الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«نوح».. بعثه الله إلى أوَّل قوم عبدوا الأوثان

22 يوليو 2012
أحمد محمد (القاهرة) - كان الناس في آخر عهد إدريس عليه السلام على شريعة الإسلام وأحكام دين الله، مسلمين مؤمنين يعبدونه وحده، استمر الأمر على هذه الحال إلى أن ظهر إبليس لهم في صورة إنسان ليفتنهم وأمرهم أن يعملوا صوراً وتماثيل لخمسة من الصالحين كانوا معروفين بين قومهم، فأطاعوه، ولمّا طالت الأيام بعد وفاة إدريس، ظهر لهم مرة أخرى في وقت كثر فيه الجهل والفساد في الأرض، وأمرهم أن يعبدوا هذه التماثيل والأصنام الخمسة فأطاعوه واتخذوهم آلهة من دون الله وصاروا كافرين مشركين، ولم يكن في ذلك الوقت نبي، وظهرت عبادة الأوثان. انتشر الكفر بينهم، فبعث الله إليهم رجلا منهم، هو “نوح” عليه السلام، اختاره واصطفاه من بين خلقه، ليكون نبياً ورسولاً، وأوحى إليه أن يدعو إلى عبادة الله وحده لا شريك له، أرسله إلى قوم فسد حالهم، ونسوا أصول شريعة الله التي أنزلها على أنبيائه ورسله السابقين، وصاروا يعبدون الأوثان، وأثبت القرآن الكريم انهم خمسة، كانوا يقدسونها، وهي: ودّ - سواع - يغوث - يعوق - نسر، وشجع بعض القوم بعضاً، في عبادة أصنامهم، (وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعاً ولا يغوث ويعوق ونسرا) “نوح، الآية 23”، يقول ابن جرير الطبري، إنه أول انحراف عقائدي على وجه الأرض. اجتهاده وأخذ نوح جانب اللين واللطف، ولكن القوم لم يزيدوا إلا عناداً، وقالوا إنه بشر مثلهم، (قال الملأ الذين كفروا من قومه ما نراك إلا بشرا مثلنا)، وهاجموه في أتباعه بأنه لم يتبعه غير الفقراء والضعفاء والأراذل، قال القرطبي في تفسيره: الملأ الذين كفروا هم الرؤساء الذين كانوا في قومه، ولجأوا إلى المساومة، اشترطوا كي يؤمنوا أن يطرد الذين آمنوا، فأدرك “نوح” أنهم يعاندون وخرجوا عن حدود الأدب، (قال الملأ من قومه إنا لنراك في ضلال مبين)، “الأعراف، الآية 60”، فرد عليهم بأدب الأنبياء (قال يا قوم ليس بي ضلالة ولكني رسول من رب العالمين، أبلغكم رسالات ربي وأنصح لكم وأعلم من الله ما لا تعلمون)، الأعراف، “الآيتان 61 - 62”. اجتهد نوح في دعوة قومه إلى الله، واستمر يوماً بعد يوم، وعاماً بعد عام، من دون أن يزيد عدد المؤمنين، ومرّت سنوات وهو يدعوهم ليلاً ونهاراً، وسراً وجهراً، يضرب الأمثال، ويشرح الآيات، ويبين قدرة الله في الكائنات، وكلما دعاهم فروا منه، ووضعوا أصابعهم في آذانهم واستكبروا عن سماع الحق، إذا ذهب إلى بعضهم يدعوهم إلى عبادة الله، ويحدثهم عن الإيمان به، وضعوا أصابعهم في آذانهم حتى لا يسمعوا كلامه، وإذا ذهب إلى آخرين يحدثهم عن نعم الله عليهم وعن حسابهم يوم القيامة، وضعوا ثيابهم على وجوههم حتى لا يروه، واستمر هذا الأمر طويلاً حتى قالوا: (يا نوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين)، “هود، الآية 32”. سفينة نوح حزن نوح - عليه السلام - لعدم استجابة قومه وطلبهم للعذاب، لكنه لم ييأس، وظل لديه أمل في أن يؤمنوا ومرت الأيام والسنون من دون نتيجة أو ثمرة لدعوته، واتجه إلى ربه يدعوه، ويشكو له ظلم قومه لأنفسهم، لبث فيهم 950 سنة وهو يدعوهم، حتى أوحى الله إليه (أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن)، “هود، الآية 36”، حينها دعا نوح على الكافرين بالهلاك، أمره الله أن يصنع سفينة، علمه كيف يتقن صنعها، وكلما مر الكفار عليه ومن معه من المؤمنين سخروا منهم واستهزأوا بهم، ينفجرون بالضحك ويتهمونهم بالجنون، إذ كيف يصنعون سفينة وهم يعيشون في صحراء جرداء لا بحر فيها ولا نهر، وزاد استهزاؤهم حينما عرفوا أن هذه السفينة هي التي سوف ينجو بها نوح ومن معه حينما ينزل عذاب الله. حمل نوح في السفينة من كل حيوان وطير ووحش زوجين اثنين، وصعد أهله من المؤمنين، إلا زوجته وأحد أبنائه، فلم يكونا مؤمنين، وقيل إن الذين آمنوا به، كان عددهم ثمانين شخصا، (وقال اركبوا فيها بسم الله مجريها ومرسيها إن ربي لغفور رحيم). الطوفان بدأ الطوفان بأن نبع الماء من الأرض، وانهمر من السماء، والسفينة تجري في موج كالجبال، رأى المشركون الماء يملأ بيوتهم، ويتدفق بسرعة رهيبة، فأدركوا أنهم هالكون فتسابقوا في الصعود إلى قمم الجبال، وأهلكهم الله، ونجا نوح والمؤمنون بعد أن رست السفينة على جبل الجودي. هبط نوح ومعه المؤمنون، وأطلق سراح الحيوانات والطيور، لتبدأ دورة جديدة من الحياة على الأرض، وإذا كان آدم عليه السلام هو أول نبي، فإن نوحا عليه السلام هو أول رسول، وهو أبو البشر الثاني، فلم يبق على وجه الأرض أحد ممن عبد غير الله عز وجل، ثم إن نسل أهل السفينة انقرض غير نسل ولده، فالناس كلهم من ولد نوح، ولم يُجعل لأحد ممن كان معه من المؤمنين نسل ولا عقب سوى نوح عليه السلام قال تعالى: (وجعلنا ذريته هم الباقين)، “سورة الصافات، الآية 77”، فكل من على وجه الأرض اليوم من سائر الأجناس ينسبون إلى أولاد نوح الثلاثة، ولا يحكي القرآن الكريم قصة من آمن مع نوح بعد نجاتهم من الطوفان.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©