الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

جنرالات إسرائيل والشيطان والملائكة المدّمرة

2 سبتمبر 2006 01:14
القدس- الاتحاد -( خاص) : لا أحد يطلب من هيئة الأركان الإسرائيلية أن تلقي بالطائرات في مكبّ للنفايات· ولكن في أجواء الصدمة، بدأت تسمع أصوات تسأل عن الجدوى من النموذج الاسبارطي·· هل كانت حرباً على أساس المعادلة التالية: ''الرغبة في الموت تواجه الرغبة في الحياة''··البعض يرى في ذلك مجرد تحليل سفسطائي· ثمة شيء تغيّر لدى الإسرائيلي، وثمة شيء تغيّر لدى العربي، إذاً لماذا لا يفكر الإسرائيليون بطريقة أخرى؟··هذه عملية شاقة، ربما مستحيلة· بوضوح، أو بالأحرى بالأذن المجرَّدة تسمع قرقعة السلاح في رؤوس الجنرالات· الديبلوماسية مؤجلة جداً· لا وقت لدى أصحاب الرؤوس الساخنة للتأمُّل··لهذا قال ''عزرا وايزمان'': ''لقد وُلِدنا في الخنادق ويريدون منّا أن نموت في الخنادق''· اعترض، وقال: ''إننا بحاجة إلى تغيير رؤوسنا''· ''وايزمان'' الذي ينتمي إلى تلك العائلة اليهودية الشهيرة (عمه العالِم ''حاييم وايزمان'' الذي كان أول رئيس دولة في إسرائيل) كان جنرالاً شهيراً، وقاسياً، قبل أن يكتشف ما يحلّ أخيراً بـ''الجنرالات القساة''· ارتدّ باتجاه السلام: '' لماذا يفترض أن تكون هناك دائماً قنبلة تحت الوسادة؟''· لكن الذي حدث أخيراً أظهر أن الجنرالات ما زالوا يحتفظون برؤوسهم· لا خيار سوى القوة· ليس هناك من طيّار اعترض على ضرب أهداف مدنيّة، وهذا ما حمل ضابطاً سابقاً هو ''افرايم شندلر'' على التساؤل ما إذا ''كنا سنبقى بشراً''· رأى الطيّارين وهم يعودون بكل ذلك الزهو من ''رحلاتهم'' تاركين ''كل أنواع الناس تحت الركام''· يعرب عن ذهوله لأن أحداً لم يقدم اعتذاراً للأطفال الذين قُتلوا ''خطأ''· التلمود غناء ''شندلر'' لاحظ كم تتكرر كلمة ''خطأ''، ليضيف انّ الطيارين لم يكونوا بارعين بما فيه الكفاية، فرغم الأجهزة المتطوّرة جداً في طائراتهم، كثيراً ما توجّهت الصواريخ إلى أمكنة لم تكن ملحوظة في ''بنك الأهداف'' إلا ''إذا اعتبرنا أنّ كل من يدبّ على الأرض اللبنانية هو هدف''· هذا مع أنّ الطائرات كانت تتحرّك في أجواء خالية تماماً: ''كما لو أنها نزهات في ضوء القمر''· إنه يسأل ''ماذا كان حلّ بنا لو أن الإرهابيين كانوا يمتلكون صواريخ متطوّرة مضادة للطائرات؟ بالتأكيد كنا سنرى مقبرة أخرى في السماء، لا أدري كيف اقتصر الأمر على··· نصف فضيحة''· حتى الحاخامات الذين حاولوا، وعبر الصلوات، استحضار ''الملائكة المدمّرة'' لمساعدة الجنود على ''محق الأشرار''، فوجئوا بحجم الخسائر· لم يكونوا يتصوّرون ذلك قط· ''عوفيديا يوسف'' قال: ''إننا ننتج أجيالاً محطمة''· القليلون يذهبون إلى الكنيس· اعترض على ''مادونا''، نجمة الاستعراض الأميركية، الشهيرة، التي أخذت بطقوس القبالاه اليهودية التي تجسّد نوعاً معيناً من الحلولية الصوفية، وقال إن موسيقى البوب باتت أكثر جاذبية من أقوال التلمود· ولقد كان لافتاً أن هناك فرقة من العبثيين في نيويورك الذين يقودهم مغن يهودي مغمور يدعى ''أريك سوروس'' تقدم أغنيات صاخبة مقتبسة من نصوص في التلمود··هؤلاء الشبان يرتدون الألوان القاتمة، ويغطون شفاههم بسائل أحمر على أنه الدم·· الوقت ليس ملائماً أبداً للكلام عن انقلاب محتمل في الاستراتيجية الإسرائيلية· الذاكرة اليهودية تعمل بآلية مختلفة عن أي ذاكرة أخرى··هل نتوقع حرباً أخرى إذاً؟ الجنرال ''آمنون شاحاك'' الذي يرأس لجنة التحقيق في حرب لبنان، قال: ''ربما كان علينا إعادة النظر في أشياء كثيرة''· يعلق ''يوئيل ماركوس'': ''لا أحد سيطلب من هيئة الأركان أن تلقى الطائرات في مكبّ للنفايات''· الصورة لا بد لافتة، ولكن لنتذكر ما سبق وقاله ''ناحوم غولدمان''، وهو أحد آباء الدولة العبرية وكان رئيساً للوكالة اليهودية العالمية: ''هل لنا أن نتصوّر أن هذه الطائرات تقودنا إلى إسرائيل الكبرى''، محذراً من السقوط في جاذبية ''تلك الطائرات العمياء''· التلفزيون ضدنا الواضح أنّ هناك مَن يحاول أن يلملم الفضيحة· ''زئيف شيف''، المعلق العسكري البارز، يقف ضدّ التعتيم، وضدّ الخداع، وضدّ الهروب إلى الرؤيا، معتبراً أنّ المرحلة الراهنة تتطلب الحد الأقصى من الشفافية والمساءلة، إذ يفترض أن يعرف أين يوجد الخلل، وملاحظاً، بذهول، انّ الجندي الإسرائيلي لم يعد هو الذي يخيف، بل انه المقاتل على الجانب الآخر الذي لا يعوزه أي شيء سوى الرغبة في الموت· الجندي الإسرائيلي يختلف كلياً: الرغبة في الحياة· لم تعد التعبئة الايديولوجية كافية أو مؤثرة· أحد الجنود اعترف، في وقت سابق، بأنه رشق حاخاماً بالحجارة·· لكن ''شيف'' يثير مسألة أخرى وحسّاسة: ''هل لعب التلفزيون ضدنا؟''·· في الحروب السابقة كان الجندي الإسرائيلي غامضاً بالنسبة إلى الجندي العربي الذي كان يحسب أنه أمام كائن اسطوري· الكاميرا كانت تلاحق الجنود الإسرائيليين حتى وهم يموِّهون وجوههم على ذلك النحو الكاريكاتيري، بالتأكيد كانوا يفعلون ذلك لتخويف العدو· الهنود الحمر كانوا يفعلون ذلك، وثمة معلق آخر يقول: ''ربما كان الجنود يفعلون بوجوههم هكذا كي يخفون الشعور بالخوف''· هذا صحيح إلى حد كبير، كما أنّ الكاميرا ''كشفت'' أنّ الجندي يشبه أي شخص آخر، وأنه يمكن أن يموت ما دام يضحك، ويتناول الطعام، ويجلس متعباً عند حائط، ويختبىء، ويهرب·· إنّ أحداً لا يستهين بالترسانة الإسرائيلية· هناك قوّة هائلة· على موقع أوروبي على شبكة الانترنت هذا السؤال: ''وماذا لو امتلك القرود القنبلة النووية؟''· السؤال جاء بعد عرض دقيق للأداء الإسرائيلي في المعركة: ''أحد الجنود قال إننا كنّا أمام بنادقهم مثل الاوز، ولكن، في الحقيقة، بدوا أشبه ما يكونون بالقردة''· الموقع ظهر في الأيام الأخيرة للحرب، وبعد ذلك بثلاثة أيام ثم اختفى، دون أن يُعرف ما إذا كان ذلك حدث بغارة أو بضغط ما، لكن المؤكد أن صاحب الموقع يهودي أوروبي، إذ أنه كان يتكلم بألم عن كيفية إدارة المعارك، وعن هزال التخطيط، ليستنتج أن الارتباك يمكن أن يفضي إلى تصرفات خطيرة، بما في ذلك اللجوء إلى الخيار النووي التكتيكي، وإن كانت معلومات قد ترددت بأن رئيس الأركان الجنرال ''دان حالوتس'' طلب استخدام الأسلحة النيوترونية، وهي أحد المشتقات النووية، إنها تقتل البشر فقط· الشيطان ··والجنرال إذا صحّ ذلك، فهو لا يعكس مدى الوحشية لدى القيادة العسكريين الإسرائيليين فحسب، بل أنه يفضح مدى الخلل في الأداء، وهو خلل كارثي· وهنا نستعيد ما حدث للجنرال ''دوغلاس ماك آرثر'' الذي بعث برسالة عاجلة إلى الرئيس ''هاري ترومان'' طالباً إليه ضرب القوات الشيوعية (الصينية والكورية) التي كانت تدفع القوات الأميركية أمامها، بالقنبلة الذرية، تماماً كما حدث في هيروشيما وناكازاكي، وكان أن البيت الأبيض استدعى بطل الباسيفيك ليحل محله الجنرال ''ماتيو ريد غواي''· كتب ''افريل هاريمان'' بعد ذلك: ''لأنه يفترض أن يبقى الشيطان خارج رأس أي جنرال أميركي''· ولكن، بالتأكيد، انّ الشيطان هو ضيف شرف في رأس ''دان حالوتس'' الذي من المرجح أن يدفع ثمن إدارته الفاشلة للحرب· هو الذي إعتقدَ أن باستطاعة الطائرات أن تحسم الوضع في مهلة أيام ثلاثة، ولكن ليعترف معاون له لم يذكر اسمه أنّ المشكلة في أنّ الطائرات، في اليوم الأول، تصرّفت كما لو أنها مجرد سلاحف نفاثة، أي أنها تلقت أوامر بطيئة جداً، ومع أنه كانت توجد في بنك الأهداف لائحة بستة قياديين في ''حزب الله''، فإن أحداً من هؤلاء لم يصب بأذى·· من بعيد، عادت فكرة تحويل إسرائيل إلى فاتيكان يهودي· ''غولدمان'' قال بـ''الدولة ــ الكنيس''· لم يعد بالإمكان استدراك ما حدث في لبنان إلا بحرب نووية ربما· ''يوسي ساريد'' يقول بوقف العمل بالنموذج الاسبارطي· ولكن مَن يستطيع أن يقنع الجنرالات بأن أثينا أكثر جدوى من اسبارطة؟·· بوضوح تسمع في رؤوسهم قرقعة السلاح··· أورينت برس
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©