الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

زايــد.. «عبقرية عطاء» تتلمّس أوجاع الملايين

زايــد.. «عبقرية عطاء» تتلمّس أوجاع الملايين
26 يوليو 2013 15:13
تتكرر أمامنا مشاهد الوفاء للوالد الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان “طيب الله ثراه”، لتبقى ذكراه حاضرة، ينقلها ويتوارثها أناس أحبوه فوفّوا له حياً وميتاً. ويلخّص الإعلامي محمد سعيد القدسي أهم جوانب شخصية أحد أهم رموز الخير والكرم على الصعيد العالمي، والذي تربع في قلوب الملايين، من عدة زوايا فكرية وسياسية، متناولاً مناقبه الاجتماعية ونظرته للقضاء والمرأة، مستشهداً بعدد من المواقف والأقوال، وصولاً إلى قراءة وافية. ويؤكد الكاتب أن زعامة زايد شكلت نقطة تحول في منطقة الخليج، بعد النهضة الحضارية التي شهدتها الإمارات في مجالات العمران والتعليم والصحة والزراعة والتنمية الاجتماعية والطاقة وبناء القوات المسلحة والأمن وغيرها، بالتزامن مع تعزيز العمل الوحدوي من خلال المنهج العلمي والممارسة الديمقراطية” ما جعله رائداً في بناء مجتمع عصري منفتحاً على قضايا الشعب والأمة، متجنباً بحكمة وبصيرة دوامات وعواصف لا فائدة من مواجهتها، وذلك في نظرة ثاقبة وصبر وجهد لتحويل كل ذلك لصالح وطنه. ويرى القدسي في كتابه “زايد.. ثالث العمرين”، أن تلك العبقرية لا تخرج في معناها عن التفرد والسبق والابتكار، التي مثلت مجموع صفات تجمعت في شخص الشيخ زايد “رحمه الله”، وهو ما يؤكده تاريخه الزاخر بقوة تلك المعاني، والأساليب والأدوات التي ساس بها شعب الإمارات. ويؤكد الكاتب أن التاريخ الحديث والمعاصر لن يأتي بنموذج للحكم والقيادة، يمكن أن يشبه حكم القائد الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان “رحمه الله”. مرتكزات إنسانية يتناول الكاتب التكوين الشخصي والروحي والانتماء الأسري الأساس الذي شكل نظرة الراحل الكبير لشعبه ووطنه وأشقائه، الأمر الذي أثّر في نظرته وتعامله مع القضايا والأزمات. ويقرر: كان يعتبر نفسه الوالد لشعبه ورب الأسرة الكبيرة، التي لا بد أن يلبي كافة متطلباتها، مقتفياً خطى السلف الصالح في ميادين العدل والبر والإحسان والإحساس بالمسؤولية عن كل واحد من أفراد رعيته. ويستشهد الكاتب بمقولات الوالد “رحمه الله”، ويذكر منها: “لقد كنت أفكر دائماً في خدمة أبناء وطني، كنت أفكر في سعادتهم قبل أن تكون لدي السلطة، وقبل أن تتوافر لدي الإمكانات التي أنعم الله بها علينا مع ظهور البترول، إن شعبنا قد حرم كثيراً في الماضي من الخدمات والمرافق التي كان يتمتع بها غيره، وقد آن الأوان لأن نعوض شعبنا بما فاته لينعم بما أعطاه الله من خير وفير”. وفي هذا الإطار، يذكر مقولة للوالد الراحل في مقولة أخرى، تؤكد ارتكازه على الإنسان في بناء الوطن: “ضموا معي أيديكم وعبئوا معي مشاعركم وإخلاصكم، لنبني بيد واحدة مستقبل بلدنا وعزة شعبنا”. وينقل الكاتب نصاً لأحد المؤرخين يصف فيه مناقب زايد “رحمه الله” في مرحلة توليه منصب ممثل الحاكم في مدينة العين ويقول: “ كرس الشيخ زايد المال القليل الذي توافر لديه للقيام بإصلاحات في المنطقة الشرقية، ترشحه إلى جانب عدالته وروحه الإصلاحية وقدرته السياسية على أن يكون رجل البلاد المنتظر في إمارة أبوظبي”. ويعود الكاتب لاقتباس إحدى مقولات الراحل التي تؤكد ارتباطه الوثيق بالشعب: “الرجل المسؤول يستطيع أن يحوز على حب أبنائه إذا شعروا أنه موضع ثقتهم وأنه يقف موقف الأب من أبنائه، يرعى شؤونهم ويهتم بمشاكلهم ولا يميز بينهم. وأي مسؤول يتجاهل هذه العناصر، فإنه لا يكون صالحاً لتولي هذه المسؤولية”. ويضيف القدسي: بهذه الصراحة التي عهدها الشعب في قائده المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ندرك أنه أقترب منهم إلى درجة الالتحام الأسري القوي، يتحدث إليهم بكل شفافية ليمنحوه الثقة المطلقة. العدل أساس الحكم يرصد الكاتب المواقف والمشاهدات الدالة على عدالة الوالد الراحل، من خلال سنّ التشريعات والقوانين بما يكفل حقوق المتقاضين، ويشير إلى موقفه في موضوع السقاية عندما كان ممثلاً للحاكم في مدينة العين، حيث كان نظام الري يخضع لنظام ملكية الماء مما حرم البعض من الحق في ري أراضيهم، فكان موقفه الحازم والعادل بعد أن جمع أصحاب الأراضي وشاورهم في إشاعة حق السقاية ليبيح للفقراء من حقوقه وحقول آل نهيان الخاصة. ويوضح: كان “رحمه الله” متابعاً للأحكام القضائية