الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عيسى عبد الله وكلمته.. خلقه ربه من غير أب مثل آدم

14 أغسطس 2014 20:05
نشأ من الأوهام عند النصارى عن عيسى عليه السلام الكثير، فضلّوا لأنهم قالوا بإلهيته من أجل أنه خٌلق بكلمة من الله وليس له أب، فأراهم الله أن آدم لم يكن إلها مع أنه خلق بدون أبوين فعيسى أولى بالمخلوقية من آدم. وقد قال وفد نجران للرسول صلى الله عليه وسلم، ما لك تشتم صاحبنا؟ تقول إنه عبد، قال: «أجل إنه عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى العذراء البتول»، فغضبوا وقالوا هل رأيت إنساناً قط من غير أب، فإن كنت صادقاً فأرنا مثله، فأنزل الله عز وجل: (إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ)، «سورة آل عمران الآية 59». وجاء في أسباب النزول أن الحسن قال، جاء راهبا نجران إلى النبي صلى الله عليه وسلم فعرض عليهما الإسلام، فقال أحدهما، إنا قد أسلمنا قبلك، فقال: كذبتما، إنه يمنعكما عن الإسلام ثلاثة: عبادتكم الصليب وأكلكم الخنزير وقولكم لله ولد، قالا، من أبو عيسى؟ وكان لا يعجل حتى يأمره ربه، فأنزل الله تعالى هذه الآية. من غير أب كآدم قال الإمام الطبري، إن التشبيه واقع على أن عيسى خلق من غير أب كآدم، لا على أنه خلق من تراب، فإن آدم خلق من تراب ولم يخلق عيسى من تراب فكان بينهما فرق من هذه الجهة، ولكن شبه ما بينهما أنهما خلقهما من غير أب، ونزلت هذه الآية بسبب وفد نجران حين أنكروا على النبي صلى الله عليه وسلم قوله: «إن عيسى عبد الله وكلمته»، فقالوا أرنا عبداً خلق من غير أب، فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: «آدم من كان أبوه أعجبتم من عيسى ليس له أب؟ فآدم عليه السلام ليس له أب ولا أم». وقال ابن كثير، المراد أن مثل عيسى في قدرة الله تعالى حيث خلقه من غير أب مثل آدم فإن الله خلقه من غير أب ولا أم، بل خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون، والذي خلق آدم قادر على خلق عيسى بطريق الأولى والأحرى، وإن جاز إدعاء البنوة في عيسى بكونه مخلوقاً من غير أب، فجواز ذلك في آدم بالطريق الأولى، ومعلوم بالاتفاق أن ذلك باطل، ولكن الله عز وجل، أراد أن يظهر قدرته لخلقه، حين خلق آدم لا من ذكر ولا من أنثى، وخلق حواء من ذكر بلا أنثى، وخلق عيسى من أنثى بلا ذكر، كما خلق بقية البرية من ذكر وأنثى، ولهذا قال تعالى في سورة مريم: (. . . وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ . . . )، «سورة مريم: الآية 21». من عاند الحق ثم قال تعالى آمراً رسوله صلى الله عليه وسلم أن يباهل من عاند الحق في أمر عيسى بعد ظهور البيان: «فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندعوا أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين». وقال ابن إسحاق في سيرته المشهورة وغيره، قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفد نصارى نجران، ستون راكباً، فيهم أربعة عشر رجلاً من أشرافهم يؤول إليهم أمرهم، وأمر هؤلاء يؤول إلى ثلاثة منهم، فدخلوا عليه مسجده حين صلى العصر، عليهم ثياب الحبرات جبب وأردية، وقد حانت صلاتهم، فقاموا في مسجد الرسول يصلون، فقال صلى الله عليه وسلم: «دعوهم»، فصلوا إلى المشرق فكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم أبا حارثة بن علقمة، والعاقب عبد المسيح، أو السيد الأيهم، وهم من النصرانية على دين الملك، مع اختلاف أمرهم، يقولون هو الله، ويقولون هو ولد الله، ويقولون هو ثالث ثلاثة. أمر بملاعنتهم وقد أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم الخبر من الله، وأمر بملاعنتهم، ودعاهم النبي إلى ذلك، فقالوا يا أبا القاسم، دعنا ننظر في أمرنا ثم نأتيك بما نريد أن نفعل فيما دعوتنا إليه، فانصرفوا عنه، ثم قال عبد المسيح، والله يا معشر النصارى لقد عرفتم أن محمداً لنبي مرسل، ولقد جاءكم بالفصل من خبر صاحبكم، ولقد علمتم أنه ما لاعن قوُم نبيا قط فبقي كبيرهم، ولا نبت صغيرهم، وإنه للاستئصال منكم إن فعلتم، فإن كنتم قد أبيتم إلا إلف دينكم والإقامة على ما أنتم عليه من القول في صاحبكم، فوادعوا الرجل وانصرفوا إلى بلادكم، فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم، فقالوا يا أبا القاسم، قد رأينا ألا نلاعنك، ونتركك على دينك، ونرجع على ديننا، ولكن ابعث معنا رجلا من أصحابك ترضاه لنا، يحكم بيننا في أشياء اختلفنا فيها من أموالنا، فإنكم عندنا رضا، فلما صلى الظهر رأى أبا عبيدة بن الجراح فدعاه: «اخرج معهم فاقض بينهم بالحق فيما اختلفوا فيه». ويوضح المفسرون، أن الله تعالى قال بعد ذلك: (إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ . . . )، «سورة آل عمران: الآية 62»، أي هذا الذي قصصناه عليك يا محمد في شأن عيسى هو الحق الذي لا معدل ولا محيد عنه ولا صحيح سواه، وماذا بعد الحق إلا الضلال. فبعد أن بين - سبحانه - خلق عيسى ومجيئه بالآيات وما كان من أمر قومه، كشف شبهة المفتونين بخلقه على غير السنة المعتادة والمحاجين فيه بغير علم، ورد على المنكرين لذلك.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©