الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«السمالية الصيفي».. يستحضر ماضي الأجداد في البادية

«السمالية الصيفي».. يستحضر ماضي الأجداد في البادية
16 أغسطس 2014 13:55
عاشت جزيرة السمالية في ختام الأسبوع الثاني من ملتقاها الصيفي الذي يحظى برعاية كريمة من سمو الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان، ممثل صاحب السمو رئيس الدولة رئيس نادي تراث الإمارات، أجواء البادية المعروفة عنها في الماضي، وقد توافدت الزيارات عليها من قبل بعض المؤسسات التراثية، بالإضافة إلى زيارة بعض الخبراء والمتخصصين في ميدان الموروث الشعبي الأصيل، وهو ما أنعش ذاكرة طلاب المراكز التابعة لنادي تراث الإمارات في استحضار عبق الماضي عبر مجالس أهل البادية، ومن ثم الاقتراب من النخلة التي تشكل حضوراً مبهراً في واقع الحياة الإماراتية. تدفق طلاب المراكز التابعة لنادي تراث الإمارات بمشهد وصف بأنه كامل العدد من أجل المشاركة في فعاليات ختام الأسبوع الثاني الذي اشتمل على التعريف بمفردات البادية بكل ما تبثه في النفوس من أشواق للماضي الذي تشكل في أحضان بيئات مختلفة منها البادية، ومن ثم البحث عن مواطن الكلأ والماء، وتعلم فنون الفروسية ومهادنة الإبل والاستئناس بمجالس القهوة العربية والتداوي بالنباتات الصحراوية، فضلاً عن الطقوس الخاصة بالأعراس والمناسبات العامة ولقيا الضيف التي تتبع مراسم خاصة تتسم بالحميمية. صورة الماضي حول ختام الأسبوع الثاني لملتقى السمالية الصيفي 2014، وما تميز به من حضور كثيف للمراكز، ومن ثم رغبة بعض التراثيين في زيارة السمالية، ومشاركة الطلاب فرحة الاندماج في بيئة البادية، يقول مدير إدارة الأنشطة بنادي تراث الإمارات سعيد المناعي «حمل اليوم الختامي دفقات حميمية، حيث كانت أعداد طلاب المراكز مكتملة، فوصل العدد إلى نحو 360 طالباً عمروا أروقة جزيرة السمالية، وتفاعلوا بقوة مع الزائرين الذين جاؤوا للتعرف إلى واحد من أهم المعالم التراثية بالدولة، وهي جزيرة السمالية التي تشتمل على جميع بيئات الماضي التي تتحمل على عاتقها مهمة نقل تراث الأجداد إلى الجيل الحالي بصورة مقاربة؛ فقد أضحت السمالية على امتداد السنوات الماضية، حلقة تصل الماضي بالحاضر، ما أغرى بعض المهتمين بشؤون التراث بتلمس مواطنها والتعرف عن قرب إلى تتمتع به من مقومات طبيعية غاية في الثراء». زوار الجزيرة يذكر المناعي أن مشاهد ختام الأسبوع الثاني من ملتقى السمالية الصيفي تميزت بوجود ضيوف لديهم اهتمام كبير بالموروث المحلي، وجاءت زيارة الرئيس التنفيذي للمعهد الدولي للدبلوماسية الثقافية الدكتورة مريم شناصي، وكذلك أعضاء جمعية الشحوح المعنية بصون الموروث الشعبي، في إطار التعاون بين المؤسسات التي لها اهتمامات واسعة بالتراث، ومن ثم المشاركة بشكل تفاعلي مع الفعاليات والأنشطة التي تقدمها جزيرة السمالية إلى أبناء الدولة، وكانت إدارة الأنشطة بنادي تراث الإمارات في استقبال الضيوف والترحيب بهم، ومن ثم اصطحابهم في جولة حول المباني التراثية في جزيرة السمالية، مثل بيت علي حسن الذي يعد من أقدم المباني التراثية بجزيرة السمالية، بالإضافة إلى الحديث عن النخلة وأهميتها في مجتمع البادية قديماً، وكذلك الحديث عن بعض أعشاب التداوي وكيف عاش المواطن الإماراتي في هذه البيئة وتكيف معها. ويلفت المناعي إلى أن أعضاء جميعة الشحوح قدموا عروضاً تراثية أبهجت الصغار والكبار، حيث تلاقى التراث على أرض جزيرة السمالية. صندوق أخضر في أحد أركان القرية التراثية المنصوبة بنادي تراث الإمارات، جلس زايد بن حارب المنصوري يتحدث إلى زوار القرية من الكبار والصغار عن طبيعة البادية في الزمن الماضي، باعتباره صندوقاً أخضر يختزن حكايات