الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

قانون حماية المستهلك يرفض الاستغلال ويحمي العدالة

31 أغسطس 2006 00:52
ثمانية حقوق يمنحها القانون للمستهلك تتوافق مع مبادئ الأمم المتحدة حسن القمحاوي: يعد القانون الاتحادي رقم (24) لسنة 2006 في شأن حماية المستهلك، حماية تشريعية وقانونية للمستهلك فاعلة بعد تقنينه لعدد من الحقوق الأساسية له، فضلاً عن كونه علامة فارقة في تنظيم علاقة الدولة وأجهزتها المختصة مع الأطراف الفاعلة في أسواق السلع والخدمات، بعد أن وفر القانون بعد طول عناء الأرضية القانونية اللازمة لتقوية رقابة هذه الأجهزة على الأسواق من منطلق تعزيز حماية المستهلك مع حفظ حق المنتج أو التاجر أو مزود الخدمة· وقبل الدخول في تفاصيل القراءة التحليلية للقانون ينبغي التأكيد على أن صدور القانون بحد ذاته يعكس مدى إدراك القيادة السياسية واهتمامها بقضية حماية المستهلك من ناحية، ومن ناحية أخرى يؤكد أسبقية الدولة في هذا المجال في المنطقة باعتبار أنها ثاني دولة بعد البحرين تصدر مثل هذا القانون· ولا تتوقف أهمية قانون حماية المستهلك الوافد الجديد لمنظومة التشريعات الاقتصادية عند حدود هذه الفوائد، بل تتعداها إلى أبعد من ذلك بكثير خاصة وأن صدور القانون استند ـ كما تقول ديباجته ـ إلى منظومة تشريعية متكاملة تشمل 11 قانوناً اتحادياً تمس من قريب أو بعيد قضية الإنتاج وحماية المستهلك· وتعكس المادة الأولى من الباب الأول المتعلقة بالتعاريف تلك الرؤية الثاقبة والإدراك اللامحدود لدى المشرع الإماراتي ولجنة الإعداد لأبعاد القضية ومشتملاتها، فضلاً عن الإطلاع على أحدث التعريفات في الأسواق العالمية، ويبدو ذلك جلياً في تعريف كل من المستهلك والمزود والسلعة والخدمة والسعر، وكما يظهر النص في المادة الأولى فإن مفهوم المستهلك لم يتوقف عند حدود كل من يحصل على سلعة أو خدمة بمقابل إشباعا لحاجاته الشخصية أو حاجات الآخرين، بل تعداها ليشمل الخدمات أو السلع التي تقدم بدون مقابل كما في الحملات الترويجية، وكذلك اتسع نطاق المزود ليشمل كل شخص طبيعي أو معنوي يقدم الخدمة أو المعلومات أو يصنع السلعة أو يوزعها أو يتاجر بها أو يبيعها أو يوردها أو يصدرها أو يتدخل في إنتاجها أو تداولها، وبالتالي فهو لم يتوقف عند حدود الخدمة أو المنتج العيني بل شمل المعلومات أيضا وكافة مراحل السلعة من الإنتاج أو الاستيراد حتى وصولها إلى المستهلك النهائي· وتكرست هذه الشمولية في الفهم والإدراك وكذلك في تعريف السلعة لتشمل كل منتج صناعي أو زراعي أو حيواني أو تحويلي بما في ذلك العناصر الأولية للمواد الداخلة في المنتج، وكذلك في تعريف الخدمة بأنها كل عمل تقدمه أية جهة سواء تم ذلك بأجر أو بدون أجر· ويشير تحليل المواد التي تضمنها القانون في الباب الرابع تحت عنوان ''التزامات المزود'' إلي أن المشرع نجح في اقرار وتقنين عدد من الحقوق المهمة للمستهلك تتوافق تماماً مع ما تعارف عليه دولياً في هذا الشأن، وهي تمثل في الوقت ذاته واجبات المزود للسلعة أو الخدمة بمفهومه الشامل· وتتلخص أبرز هذه الحقوق في ثمانية حقوق، وهي الحق في الإشباع، والحق في السلامة، والحق في الاختيار، والحق في المعرفة والعلم بمحتويات السلعة والخدمة، والحق في التعويض والبيئة الصحية، والحق الحصول على سلعة بمواصفات وأسعار جيدة، إضافة إلى حق التقاضي· وتم ترجمة هذه الحقوق في نصوص المواد من الخامسة حتى السابعة عشرة حيث نصت هذه المواد في الصورة الإجمالية على التزام المزود برد السلعة أو إبدالها في حالة اكتشاف عيب فيها، وعدم جواز عرض أو تقديم أو الترويج لسلع أو خدمات مغشوشة أو فاسدة أو مضللة