الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بيع الوهم بالاتصالات الهاتفية هوس يجتاح الفضائيات

3 سبتمبر 2006 00:31
اتصل واربح المليون، بل والملايين··· اسمع آخر نكتة وآخر قفشة··· اتصل واسمع أحدث أغاني النجوم··· استفسارات واستشارات طبية ودينية وقانونية على الهواء مباشرة··· حقق أحلامك واتصل فوراً··· شارك برأيك··· اختر هديتك الآن··· سيل من الاعلانات المستفزة المحفزة على الاتصالات الهاتفية عبر المحطات والقنوات الاذاعية والفضائية، ونداءات أصبحت ظاهرة الى حد الهوس تروج لبيع الوهم للبسطاء، وتعبث بأمانيهم، وتتفنن في استنزافهم ودغدغة أحلامهم و استغفالهم بصورة منظمة ومدروسة· تحقيق - خورشيد حرفوش: اللعبة دائما ما تبدأ بإعلان أو نداء متكرر، ووعود بجائزة المليون أو الملايين، أو بجوائز عينية يسيل لها لعاب الكثيرين· وسرعان ما تدار أقراص الهواتف، وأزرار المحمول، والاستغراق في امكانية '' تحقيق حلم الحياة '' والقفز الى خانة أصحاب الملايين· كثيرون امتلكوا قصوراً في الهواء، وحلموا كثيراً بالجوائز والأوهام ومن دون وعي يكتشفون انهم أنفقوا الكثير واستنزفوا طاقتهم المادية دون نتيجة، لذا يندفعون بلا وعي مجدداً لإعادة المحاولة، مرة ، ومرات أخرى، أملاً في تعويض خساراتهم المتكررة، والتشبث بخيوط الكسب الوهمي لحل جميع مشاكلهم المالية· ولكن سرعان ما يكتشفون أنهم فريسة للمقامرة من جديد، ويصبح الاستغراق في الحلم نوعاً من الإدمان· ولا يجد المشارك المقامر مفراً أو حيلة أخرى سوى الاندفاع بلا وعي الى تكرارالمحاولة من جديد، ولا يفيق الا بعد ان تتزايد وتتنوع مشاكله· ومع '' فاتورة '' الهاتف يجد نفسه في مواجهة حتمية مع الاستدانة، والشيكات، والقروض، والمشاكل، والأزمات المالية والأسرية والاجتماعية· طلاق بالثلاث لم يجد (···) مفرا من طلاق زوجته بالثلاث، بعد أن وصل إلى طريق مسدود في ثني زوجته عن الكف عن ممارسة هوايتها المفضلة باستخدام الهاتف الأرضي في منزله لساعات طويلة، مما راكم عليه فواتير ثمن المكالمات· ويقول: إن حب الحديث على الهاتف من طباع زوجتي التي دأبت على ذلك لساعات طويلة دون ملل أو كلل· تتحدث مع شقيقاتها وصديقاتها، ولكنها تمادت في الاتصال بقنوات فضائية للمشاركة في المسابقات المختلفة، حتى أصبحت لا أقوى على دفع فواتير الهاتف التي وصلت إلى أرقام تفوق مجموع راتبي بثلاثة أضعاف· فصلت الهاتف أربعة اشهر وتوقعت أن زوجتي ستستوعب الدرس وترتدع، إلا أنها واصلت فعلها مما حدا بي إلى طلاقها أول مرة· وأعدتها نتيجة تدخل الأهل والأصدقاء ولمصلحة أٍسرتنا، إلا أن'' ريما عادت لعادتها القديمة'' وأعادت الكرة مرة أخرى بفاتورة مضاعفة، فطلقتها مرة ثانية طلاقا نهائيا بالثلاث· وفيما رفض المسؤولين في أكثر من قناة فضائية الافصاح عن الموارد وحجم الأرباح الناتجة عن الاتصالات الهاتفية، أكد أحدهم من قناة فضائية شهيرة '' طلب عدم ذكر اسمه'' : أن احدى المسابقات التي فاز بها صاحب الحظ بمليون دولار في شهر رمضان الماضي، وصلت فيها الاتصالات الهاتفية من الدول العربية الى حوالي 30 مليون اتصال· ولو افترضنا أن كل مكالمة تكلفت 20 ريالاً سعوديا كحد أدنى، فهذا معناه أن قيمة الاتصالات التي تمت وصلت الى 6 ملايين ريال، دفعت منها فاتورة الاتصالات في حدود 3,8 مليون ريال تقريبا· أي أن القناة مع الشركة الراعية تقاسما نحو 2·2 مليون ريال خلال شهر واحد· فيما أكد مسؤول في فضائية أخرى أن متوسط قيمة أي اتصال هاتفي قصير لا يقل عن 20-30 ريالا ، وأن برامج مسابقات شهير'' توقف دورة برامجية واحدة وأعيد بثه'' قد حقق ما يزيد عن 5 ملايين دولار في سنة واحدة· ابتزاز··· واستغلال تقول دارين سراج : لنلاحظ الأسئلة التي تطرح في مثل هذه المسابقات، وكم هي في غاية السهولة والسطحية؟ الهدف معروف بالطبع، هو إغراء وجذب أوسع مشاركة ممكنة لتحقيق العائد المادي الأكبر· ولا نستبعد أمر الاتصالات الميسورة والمتاحة أمام الجمهور، واندفاع الناس أمام إغراء الجوائز، ومنهم من يقول لنفسه ''دعني أجرب··· ربما أكسب''، ومن ثم يتدافع الآلاف للمشاركة ولا يفوز سوى واحد فقط في الوقت الذي تدخل الملايين خزائن الجهة المعلنة· أما ماريا سلوم فتقول: ما نراه ظاهرة تحمل في طياتها كل معاني الغش والتدليس، فكثير من هذه الإعلانات التي تحث على الاتصالات الهاتفية لا تتضمن إشارة الى تكلفة المكالمة ''المدة'' الواحدة، ونظراً لكونها تصاغ بعناية وحرفية، وتستغل حاجة وحرمان وأحلام الكثيرين، فإنها تحظى بمشاركات عريضة، ونلمس مشاركات كبيرة من صغار السن والمراهقين والشباب، وكلما أخفقوا يندفعون الى تكرار المشاركة دون تفكير، ويصبح الأمر بمثابة '' قمار''· وكثيرا ما نلمس استغلال العديد من القنوات الفضائية أو المحطات الإذاعية لهوس وطيش أو سفه الصغار، واغوائهم بوعود وأحلام براقة من خلال برامج ومسابقات لا تنمي الفكر أو الخيال على الإطلاق، وكل هذه البرامج تتسابق فيما بينها لتحقيق العائد الأكبر ضماناً لاستمراريتها، وتمويل القناة التي تطل من خلالها دون الاهتمام بما تسببه من أضرار للمشاهدين، أو مردود الخدمة التي تقدم، ناهيك عن أساليب الابتزاز والاستغلال التي تحدث خلال عملية الاتصال، واستدراج المتصل الى قائمة من البيانات الشخصية والتساؤلات التي ''يستوجب'' عليه الإجابة عنها بهدف جره الى أطول فترة ممكنة خلال عملية الاتصال· قيم سلبية الدكتورة كريمة العيداني الخبيرة التربوية والنفسية بوزارة التربية في أبوظبي تقول: هناك نوعان من المسابقات، الأول إيجابي وله هدف ويعتمد على تراكم الثقافة والمعلومات، ويحتاج الى قدر من التفكير والمجهود، وهذا مطلوب تماماً ويفترض تدعيمها، أما النوع الثاني فهو سلبي في معظم الأحوال ويعتمد أساساً على المقامرة بأسئلة سهلة جداً يستطيع أي طفل صغير حلها· وهذه المسابقات لها آثارها السلبية التي تعطي في البداية الإحساس بالأمل والطموح لأي شخص في أن يحصل على قدر من المال ثم تصيبه بالإحباط عندما يفشل في الحصول على الجائزة ويحصل عليها غيره· يجب ألا نبالغ في المكافآت والجوائز، ونؤكد على أهمية عدم بث أخلاقيات وقيم مادية لها سلبياتها· بعض هذه المسابقات نوع من الخداع ولكن هذا لا ينفي وجود برامج مفيدة لا نرفضها· خطورة هذه المسابقات أنها تحل قيم الاتكال محل قيم الاعتماد على النفس والعمل والمثابرة والصبر حتى تتحقق الأحلام، مثلما يحدث عند الحالمين من أصحاب أوراق ''اليانصيب'' و ''اللوتاري''، والأخطر أنها تخلق نوعية من الناس لا تصلح لأن تكون قوى منتجة، وكل همها الجلوس أمام التليفزيون في انتظار اللحظة التي يكسبون فيه
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©