الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

معركة نهاوند.. فتح الفتوح ودرس في الصبر على قتال الأعداء

معركة نهاوند.. فتح الفتوح ودرس في الصبر على قتال الأعداء
26 يوليو 2013 21:08
في سنة 21 هجرية وردت أنباء إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن الفرس التفوا حول ملكهم الذي هرب من المدائن، واحتشدوا في جموع هائلة في نهاوند تصل إلى 200 ألف جندي بقيادة الفيرزان، فجهز عمر جيشاً قوامه 40 ألف مجاهد تحت قيادة النعمان بن مقرن، ودارت معركة نهاوند، وانتهت بنصر عظيم للمسلمين، وقد سمى المؤرخون هذا النصر فتح الفتوح، فبهذا النصر انتهى حكم الدولة الساسانية في إيران بعد أن دام 416 عاما. أحمد مراد (القاهرة) - عن السائب بن الأقرع قال: زحف الفرس للمسلمين في نهاوند، فبلغ ذلك عمر فشاور المسلمين. فقال علي: أنت أفضلنا رأياً وأعلمنا بأهلك. فقال: لأستعملن على الناس رجلاً يكون لأول أسنة يلقاها، أي أول من يتلقى الرماح بصدره، كناية عن شجاعته، يا سائب اذهب بكتابي هذا إلى النعمان بن مُقرن، فليسر بثلثي أهل الكوفة، وليبعث إلى أهل البصرة، على ما أصابوا من غنيمة، فإن قُتل النعمان فحذيفة الأمير، فإن قُتل حذيفة فجرير بن عبد الله. ودخل عمر المسجد ورأى النعمان يصلي، فلما قضى صلاته بادره عمر: لقد انتدبتك لعمل، فقال: إن يكن جباية للضرائب فلا، وإن يكن جهاداً في سبيل الله فنعم. تجهيز الجيش وانطلق النعمان عام 21 هــ يقود الجيش، وبرفقته بعض الصحابة الكرام، وطرح الفرس حسك الحديد - مثل الشوك يكون من الحديد - حول مدينة نهاوند، فبعث النعمان عيونا فساروا لا يعلمون بالحسك، فزجر بعضهم فرسه فدخلت في يده حسكة، فلم يبرح الفرس مكانه، فنزل صاحبه ونظر في يده فإذا في حافره حسكة، فعاد وأخبر النعمان بالخبر، فاستشار جيشه فقال: ما ترون؟ فقالوا: انتقل من منزلك هذا حتى يروا إنك هارب منهم، فيخرجوا في طلبك، فانتقل النعمان من منزله ذلك، وكنست الأعاجم الحسك فخرجوا في طلبه، فرجع النعمان ومن معه عليهم، وقد عبأ الكتائب ونظم جيشه وعدده أربعون ألفاً. سرير من الذهب اجتمع المسلمون حول نهاوند واجتمع الفرس فيها، وأرسل الفيرزان أحد قادة الفرس واسمه بندار إلى جيش المسلمين وقال لهم: أرسلوا إلينا رجلاً نكلمه، فذهب إليهم المغيرة بن شعبة بمنظر رهيب وشعر مسترسل طويل، وعندما دخل وجد بندار يجلس على سرير من الذهب وعلى رأسه تاج نفيس. قال المغيرة: فمضيت فصاروا يدفعونني ويزجرونني. فقلت: الرسل لا يُفعل بهم هذا. فقالوا: إنما أنت كلب. فقلت: لا أنا أشرف في قومي من هذا في قومه - وأشار إلى بندار. فانتهره الجند وقالوا: اجلس. فتكلم بندار قائلاً: إنكم معشر العرب أبعد الناس من كل خير، وأطول الناس جوعاً، وأشقى الناس شقاءً، وأقذر الناس قذراً، وأبعدهم داراً. قال المغيرة: والله ما أخطأت من صفتنا شيئاً ولا من