الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تفجيرات دمشق... المعركة في عرين الأسد!

تفجيرات دمشق... المعركة في عرين الأسد!
21 يوليو 2012
أدى تفجير جريء استهدف قلب الأجهزة الأمنية السورية وسط العاصمة دمشق، إلى مصرع أربعة مسؤولين رفيعي المستوى، مزعزعاً بذلك قبضة الرئيس بشار الأسد على الحكم، والتي بدت أكثر ضعفاً واهتزازاً من أي وقت مضى منذ اندلاع الثورة السورية قبل 16 شهراً ضد حكم عائلة الأسد. ومباشرة عقب التفجير النوعي الذي هز العاصمة واعتبره بعض المحللين ضربة قاصمة لنظام الأسد، شوهدت تعزيزات أمنية تنتشر في شوارع دمشق يوم الأربعاء الماضي، بعد أربعة أيام متتالية من الاشتباكات بين الثوار وعناصر القوات النظامية في العاصمة التي ظلت حتى الأيام القليلة الماضية بمنأى عن العنف المستشري في البلاد. والحقيقة أن الهجوم الذي طال مقر الأمن القومي في العاصمة، هو دليل واضح على الزخم المتحول الذي تشهده الثورة السورية وانتقاله إلى أيدي الثوار، كما دلل الهجوم أيضاً على أن الثوار بما هم عليه من جماعات منفصلة عن بعضها البعض وقوات مهلهلة انخرطت في معارك شرسة مع النظام في المحافظات البعيدة لأشهر ممتدة، نجحوا هذه المرة في نقل المعركة إلى عقر دار الأسد كما سبق لهم أن تعهدوا بذلك مراراً. هذا بالإضافة إلى ما كشف عنه الهجوم من عجز ذريع للجهاز الأمني السوري، الذي طالما اعتُبر واحداً من أشرس الأجهزة في الشرق الأوسط وأكثرها إثارة للرعب، في حماية قادته الرئيسيين، ناهيك عن قدرته على إخماد الثورة الشعبية التي تعيش البلاد على وقعها منذ حوالي عام ونصف العام. لكن رغم تلك الضربة القاسية التي تعرض لها النظام، وتداعياتها المحتملة على تماسكه، فإنه لا أحد يتوقع انهياراً سريعاً أو سهلا لنظام الأسد. وفي التفاصيل؛ فقد أسفر الهجوم عن مقتل وزير الدفاع داوود راجحة، ونائبه الجنرال آصف شوكت المتزوج من الشقيقة الكبرى للرئيس الأسد وأحد أعضاء الدائرة الضيقة للحكم في سوريا. كما قُتل في التفجير الجنرال حسن تركماني وزير الدفاع السابق الذي شغل أيضاً منصب مساعد للرئيس، هذا بالإضافة إلى وزير الداخلية محمد الشعار. وفي خضم التطورات الأخيرة التي هزت دمشق، سرت العديد من الشائعات حول مغادرة الرئيس الأسد العاصمة، واستعداده لإعلان حالة الطوارئ. ولعل ما غذى هذه التكهنات عدم ظهور الأسد لفترة طويلة على شاشة التلفزيون، إلى أن نقلت صور التلفزيون الرسمي مراسم تعيينه وزير الدفاع الجديد، الجنرال فهد جاسم الفريج، بعد إصدار مرسوم بهذا الشأن مباشرة عقب هجوم يوم الأربعاء الماضي. ولاحقت الشائعات عقيلة الرئيس، أسماء الأسد، التي قيل إنها غادرت البلاد في اتجاه موسكو. وقد أعلن "الجيش السوري الحر"، الجماعة الأساسية التي تمثل الثوار عسكرياً، مسؤوليته عن التفجير، محذراً من أن هجمات أخرى ضد النظام جاري التخطيط لها حالياً، لكن الجيش الحر لم يكشف تفاصيل اختراقه الجهاز الأمني