المستهدف استخراج ومعالجة حوالي ثلاثة مليارات قدم مكعب يومياً من الغاز لتوفير امدادات للقطاع المحلي، ويقول مسؤول في شركة دولية: ''الوثائق الأولية لا تشير الى الحصة التي ستحصل عليها الشركة الدولية في الشركة العاملة الجديدة، لكننا نتوقع ان تكون 40% على الأقل''·
وحوالي 80% من احتياطيات الغاز المثبتة في الامارات وحجمها 213 تريليون قدم مكعب هي من الغاز الحامض، ومن المتوقع أن يستخدم الغاز بشكل أساسي لتزويد منشآت جديدة لتوليد الكهرباء وتحلية المياه في الإمارة، إضافة الى إعادة ضخ كميات منه في حقول نفط للحفاظ على ضغط المخزونات·
وكانت ''اوكسيدنتال بتروليوم'' و''بي بي'' قد أجرت دراسات منفصلة عام 2005 وحصلت على نتائج إيجابية بشأن مكامن الغاز الحامض في حقلين بحريين للنفط، كما تقوم شل واكسون موبيل بإجراء دراسات فنية لحقلين بريين هما شاه وبو حصا، كما أجرت اوكسدينتال وشركة تطوير النفط اليابانية دراسات أولية لتطوير احتياطيات للغاز الحامض في الحقول البحرية، كما بدأت شركة أبوظبي لصناعات الغاز المحدودة ''جاسكو'' في اوائل يونيو في إجراء دراسات أولية لإقامة خمس محطات لمعالجة الغاز الحامض في أماكن مختلفة بالإمارة، وتنتج أدنوك حالياً ما إجماليه حوالي 6500 مليون قدم مكعب من الغاز· وتسيطر الإمارات على احتياطيات مثبتة من الغاز حجمها 213 تريليون قدم مكعب منها 90% في أبوظبي ورغم ذلك فإن النفط ظل هو البؤرة الرئيسية لاهتمام شركة أبوظبي الوطنية للبترول ''ادنوك'' خلال العقدين الماضيين·· وربما يكون من أسباب ذلك، الارتفاع النسبي في نفقات استخراج الغاز الطبيعي، غير أن تزايد الطلب على الغاز لتوفير احتياجات محطات البتروكيماويات وتحلية المياه وتوليد الكهرباء في الإمارة يشجع أدنوك على الاهتمام باستغلال احتياطيات الامارة الهائلة من الغاز· ويقول مسؤول تنفيذي في أبوظبي: ''هناك اهتمام متزايد بالغاز، إضافة الى قطاع الخدمات والبتروكيماويات فان الطلب الجديد ينبع أيضاً من عدة مشاريع صناعية جديدة مقررة''·· ووضعت أبوظبي خططاً ومبادرات في أنشطة المنبع (الاستكشاف والحفر والتنقيب ·· الخ) والمصب (التكرير والتوزيع·· الخ) لتعزيز وضع الدولة القوي على الساحة الدولية، وهناك مشاريع ضخمة في حاجة لكميات كبيرة من الغاز، وأبرز دليل على ذلك ظهور المؤسسة العليا للمناطق الاقتصادية المتخصصة التي لديها تفويض لتطوير صناعات ثقيلة ومتوسطة على مراحل في المصفح· ويجري العمل بالفعل لتنفيذ المرحلة الأولى في المشروع العملاق الذي يعادل تقريباً القاعدة الصناعية بالكامل لسنغافورة، كما بدأ العمل في مدينة صناعية على مساحة 300 كيلومتر مربع في العين، في حين تجري دراسات جدوى لبحث الآثار البيئية لمصهر ألمنيوم بطاقة 2,1 مليون طن سنويا من المقرر بناؤه في الطويلة·
وتدرس شركة أبوظبي لصناعات الغاز المحدوده ''جاسكو''، حالياً خيارات للمرحلة الثانية من مشروع الغاز البري المصاحب الذي يستهدف استخلاص ما بين 350 مليوناً و500 مليون قدم مكعب من الغاز·· وانتهت شركة فلور كوربوريشن الأميركية من دراسة المرحلة الأولى من المشروع وتنتظر الحصول على مزيد من التعليمات من جاسكو للانتقال الى المرحلة الثانية· وتقول مجلة ميد إن المشاريع الجديدة ستنتج ما إجماليه 3,9 مليار قدم إضافية من الغاز أي ما يزيد حوالي 65% عن انتاج أدنوك الحالي من الغاز· ويعزز الطلب على الغاز، تزايد الطلب على ضخ الغاز للحفاظ على ضغط مكامن النفط، وتظهر أحدث خطة خمسية لجاسكو ان الطلب البري سيزيد الى أكثر من الضعف الى 3,11 مليار قدم مكعب من الغاز بحلول عام 2010 مقارنة مع 1,315 مليار قدم حالياً· وسوف تكون شركة أبوظبي للعمليات البحرية ''ادما العاملة'' بحاجة لما لا يقل عن 600 مليون قدم مكعب يومياً لإعادة ضخها في حقل أم الشيف· ومن المشاريع البارزة لشركة أبوظبي لصناعات الغاز المحدوده ''جاسكو'' مشروع حقل ''ثمامة سي'' لرفع طاقة معالجة الغاز الخام الى 630 مليون مليون قدم مكعب يومياً من 540 مليوناً حالياً·
عدد اليوم