الماضي، موضحاً أن بيئة البادية كانت تستخدم الجمل سفينة الصحراء كوسيلة نقل وظل وظليل في كل مناحي الحياة، حتى صارت الإبل ذات مكانة عالية في نفوس البدو. ويشير إلى أن التبادل التجاري كان يتم بين أهل البادية والبحر عبر عملية تبادل للسلع، حيث كان البدوي يقايض التمر بالسمك، وكذلك الحطب والدهن والأزر، وغير ذلك من المواد الغذائية، مشيراً إلى أن الأجداد كانوا يتخذون النخل مأوى لهم، فهي كانت من جريد النخل وتعددت البيوت مثل بيت الليواني وبيوت الشَعر، بحسب البرد والحر. جلسات حميمية عن الجلسات الحميمية التي كانت تجمع أهل البادية في باحات البيوت، يوضح المنصوري أن القهوة العربية كانت زينة هذه المجالس التي كان يجتمع فيها الكبار والصغار وتتداول فيها الأشعار والأمثال والحكم التي تعبر عن حياتهم وتدل على طبيعة معيشتهم في دلالات واسعة للتعبير عن النفس، وكانت المجالس تخص الرجال فقط، ولكن كانت هناك مجالس مخصصة للنساء. ويؤكد المنصوري أن المرأة لعبت دوراً مهماً في هذه البيئة، حيث كانت تقوم بعمل أدواتها المنزلية بنفسها من سعف النخيل، وكذلك تخيط ملابس الأسرة، وترعى الإبل والأغنام وتساند الرجل في كل شيء، وتقوم بمهام الطبخ وتجهيز الأطعمة المشهورة إلى وقتنا هذا مثل الهريس وأم مبريد، العصيدة، الخبيص وغيرهم. وعن أهمية النخلة في حياة البدو، يورد المنصوري أن النخلة كانت ولا تزال مصدر خير كبير، فمنها يجلب التمر، حيث كانت تتراوح أعداد النخيل عند البدوي من 100 نخلة وتتصاعد حتى تصل إلى روضة وجنان. وكان البدوي يجيد تلقيحها حتى تثمر بأطيب الثمر، مشيراً إلى أن هناك أنواعاً كثيرة من النخيل مثل الخشكارة والدباسة واليردية والفرضة والواني وعيون بقر، ونفالة، بالإضافة إلى أن البدوي عرف كيف يداوي نفسه بالأعشاب الطبية، ومن ثم يعرف كل عشبة في التداوي، حتى كانت حياته في البيداء قصة مكتملة المعاني. عادات وتقاليد في جانب آخر، يصف الحياة الإماراتية في البادية كأبلغ ما يكون، حيث تجمع بعض طلاب المراكز التابعة لنادي تراث الإمارات في القرية التراثية للتعرف عن قرب إلى العادات والتقاليد الإماراتية، ومن ثم التجول عبر رحلة تراثية مع المدرب التراثي سعيد بن تركية الذي اصطحب الطلاب إلى بيت البري، وظل يتحدث إلى الحضور عن طبيعته في الحياة قديماً، وكذلك بيت الشعر والحظيرة، وما تتميز به من مجالس القهوة العربية وآدابها، وهو ما جعل هذه الرحلة ذات خصوصية، حيث اطلع طلاب المراكز التابعة لنادي تراث الإمارات على فيديو حي تحتفظ به الذاكرة الحاضرة في وجدان الوالد بن تركية الذي كان خير أنيس وخير صاحب في العبور من الحاضر إلى الماضي بجمال تعبيره وصدق لهجته. مهمة نبيلة لا يخفي المتحدث باسم جميعة الشحوح وأحد الأعضاء المؤسسين لها محمد حروز الشحي، سعادته لوجود أبناء الجمعية في أبهاء جزيرة السمالية. ويرى أنها تتحمل على عاتقها مهمة نبيلة، إذ تسهم في تنمية الوعي لدى الجيل الجيل الجديد بأهمية التراث المحلى في إشعال جذوة الحماس في نفوسهم، ومن ثم تحفيزهم على مواصلة مسيرة الأجداد. ويبين أن نحو 25 فرداً من أعضاء الجمعية قدموا عروضاً تراثية في ختام الأسبوع الثاني من ملتقى السمالية الصيفي، تباينت ما بين «لقيا الضيف» وهذا تقليد قديم حين في استقبال الزوار عبر صفين، الخاص بأبناء الجمعية، والآخر الخاص بإدارة الأنشطة بنادي تراث الإمارات، فضلاً عن تقديم لعبة الطبل التي تتميز بها جمعية الشحوح، وكذلك الندبة، وهي تعتمد على الأصوات، ولعبة السيف بمهارة. مفتاح سحري من ضمن الذين سنوا سنة حسنة في إحدى بيئات العمل أبو روضة، الذي رفض الكشف عن اسمه. ويقول «عندما توليت إحدى الوظائف في مؤسسة أسهمت في أن يتخذ بعض الموظفين الكنية وسيلة لاحترام