على الرغم من كل التقنيات التي تتطور باستمرار لتأمين تحول الطاقة النووية السلمية الى طاقة كهربائية تدير المعامل لخدمة الإنسانية، الا ان التقنيات في الوقت نفسه تبقى عرضة للمفاجآت غير المتوقعة وبالتالي فان الاحتمالات الكارثية لا يجب ان تغيب عن الاذهان· ومهما توفرت عوامل الامان يبقى المشهد بين كارثة ''ثري مايل'' النووية الاميركية وتشرنوبل الاوكرانية عالقا في الذاكرة·
في عام 1979 حدث تسرب إشعاعي جزئي في مفاعل ''ثري مايل آيلاند'' النووي قرب بنسلفانيا وذلك نتيجة لفقدان السيطرة على التفاعل الانشطاري وهو ما أدى لانفجار حرر كميات ضخمة من الإشعاع، لكن تمت السيطرة على الإشعاع داخل المبنى وبذلك لم تحدث وفيات عندها·
لكن فجر يوم 26 ابريل 1986 اي قبل نحو اكثر من 20 عاما كان مختلفا حيث تهشم فجأة صمام الأمان في قلب المفاعل رقم أربعة في محطة تشرنوبل الأوكرانية ثم تلا ذلك انفجاران دمرا مبنى المحطة، وتصاعد عمود دخان اشعاعي حول السماء الزرقاء الى حمراء منتشرا في المنطقة وممتدا لاحقا إلى عدد كبير من الدول الأوروبية والأفريقية والآسيوية، في اكبر كارثة نووية من نوعها في التاريخ·
الحصيلة الرسمية للانفجار الذي تجاوز فيه احتراق الوقود النووي مدة تزيد عن 10 أيام اشارت فقط الى سقوط 31 قتيلا وإصابة 237 آخرين، لكن مصادر اخرى اكدت واثبتت لاحقا أن عدد القتلى تراوح بين 15 و35 ألفاً الى جانب تهديد الاشعاعات نحو ثلاثة ملايين طفل على الأقل·
قلب المنطقة الى الآن وبعد مرور نحو 20 عاما على الكارثة ما زال مهجورا الا من قليل من السكان ينظر اليها من على بعد نحو اكثر من 70 كيلو مترا·· الحيوانات منتشرة في المكان، ذئاب ووعول وغزلان وثعالب وثيران برية، والمكان اشبه بحلقة في مسلسل رعب، وهناك منطقة دائرية لا تزال محظورة تماما على اي كان يبلغ نصف قطرها ؟؟ ميلا في كل الاتجاهات تبدأ من المفاعل النووي المدمر وتصل حتى بيلاروسيا (روسيا البيضاء) المجاورة·
المفاعلات الثلاثة في المنطقة اغلقت تباعا بعد الكارثة ولم يبق على جدرانها سوى بعض الشعارات السوفييتية القديمة مثل (الصداقة بين شعوب الاتحاد السوفييتي أقوى من الذرة)· والشقق السكنية لا تزال موجودة لكنها خالية تماما من أي نوع من الحياة، والمواقع التي تحتوي على مستويات عالية من الإشعاع لا تزال موجودة ايضا في عدد من نواحي المدينة والمنطقة·
عدد اليوم
