الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الإسلام أعلى من شأن الأسرة وشرع مقومات صونها

الإسلام أعلى من شأن الأسرة وشرع مقومات صونها
22 يوليو 2012
أبوظبي (الاتحاد) ـ إنَّ شريعتنا الغراء علمت العالم أجمع كيف يبني مجتمعاً سليماً عن طريق بناء الأسرة بناء شرعياً تتكامل فيه الأدوار بين الجنسين، وجعل قوامة الرجل على المرأة نوعاً من التنظيم الذي جعله الإسلام ديدنه في كل المجالات، حتى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا يحل لثلاثة نفر يكونون بفلاة إلا أمروا عليهم أحدهم”. وقد حدّد الإسلام مكانة الأسرة، وأشار إلى أنها قاعدة التكوين الأولى لبني الإنسان، فقال عز من قائل: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)، “النساء”. فقد شاءت إرادة الله عز وجل أن تبدأ الحياة وتنمو انطلاقاً من رحاب الأسرة، فخلق سبحانه النفس الواحدة، وخلق منها زوجها، فكانت الأسرة من زوجين، ثم انبثت الأسر وقام المجتمع الإنساني. كما جعل سبحانه وتعالى البيت موضعاً للسكن يطمئن فيه المرء يأوي إليه، ويقيم فيه نظام الأسرة المتكامل، فقال تعالى: (وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا ...). فالأسرة في الإسلام هي أساس المجتمع، واللبنة الأولى في بناء كيان الأمة، والنواة الأولى في تشييد صرح حضارتها، بصلاحها يقاس صلاح المجتمع، وبفشلها وانهيارها وسيرها في مزالق الضياع والضلال يقاس إخفاق المجتمع وتقهقر الأمة. كيان الأسرة وقد رغب ديننا الحنيف في بناء كيانها، وإقامة صرحها، وتكوين قواعدها، والحفاظ على جوها الصافي وظلها الوارف أن تشوبه غوائل البغضاء، وعوامل الشقاق والشحناء. فكان أول ما عني به في تكوينها أن شرع الزواج وحث عليه، وجعله من آياته في الكون، فقال تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا ...)، “الروم”. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء”، (رواه البخاري). كما جعل الدين والخلق أساس اختيار أحد الزوجين للآخر كما في حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: “تزوجت امرأة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا جابر، أتزوجت؟ قلت: نعم. قال: بكراً أم ثيباً؟ قلت: ثيباً، قال: ألا بكراً تلاعبها. قلت: يا رسول الله، كن لي أخوات، فخشيت أن تدخل بيني وبينهن، فقال: إن المرأة تنكح لدينها ومالها وجمالها فعليك بذات الدين تربت يداك”، (رواه مسلم). وأوصى الأولياء بقوله عليه الصلاة والسلام: “إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض”، (رواه الترمذي وابن ماجة). وما ذلك إلا لتنشأ الأسرة في كنف حياة تتفيأ ظلال المحبة الصادقة، والإيمان الراسخ الذي يحمي من الزيغ والانحراف. والتذكير بمكانة الأسرة في الإسلام له أهمية بالغة لما تمثله من منزلة سامية في هذا الدين الحنيف، ولما للعناية بها من أثر في صلاح المجتمعات، ولما للتفريط فيها من عواقب وخيمة على الفرد والمجتمع، لا سيما وأنها تتعرض لموجات من العنف والتشدد يخالف النظام الأسري المبني على قواعد الوسطية والاعتدال، الذي جعله الله عز وجل نظاماً بالغ الدقة والإحكام، جديراً بالعناية والاهتمام، لم يعرف العالم بأسره نظاماً للأسر أسعد ولا أكمل ولا أعدل من نظام الإسلام. مكانة المرأة تجدر الإشارة في هذا المقام إلى أن المرأة المسلمة هي أساس السكن والاستقرار الأسري، وهي المحافظة عليه، إذ قال تعالى: (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا)، “الأعراف، أي يأنس بها ويأوي إليها. وقال أيضاً: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)، “الروم: 21”، نلاحظ أن التعبير بـ “إليها” في الآيتين يرجع إلى المرأة، فهي مكانه وموطنه، فالزوج يسكن إليها، والبيت بمن فيه يسكن إليها إذا أحسنت القيام بدورها. ولها في زوجات رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة؛ فهذه خديجة رضي الله عنها تؤازر رسول الله صلى الله عليه وسلم بمالها ونسبها ورجاحة عقلها، ومن المواقف الخالدة موقفها معه صلى الله عليه وسلم في بداية نزول الوحي عندما رجع إليها من غار حراء يرجف فؤاده، فنجدها تهدئ من روعه وتذكره بصفاته الحميدة وأخلاقه الفاضلة قائلة بلطف وحنان: “فو الله لا يخزيك الله أبدا. إنك لتصدق الحديث، وتصل الرحم، وتحمل الكل، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق...”، (رواه البخاري ومسلم)، وهذه أم سلمة رضي الله عنها تشير عليه صلى الله عليه وسلم في موقف من أصعب مواقف المسلمين في صلح الحديبية، وهكذا كان دأب الصحابيات الجليلات في مساندة أزواجهن، وكانت بيوتهن رحيق حنان وألفة، ومأوى رعاية وأمومة، ومركز عبادة وخشوع. وكذلك على الزوج أن يراقب الله عز وجل في معامته لزوجته، وينظر ما الذي يرضيه سبحانه وتعالى في علاقته بها. تلك العلاقة المقدسة التي بنيت بكلمة من الله تعالى، وعليه أن يقتدي برسول الله صلى الله عليه وسلم ويمتثل فعله وينهج نهجه في معاملة زوجته بالود والرحمة، سئلت السيدة عَائِشَةَ رضي الله عنها مَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْنَعُ فِي بَيْتِهِ؟ قَالَتْ: “كَانَ يَكُونُ فِي مِهْنَةِ أَهْلِهِ - تَعْنِي خِدْمَةَ أَهْلِهِ - فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلاَةُ خَرَجَ إِلَى الصَّلاَةِ”، (رواه البخاري)، وعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أيضاً قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي”. د. رشيدة عبد السلام بوخبرة قيم التماسك الأسري ووعي من ولاة الأمور في دولة الإمارات بدور الأسرة الرائد في بناء المجتمع، فقد فتحوا جميع الأبواب ويسروا جميع السبل التي من شأنها أن تخدمها وتعزز أواصر التواصل بين أفرادها، بدءا بصندوق الزواج الذي لا يقتصر دوره - كما قد يتبادر للأذهان - على إعطاء منح للمقبلين على الزواج فحسب، وإنما يتجدد نشاطه ويعرف في كل مرحلة من مراحله نقلة نوعية في برامجه لبناء أسرة إماراتية متماسكة، والاتحاد النسائي العام الذي يعنى بشؤون الأسرة بوجه عام، وبالمرأة والطفل بوجه خاص، والذي يحرص على إرساء قيم التماسك الأسري، وترسيخ مبادئ التكافل الاجتماعي في سبيل تمكين الأسرة الإماراتية ودعم استقرارها، والحفاظ على نسيجها. هذا فضلاً عن الأصوات المختلفة التي تنطلق من المساجد عبر خطب الجمعة، ومن المؤسسات المتنوعة عبر الندوات والمحاضرات وغيرها لتعزيز التواصل الأسري الذي تنعم به البلاد، والذي نلاحظ من أهم مظاهره أن الابن لما يتزوج يسكن في بيت والده، فتنمو الأسرة ويؤازر بعضها بعضاً، ويحس الوالد بالفخر الكبير وهو بين أبنائه وأحفاده.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©