نعتنا، إن كنا لأبعد الناس داراً، وأشد الناس جوعاً، وأشقى الناس شقاءً، وأبعد الناس من كل خير، حتى بعث الله - عز وجل - إلينا رسوله - صلى الله عليه وسلم - فوعدنا النصر في الدنيا والجنة في الآخرة فوالله ما زلنا نتعرف من ربنا منذ جاءنا رسوله الفتح والنصر، حتى أتيناكم، وإنا والله لا نرجع إلى ذلك الشقاء أبداً حتى نغلبكم على ما في أيديكم أو نُقتل بأرضكم. وفي غفلة وثب المغيرة فقعد مع بندار على سريره. فصرخ بندار: خذوه، فأخذه الجند وصاروا يضربونه بأرجلهم، وقال بندار: إن شئتم قطعتم إلينا، وإن شئتم قطعنا إليكم. فعاد المغيرة واستشار قائد الجيش النعمان، فقال النعمان: اعبروا. مناوشات وأنشب النعمان القتال يوم الأربعاء، ودام على شكل مناوشات حادة إلى يوم الخميس، والحرب سجال بين الفريقين، وكان الفرس خلالها في خنادق، وخشي المسلمون أن يطول الأمر فاستشار النعمان أصحابه، فقال طليحة: أرى أن تبعث خيلاً مؤدبة، فيحدقوا بهم، ثم يرموا لينشبوا القتال، ويحمشوهم - أي يغضبوهم-، فإذا أحمشوهم واختلطوا بهم وأرادوا الخروج أرزوا - أي انضموا - إلينا استطراداً - أي خديعة - وأقر الجميع هذا الرأي فأمر النعمان القعقاع أن ينشب القتال فأنشبه، فخرج الفرس من خنادقهم، فلما خرجوا نكص القعقاع بجنده، وخرج الفرس جميعاً فلم يبق أحد إلا حرس الأبواب، حتى انضم القعقاع إلى الناس، والنعمان والمسلمون على تعبئهم في يوم جمعة في صدر النهار، وأقبل الفرس على الناس يرمونهم، والمسلمون يطلبون من النعمان الإذن بالقتال، وبقي النعمان يطلب منهم الصبر. التكبيرة الأولى فلما جاء الزوال وهبت الرياح أمر بالقتال، وعندئذ ركب فرسه وبدأ يحرض المسلمين على القتال، ثم قال: فإن قتلت فالأمير بعدي حذيفة، وكبر النعمان التكبيرة الأولى ثم الثانية، ثم قال: اللهم اعزز دينك وانصر عبادك، واجعل النعمان أول شهيد اليوم على إعزاز دينك ونصر عبادك، وكبر التكبيرة الثالثة، وبدأ القتال، وأثناء تقدم القائد بدأ الفرس يتركون الساحة وزلق بالقائد فرسه من كثرة الدماء في أرض المعركة، فصرع بين سنابك الخيل، وجاءه سهم في جنبه، فرآه أخوه نعيم فسجاه بثوب، وأخذ الراية قبل أن تقع وناولها حذيفة بن اليمان فأخذها، وقال المغيرة: اكتموا مصاب أميركم حتى ننتظر ما يصنع الله فينا وفيهم. ولما زلق فرس النعمان به لمحه معقل بن يسار فجاءه بقليل من الماء، فغسل عن وجهه التراب، فقال النعمان: من أنت؟ قال: أنا معقل بن يسار، قال: ما فعل الناس؟ قال: فتح الله عليهم، قال: الحمد لله، اكتبوا بذلك إلى عمر، وفاضت روحه. إضاءة لما أظلم الليل انهزم الفرس، وقتل منهم ما يزيد على مئة ألف، وهرب الفيرزان، فتبعه القعقاع راجلا فقتله. وحزن المسلمون على موت أميرهم وبايعوا بعد المعركة أميرهم الجديد حذيفة، ودخلوا نهاوند عام 21 هـ بعد أن فتحوها.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©