المرفوعة إليه، وكان الخبير الناظر بعين الرحمة لتفاصيلها، مطبقاً العزم والحزم وجامعاً للرحمة والرأفة في حق المدانين، خصوصاً في قضايا القصاص، وكان مبادراً في تقديم الدعم المال أحياناً لأولياء الدم قبل تنفيذ الأحكام لترغيبهم في العفو. وينوّه القدسي في كتابه إلى أن للمغفور له بإذن الله الشيخ زايد الفضل في سنّ سداد التزامات المعسرين وأصحاب الديات، بإضافة إلى لمبادرات الإفراج عن المساجين في المناسبات المختلفة، وتوجيهه المستمر ببرامج رعاية وتأهيل الأحداث والمراهقين. ويؤكد أنه كان الحاكم العادل، ويقف عند مقولته المشهورة: “ربما تغيب علي أمور كثيرة، ولا أعلم بها كمسؤول. ومن الواجب عليكم أن تخبروني إن كان هناك تقصير. وسوف أتقبل كل شيء برحابة صدر وسعة بال”. نصرة المرأة من الثوابت ?”?ليست نصف المجتمع من الناحية العددية فقط، بل هي كذلك من حيث مشاركتها في مسؤولية تهيئة الأجيال الصاعدة وتربيتها تربية سليمة متكاملة”. هكذا كان ينظر “رحمه الله” للمرأة، والحديث لمحمد القدسي، الذي يؤكد أن المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد أسس المفاضلة بين الرجل والمرأة في دولة الاتحاد بالعمل والكفاءة. ويوضح الكاتب والإعلامي محمد القدسي بأن الراحل الكبير كان يسعد برؤية المرأة في الميادين العملية المختلفة كالسلك الدبلوماسي والوظائف الحكومية القيادية، فيما وفر للمرأة الجمعيات النسائية كجمعية نهضة المرأة الظبيانية والاتحاد النسائي وغيرها من المؤسسات التي ساهمت في ترسيخ مبادئ المساواة بينها وبين الرجل في الإمارات. رجل العطاء ويخصص القدسي جزءاً من الكتاب لمناقب المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد سلطان آل نهيان في ميادين العطاء داخلياً وخارجياً، فيذكر مقولة له يقرر فيها أنه: “لا جدوى من نعمة لا يسعد بها كل الناس، ولا فائدة من التمتع برفاهية العيش بينما بعض البشر يعانون الفقر والحاجة، وليس إنساناً من لا يشعر بالآخرين ويتعاطف مع مآسيهم بغض النظر عن دينهم وجنسهم وعرقهم”. ويقول: بدأ زايد”رحمه الله” رحلة العطاء من الداخل، فأكرم في العطايا وجاد بالمنح، بداية بتخصيص معونات شهرية ثابتة منتظمة من المساعدات الاجتماعية للمواطنين. ويتابع: دعم مشروع دور المسنيين وصندوق الزكاة وصندوق الزواج وبرنامج زايد للإسكان، والعديد من البرامج والخدمات التي شكلت علامة فارقة سمت بالعنصر المواطن وقادته لمستويات الرفاهية الأولى على الصعيد العالمي. ويضيف القدسي: بعدها، انطلق عطاء زايد ليعلن عن حملات الإغاثة العاجلة للدول الشقيقة والصديقة التي تتعرض للكوارث والحروب، ليرسخ مبادئ الإنسانية التي تجمع الإمارات بشعوب العالم كافة، ودعم الهلال الأحمر الإماراتي ليفجر طاقات شعبه المختزنة والعامرة بالحب والخير لتحتل الإمارات مساحة كبيرة في فضاءات العمل الإنساني ولتتربع الإمارات في قلوب الملايين من المحرومين والمنكوبين البؤساء. ويعرج الكتاب إلى سبق الراحل في ابتكار وسائل دعم تكفل استمرارية تدفق الموارد المخصصة لعمل الخير، ليعلن المغفور له بإذن الله تعالى عن وقف مليار دولار مع استثمار 20 مليون دولار سنوياً لأعمال الخير من خلال مؤسسة زايد بن سلطان آل نهيان للأعمال الخيرية والإنسانية. ويضيف الكاتب: أسس الراحل الكريم صندوق أبوظبي للتنمية الذي يعد ركيزة رئيسية توجه من خلالها المساعدات الخارجية والمنح والقروض للدول الشقيقة والصديقة لدعم جهودها في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية لشعوبها. ويبقى ما لم يقله الكاتب، من أن “عبقرية العطاء” انتقلت إلى أبناء زايد، فكانت ذكرى وفاته يوماً للعطاء الإنساني الإماراتي. القدسي في سطور هو الإعلامي الأول الذي بدأ مع تلفزيون أبوظبي عندما افتتحه صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة يوم 6 أغسطس. أتاحت له طبيعة عمله من خلال الشاشة الاطلاع على أغلب الأحداث المتسارعة التي حفلت بها تلك الفترة، حيث كان أول من أذاع خبر إعلان قيام دولة الإمارات العربية المتحدة. عايش القدسي مراحل بناء المؤسسات الاتحادية، ومنها: التشكيل الوزاري الأول، والمجلس الوطني الاتحادي، كما غطى افتتاح المشاريع الضخمة على مستوى الدولة. كان القدسي قريباً من الوالد الشيخ زايد طيب الله ثراه وحظي بتغطية معظم نشاطاته وفعالياته وجولاته؛ ما مكنه من توثيق معظم الأحداث المهمة.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©