الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

هل استعدينا للرحيل؟

31 أغسطس 2006 01:00
هل جلست يوماً عزيزي القارئ، في جو هادئ وبعيد عن زحام الحياة، وعن مكاتب الأعمال، وسوق الأسهم والعمال، ومجالس الأصحاب والأحباب، هل جلست بعيداً عن كل ما لذ وطاب في الحياة الدنيا، هل تفكرت وتأملت الموت عزيزي القارئ ؟ إن كنت لم تفعل بسبب كثرة انشغالاتك، وازدياد أرصدة أموالك، واهتمامك بأولادك، فإنني أقترح عليك الآن وأنت تقرأ كلماتي أن تتوقف قليلاً، وتغمض عينيك، وتتأمل الموت الذي قد يداهمك في أي لحظة، الموت الذي يأتي فيه ملك الموت، ويقبض روحك لوحدك، ويترك الأموال والأولاد والأسهم وكل متاع الدنيا لغيرك، ليأخذك '' روحك فقط''! هل تأملت هذا المنظر المريب ؟ هل تأملت وتفكرت: ترى كيف سيأخذ الله أمانته؟ وبأي صورة سيأخذني فيها ؟ وعلى أي وضعية سينتزع ملك الموت روحي؟ هل ستقبض روحي بينما أصلي وأصوم وأفعل الخيرات ؟ أم بينما أعصي الله في سماع الأغاني وارتكاب المنكرات والمعاصي؟ نعم، لابد لنا من أن نجيب على هذه الأسئلة وبصراحة، ولا بد لنا أن نعيد حساباتنا جيداً، فالروح ملك الله، ينزعها متى يشاء، وكل نفس ذائقة الموت، وكل نفس ستحاسب على ما قدمته في الحياة، فأي الفريقين أنت منهم ؟ هل أنت من استعد للرحيل بفعل ما أمرنا الله به ؟ أم أنك ممن لم تقدم إلى اليوم شيئاً سوى معصية الله وارتكاب الذنوب والآثام ؟ كثيرة هي الأسئلة في هذا السياق، وكبير هو التأمل في حياة الممات، فالموت يطال الكبير والصغير، ولا تقل يا عزيزي القارئ: أنا صغير في السن، ولازال الوقت مبكراً للحديث عن مثل هذه الأمور، اتركوني استمتع بالحياة، وأرى شبابي، وتترك أختي حجابها، وبعدها سنتوب الى الله، وسنكون مستعدين للرحيل، كلام فارغ لا معنى له على الاطلاق، لأن كم من سفيه قد كان هذا تفكيره، وهذا اعتقاده، ولكن الموت لم يميز هذا التفكير، ولم يفضل الكبير على الصغير، فهو يقبض جميع الأرواح بإذن الله، ولا يكترث أبداً لصغر السن وريعان عمر وزهو الشباب! وكلنا يعلم بالتأكيد أن الموت وحياة البرزخ أمور غامضة لا يعلمها إلا الله تعالى لقوله ''ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا'' ولكن ما نعرفه من قصص عدة أن ظواهر الراحة والسلامة في القبر قد تظهر على الإنسان بعد وفاته، وحتى بعد دفنه، فوجوه المسلمين الصالحين مبشرة ضاحكة فرحة صافية نقية بيضاء طاهرة، ووجوه من أذنب وأسفر واستكبر بشعة مسودة تظهر عليها علامات العذاب والمأساة التي تنتظر الميت في القبر، والبعض الآخر قد ينام قرير العين مرتاح البال، فهو حي عند ربه، وقد رزقه الله بما وعده، بينما الغير يشتعل ناراً، ويلتهمه القبر ويكاد يضيق عليه ويخنقه، لما قدم من آثام وكبائر عظيمة عند الله، وكما ذكرت هذه كلها علامات، وما خفي في هذا السياق كان أعظم! فاصلة الختام: هذا واقع حال سيصيبنا أجمعين، فلنستعد جميعاً للرحيل، فالموت آت لا مفر منه، ''وكل من عليها فان، ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام''، فلا تستهينوا بصلاة أو عبادة، ولا تستهتروا بفعل المنكرات أبداً، ''فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره، ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره''، وكلنا يا أحبتي نريد أن نكون من الفريق الثاني، من فريق الناجين من النار، والماضين على الصراط المستقليم، والفائزين بالجنة بإذن الله، لذا يجب أن نصبر ونحتسب ونكافح الحياة، فالوصول إلى الجنة أمر ليس بالسهل، وهو طريق مفروش بالأشواك والآلام، لأن متاع الدنيا كثير، وعلينا التخلي عن عدة أمور، ونبيعها رخيصة من أجل نيل أعلى المراتب في الجنان، ونحافظ على عمل الصالحات وطاعة الرحمن، ومرحا مرحا لمن استعد للرحيل، وفاز بجنات رب العالمين· ريا المحمودي
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©