المديرين بدلاً من كلمة أستاذ فلان». ويلفتإلى أنه وجد أن مناداة الأشخاص بكنيتهم فيه نوع من التآخي والاحترام وفي الوقت نفسه يبتعد بالموظفين عن الروتين اليومي. ويؤكد أن الكنية تقليد إسلامي محبب إلى الناس ويمنح المجالس خلاصة صفوتها، ويضع أفراد المجتمع في مستوى متقارب مع الاحتفاظ بمكانة ودور كل واحد منهم، لكن تظل الكنية من وجهة نظر «أبو روضة» المفتاح السحري لإذابة الفوارق بين الناس. ظاهرة محمودة يؤكد رئيس شعبة الطب النفسي بمدينة خليفة الطبية الدكتور أحمد الألمعي أنه بالنسبة للنساء فالكنية لهن من الضرورات إذ إن المرأة اعتادت على أن تنادى بغير اسمها حفاظاً على خصوصيتها والكثيرات منهن حين يرزقن بمولود يسارعن في اتخاذ اسمه كنية لهن فيقال أم فلان، وهذه أيضاً من العادات الأصيلة في المجتمع الخليجي بوجه خاص. ويشير إلى أن الرجل في البيت يكني زوجته وهي الأخرى تكنيه في دلالة على الود والتقدير والمحبة وإزالة الفوارق، ما يؤكد أن الكنية من الظواهر المحمودة في المجتمع والتي لها تأثير على إنضاج العلاقات الاجتماعية وتقويتها. مركز تعليم تؤكد الرئيس التنفيذي للمعهد الدولي للدبلوماسية الثقافية الدكتورة مريم شناصي أن جزيرة السمالية مركز تعليمي عالمي للتراث والأصالة فهي تجمع أبناء الوطن على حب الموروث الشعبي الأصيل. وتذكر شناصي أن «دعم سمو الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان ممثل صاحب السمو رئيس الدولة ، رئيس نادي تراث الإمارات، غير المحدود أسهم في إثراء حياة الجيل الجديد وارتفاع مستوى ثقافته التراثية». وعند أحد المدافع القديمة وقفت شناصي تتأمله ومن ثم التقطت لها بعض الصور التذكارية. أقدم البيوت أصر الطفل راشد محمد اليماح على أن يصعد على السلالم المؤدية للدور العلوي في بيت علي حسن بجزيرة السمالية، وفي أثناء ذلك ظل والده محمد اليماح يوضح له قيمة هذا البيت ومكانته كأقدم البيوت التي شيدت في الجزيرة، بالإضافة إلى كونه من أحد التراثيين القدامي أصحاب الخبرة الواسعة في مجال التراث. تمر الإمارات بمناسبة ختام الأسبوع الأول من ملتقى السمالية الصيفي المخصص للبادية وقف مدير إدارة الأنشطة بنادي تراث الإمارات سعيد علي المناعي، مع مجموعة من زوار جزيرة السمالية يتحدث إليهم عن أهمية النخلة في البادية وأنواع تمور الإمارات، مثل «خلاص وحمري وزبد وأو الرمول وأبو معان وأم رحيم وبرحي وبريم وبصري وبقالة دحالة وجبري وجيش سويح وجش فلقة وحاتمي وبريم وبصرى وحلاوي وحياتي وغيرها. وكان يتحدث عن ما يتميز به كل نوع وسط دهشة الحاضرين. حديث الطوي في لقطة معبرة اقترب الطالب بمركز أبوظبي التابع لنادي تراث الإمارات فيصل آل علي البالغ من العمر 15 عاماً من الطوي الموجود في جزيرة السمالية وتبعه الطالب بمركز الوثبة محمد عمر 8 سنوات وظل آل علي يتحدث إلى زميله عن كيفية جلب الماء من الطوي فضلاً عن أنه دار بينهما حديث طويل عن المنافع المرجوة من الطوي ومدى استفادة أهل البادية منه في الماضي وعلى الرغم من صغر سن آل علي إلا أنه من خلال المعلومات التي اكتسبها من المدربين التراثيين بالجزيرة استطاع أن يعطي محمد عمر لمحات خاطفة عن مكانة الطوي في الموروث الشعبي المحلي. آداب المجالس في لفتة طيبة تشير إلى وعي مبكر لدى الطفل ناصر علي بأهمية الضيافة الإماراتية قدم لضيوف جزيرة السمالية القهوة العربية، بأسلوب ينم عن أنه تدرب طويلاً على كيفية تقديمها إذ إن لها آداباً وسلوكيات وتقاليد خاصة، وظل ناصر يتجول في خيمة الضيافة التي نصبت في ساحة الأنشطة القريبة من شواطئ جزيرة السمالية وسط حفاوة الكبار بهذا الغلام الذي يعرف كيف يتعامل بآداب المجالس.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©