الأربعاء 17 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الفقر.. العدو الأول للتنمية في الهند

الفقر.. العدو الأول للتنمية في الهند
31 أغسطس 2006 00:52
إعداد - عدنان عضيمة: بعد أن كثرت القصص التي تروي حكايات التنمية السريعة التي تعرفها الهند، والاستثمارات العالمية الضخمة التي تصب فيها، بدأ الخبراء العالميون الذين قصدوا هذا البلد يتحدثون عن الكثير من العوائق التي يمكنها أن تمثل عنق الزجاجة بالنسبة للحركة التنموية هناك· ويقف الفقر على رأس هذه المشاكل ويقال ان مستوياته بلغت في هذا البلد المتناقض، الحدود التي لا يفوقها إلا الدرجة العالية من الطموح التي يتبناها كبار صناع القرار فيه لتحويله إلى جنة استثمارية حقيقية· ويذكر تقرير نشرته صحيفة ''هيرالد تريبيون'' أن من المعوقات الأخرى لبلوغ هذه الطموحات ضعف التخطيط الحكومي والافتقاد المزمن لأسس تنظيمية صارمة يمكنها أن تمتص المشاكل الناجمة عن الخصوبة السكانية العالية· ويبلغ عدد سكان العاصمة دلهي 14 مليون نسمة، وهو يزداد بسرعة كبيرة نتيجة الهجرة الكثيفة من الأرياف· ويتخذ الخبراء من العاصمة نموذجاً لدراسة معوقات النمو حيث يشير التقرير إلى أن الدخل الفردي السنوي فيها أكبر بمرتين ونصف من متوسط الدخل الفردي في عموم البلاد· وخلال العقد الأخير تم تصنيف دلهي على أنها الولاية الأكثر غنى في الهند كلها وفقاً لمقياس الإنجازات الاقتصادية· ولكن، وبالرغم مما قد تنطوي عليه هذه الأوصاف من مدلولات إيجابية، إلا أن الكثافة السكانية العالية في مدينة دلهي التي تصنف في المرتبة العاشرة من حيث عدد السكان من بين مدن العالم، تخلق الكثير من المشاكل الاجتماعية العويصة التي يقع في مقدمتها تفشي الأمية والجهل والنقص الكبير في المتطلبات الأساسية للتنمية والحياة كالطاقة والمياه الصالحة للشرب والاستخدام الادمي والرعاية الصحية· ثم إن الهند بشكل عام تعرف ظاهرة مؤلمة قلما نسمع عنها في أي بلد آخر وتتمثل في (الإجهاض الانتقائي) حيث يلجأ الكثير من الأزواج إلى إجهاض زوجاتهن بمجرد العلم بأنهن حوامل بالبنات· ولقد بلغت هذه الظاهرة من حيث الانتشار الحد الذي رجّح نسبة الذكور على الإناث في أوساط الشباب بشكل كبير· ويضاف إلى كل ذلك أن التضارب والتطرف السياسي بين المسؤولين وصنّاع القرار ضمن الولاية الواحدة بما فيها العاصمة دلهي، يخلق حالة من العجز والقصور في مجال التصدي للمشاكل الاجتماعية· ثم إن المشاكل الاجتماعية الكبرى التي تعاني منها الهند هي من النوع الذي يتطلب حلولاً مستعجلة إذا أرادت الدولة ألا تشكل مظهراً كارثياً على النمو الاقتصادي أو حتى على الاقتصاد الوطني ذاته· ويتساءل العديد من الخبراء الذين درسوا هذه الأوضاع: كيف أمكن للهند أن تنجح في إطلاق هذه الحملة التنموية الضخمة بوجود هذه المشاكل العويصة؟· وتكمن مشكلة الهند الكبرى في أنها تعاني من نمو سكاني يفوق من حيث ضخامته نموها الاقتصادي· ويذكر أحد التقارير الإحصائية أن عدد سكان دلهي سوف يبلغ 22 مليوناً بحلول عام ،2015 وأن نحو 8 بالمئة من سكان العاصمة الذين يبلغ عددهم 1,15 مليون يعيشون دون خط الفقر فيما يرتفع هذا المعدل إلى نسبة 26 بالمئة في عموم الهند· وتصنف دلهي في المرتبة الثانية بعد مومباي في اجتذاب أعداد أكبر من النازحين من الولايات الأخرى· وتسجل الإحصائيات أن نحو 2,2 مليون هندي رحلوا إلى العاصمة بين عامي 1991 و2001 بالمقارنة مع عدد المهاجرين الذين دخلوها بين عامي 1981 و1991 والذي بلغ 1,64 مليون· ولا غرابة بعد هذه الهجرة الكثيفة أن تعاني المدينة من أزمة إسكان هائلة تتزايد بشكل هائل بحيث لا تكاد الدولة تجد لها حلولاً على الإطلاق· ويعيش نحو 45 بالمئة من سكان المدينة في العراء أو الأكواخ القصديرية وضمن مستوطنات غير مرخصة محرومة من كافة المرافق والخدمات الأساسية· وتخلق هذه الحالة المعقدة الكثير من المشاكل الصحية التي تزيد الأمور سوءاً· وفي دلهي وحدها هناك ما بين 50 و100 ألف مشرد نصفهم من الأطفال· مما يعني أن الهند بانتظار أمواج جديدة من الشباب الذين يفتقدون للتعليم أو القدرة على التأقلم مع معطيات الحياة العصرية· وما دام الأمر يتعلق بالهند فلا بد أن يتضمن شيئاً من التناقض العجيب؛ ففيما تعد الهند من أكثر دول العالم معاناة من مشاكل السيول وفيضان الأنهار، إلا أن العديد من المدن بما فيها العاصمة ذاتها تعاني من نقص خطير في المياه الصالحة للشرب· وفي عام 2001 كانت ربع البيوت في العاصمة دلهي تخلو من أنابيب نقل المياه؛ ولا يبدو أن هذا الحال سجل تحسناً كبيراً· ويبقى السؤال المطروح: كيف يمكن لبلد يعاني من كل هذه المشاكل أن يسجل هذه المعدلات التنموية العالية؟· والجواب يكمن في الشهية العالمية للاستثمار وجني العوائد حتى لو كان يتم في بلدان تخلو من الأوكسيجين·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©