تضر بمصلحة المستهلك أو صحته، والتزام المزود بإلصاق بطاقة بالسلعة تتضمن بيانات عن نوعها وطبيعتها ومكوناتها وبيانات الإنتاج والوزن والتعبئة وبلد المنشأ والتصدير وكيفية الاستعمال وتاريخ انتهاء الصلاحية، فضلاً عن بيان تفصيلي داخل العبوة بمكونات السلعة ومواصفاتها ومخاطرها وقواعد استعمالها باللغة العربية· كما نصت المواد على التزام المزود بتدوين السعر بشكل ظاهر وحق المستهلك في الحصول على فاتورة مؤرخة تتضمن تحديد نوع السلعة وسعرها وأية بيانات أخرى، وتحميل المزود مسؤولية أية أضرار تنجم عن استخدام السلعة وتوفير قطع الغيار للسلع المعمرة خلال فترة زمنية محددة، وضمان المزود لمطابقة السلعة للمواصفات القياسية المعتمدة والتقيد بشروط الصحة العامة والسلامة· ونصت المواد أيضاً على التزام مزود الخدمة بضمان الخدمة خلال فترة زمنية تتناسب مع طبيعتها، وإلا فعليه دفع قيمتها للمتلقي لها أو أدائها على الوجه الصحيح، وفي إطار محاربة الممارسات الاحتكارية أكدت المواد على أنه لا يجوز للمزود إخفاء أية سلعة أو خدمة أو الامتناع عن بيعها بقصد التحكم في سعر السوق فيما يعرف ''بتعطيش السوق'' لرفع الأسعار، وكذلك عدم جواز تحميل سلعة على أخرى أو فرض شراء كميات معينة منها، والتزام المزود بإبلاغ إدارة حماية المستهلك والجهات المعنية بأية عيوب في السلعة أو الخدمة وكيفية الوقاية منها· وأخيراً نصت المادة ''''16 على أن للمستهلك الحق في التعويض عن الأضرار الصحية أو المادية وفقا للقواعد العامة النافذة، وزادت على ذلك بالنص على ''يقع باطلاً كل اتفاق على خلاف ذلك'' الأمر الذي يحفظ الحق للمستهلك في الحصول على التعويض في حالة الضرر بغض النظر عن الاتفاق المبرم بين المستهلك والمزود عند شراء السلعة أو الخدمة· إدارة حماية المستهلك تخفف أعباء المحاكم هيكل إداري متكامل يحقق الفعالية في الرقابة وحل المنازعات منح الضبطية القضائية لموظفين يحددهم وزير العدل والسلطات المختصة لتنفيذ المهام الموكلة في القانون وترجمة هذه الحقوق والحماية للمستهلك على أرض الواقع نظم القانون هيكل تنفيذي وتخطيطي على مستوى عال يتضمن عدة مراحل إدارية وقضائية تكفل حسن المتابعة وسرعة حل المشاكل العالقة من خلال اختصاصات واضحة ومحددة· ويتكون هذا الهيكل من مجلس الوزراء كأعلى سلطة يمكن الرجوع إليها، وحدد القانون اختصاصاته في 3 بنود أساسية تتمثل في إصدار قرار بتشكيل اللجنة العليا لحماية المستهلك وتحديد اختصاصاتها، وإصدار قرار مسبب بناءً على عرض وزير الاقتصاد بالإعفاء من تطبيق بعض أحكام القانون مع عدم الإخلال بأحكام المعاهدات والاتفاقيات الدولية التي تكون الدولة طرفاً فيها، وأخيراً الموافقة على إصدار اللائحة التنفيذية للقانون· ويلي مجلس الوزراء في الهيكل التنفيذي لقانون حماية المستهلك اللجنة العليا لحماية المستهلك برئاسة وزير الاقتصاد، ويدخل ضمن تشكيلها ممثلين عن جمعيات حماية المستهلك، ورغم أنه من المقرر أن يصدر مجلس الوزراء قرارا يحدد اختصاصاتها، إلا أن المؤكد أنها ستتولى بصفة رئيسية رسم السياسات المتعلقة بحماية المستهلك واقتراح التشريعات والأنظمة المرتبطة بها والإشراف على تنفيذها ومتابعتها مع الجهات الأخرى، وتمثيل الدولة في المحافل الدولية وطلب إعداد الدراسات والتقارير، فضلا عن التوصية لوزير الاقتصاد بالإجراءات التي تحد من الزيادة غير الطبيعية في الأسعار وحماية مصالح المستهلكين وعدم الإضرار بهم· أما الجهة المختصة بإدارة الحركة اليومية المرتبطة بالقانون فقد سماها المشرع ''إدارة حماية المستهلك'' وحدد اختصاصاتها في الإشراف على تنفيذ السياسات العامة والتصدي للممارسات التجارية غير المشروعة والمساهمة في نشر الوعي الاستهلاكي بالتعاون مع الجهات المعنية، إضافة إلى مراقبة حركة الأسعار والعمل على الحد من ارتفاعها وتحقيق مبدأ المنافسة الشريفة ومحاربة الاحتكار، وتلقي شكاوى المستهلكين واتخاذ الإجراءات اللازمة بشأنها أو إحالتها للجهات المختصة، ونشر القرارات والتوصيات التي تساهم في نشر الوعي لدى المستهلك· وفي سبيل تمكين الإدارة من تحقيق أهدافها منحها القانون الصفة القانونية في تمثيل المستهلك أمام القضاء ولدى أية جهة أخرى، كما ورد في المادة ''''17 التي نصت أيضا على أنه ودون الإخلال بحق الأطراف في اللجوء للقضاء، للإدارة مباشرة أية تسوية تتعلق بحماية المستهلكين·· الأمر الذي يؤكد حنكة المشرع وإدراكه للبيئة التي يعمل فيها القانون وما يرتبط بإجراءات التقاضي من طول المدة الزمنية، ولا شك أن هذا النص سيساهم في حل كثير من النزاعات قبل وصولها إلى القضاء داخل إدارة حماية المستهلك من خلال قسم خاص بها لفض المنازعات خاصة وأن تجارب الدول المجاورة مثل البحرين تؤكد أن لجنة فض المنازعات قامت بحل 95 % من الشكاوى قبل وصولها إلى القضاء· ويمكن القول أن القانون بهذا النص جعل من إدارة حماية المستهلك بمثابة ممثل للهيئة الاجتماعية في المجتمع تقوم بالدفاع عن المستهلك وحمايته ضد أي غبن أو استغلال· أما الحلقة الأخيرة في الهيكل التنفيذي للقانون فتتمثل في المحكمة باعتبارها جهة الاختصاص القضائي والحكم العدل بين المتنازعين، وقد أناط المشرع بحكمته بسلطة غلق المنشأة والتصرف في السلع موضوع المخالفة إلى المحكمة دون أن يمنحها لوزير الاقتصاد بصفته رئيس اللجنة العليا لحماية المستهلك الذي قصر سلطته في وقف المنشأة عن مزاولة النشاط مدة لا تجاوز أسبوعا وذلك في حالة عدم قيام المزود بتصحيح مخالفته خلال المدة التي تحددها اللائحة التنفيذية· كما منح القانون للمحكمة دون أية جهة أخرى حق الأمر بمصادرة أو إتلاف المنتج موضوع الجريمة والمواد والأدوات المستخدمة في إنتاجه في حالة الحكم بالإدانة في إحدى الجرائم المشمولة في القانون، وربما يتعلق هذا الأمر بنوعيات محددة من الجرائم مثل البضائع المغشوشة أو المقلدة أو المخدرات على سبيل المثال· وفي ظل هذا الهيكل المحكم منح القانون وزير الاقتصاد بصفته رئيس اللجنة العليا لحماية المستهلك عدداً من الاختصاصات إضافة إلى ما سبق الإشارة إليه وأهمها إصدار القرارات اللازمة لتنفيذ القانون، وإحالة المخالفات التي لم يتم تصحيحها بعد قرار الوقف مدة لا تتجاوز أسبوعاً إلى المحكمة وعرض قرارات الإعفاء من تطبيق القانون على مجلس الوزراء لإقرارها، والبت في التظلمات المقدمة ضد قرارات إدارة حماية المستهلك، وإصدار قرارات تحدد القواعد المرتبطة بتوفير قطع الغيار للسلع المعمرة خلال فترة زمنية محددة والضمانات المتفق عليها مع المستهلك· ولضمان التنفيذ بشكل جيد يحقق الأهداف المرجوة من القانون منحت المادة ''''21 منه صفة الضبطية القضائية في إثبات الجرائم المخالفة للقانون لموظفين ترك تحديد أسمائهم لقرار من وزير العدل بالتنسيق مع وزير الاقتصاد والسلطات المختصة، كما منحهم الحق في الإطلاع على الوثائق والمستندات اللازمة لأداء مهامهم، إلا أن ما يؤخذ على هذه المادة أنها لم تحدد الجهة التي يتبع لها هؤلاء الموظفون وتركت الأمر عاماً ما يعطي انطباعاً بأن هذه الصفة ستمنح لأفراد وليس لهيئات أو إدارات، وربما يكون السبب في ذلك نية المشرع في منح هذه الصفة لبعض الموظفين في إدارات محلية وهيئات اتحادية لتحقيق غرض الشمولية ومراعاة البيئة التي يطبق فيها القانون·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©