للنظام وزرعه لقنبلة، رغم أن الكيفية التي تم بها الهجوم ما زالت غامضة، بين من يقول إنها نتيجة تفجير انتحاري، وبين تقارير أخرى تذهب إلى أن التفجير لم يكن انتحارياً. وفي تعقيبه على الهجوم، صرّح بثقة أحد القادة الاستراتيجيين في "الجيش السوري الحر" للتلفزيون المصري أن حكومة الأسد في طريقها إلى الانهيار "في غضون شهرين"، وإن كان من الجماعات الأخرى التي أعلنت مسؤوليتها عن التفجير جماعة "لواء الإسلام". وللمرة الأولى منذ اندلاع الثورة، أوحت الاشتباكات الأخيرة التي شهدتها العاصمة بالتزامن مع التفجير النوعي الذي أودى بحياة مسؤولين كبار، بأن الأسد ربما يكون فعلا يفقد السيطرة على البلاد، وأن البنية القمعية التي اعتمد عليها النظام للبقاء في السلطة طيلة الأربعين سنة الماضية والحفاظ على حكم العائلة، قد بدأت في التداعي. وفي واشنطن، صرّح وزير الدفاع الأميركي، ليون بانيتا، بأن التفجير يمثل "تصعيداً حقيقياً في العمليات القتالية"، معتبراً بأن الوضع في سوريا يسير "نحو الانفلات والخروج عن السيطرة". كما صرّح مسؤول آخر بارز في إدارة أوباما، رفض الكشف عن اسمه، قائلا: "كان صهر الأسد الذي قُتل في التفجير من أقوى العناصر المتشددة في النظام السوري. وإذا كان الجيش السوري الحر قادراً على استهدافه في قلب دمشق، فذلك أمر مذهل، ولو كنت أنا واحداً من أركان النظام وأفكر في المستقبل، لبدأت أقلق من الآتي". لكن رغم الزخم الذي اكتسبته المعارضة بعد التفجير الأخير، يقر العديد من النشطاء والمعارضين أن المعركة ما زالت طويلة وقاسية، وهو ما عبّر عنه المعارض والناشط السياسي السوري، ياسين حاج صالح، قائلا: "أعتقد أننا نقترب رويداً رويداً من النهاية، إلا أننا سنعاني الكثير من الألم في الأيام والأسابيع المقبلة". فرغم الخسارة الكبيرة التي تكبدها نظام الأسد بفقدانه خيرة رجاله المقربين، تبقى معظم الدائرة الضيقة للحكم متماسكة، وعلى رأسها شقيق الرئيس، ماهر الأسد، الذي يقود فرقة أساسية في الجيش السوري. وربما يرجع هذا التماسك، حسب العديد من المحللين، إلى أن كبار الضباط ينتمون إلى الطائفة العلوية التي ينحدر منها الأسد، ويواصل العديد من العلويين موالاتهم للنظام خوفاً مما ينتظرهم في حال سقوطه. هذا بالإضافة إلى انضمام أقليات أخرى للدفاع عن النظام، مثل المسيحيين الذين يخشون وصول الإسلاميين إلى السلطة بعد سقوط الأسد. ويذكر أن وزير الدفاع الذي قتل في التفجير، داوود راجحة، كان أعلى مسؤول مسيحي في السلطة، هذا في الوقت الذي يهيمن فيه على الثورة أفراد من الأغلبية السنية. وميدانياً، ما زال الجيش النظامي يتفوق عسكرياً ومن ناحية قوة النيران على الثوار المسلحين في أغلبهم بالبنادق. ولعل ما نقلته التقارير من استخدام قوات النظام للسفن الحربية لقصف البلدات المنتفضة، ونشر الآليات الثقيلة، واللجوء إلى المروحيات... يدل على البون الشاسع في القوة بين الطرفين. غير أن استمرار الانشقاقات في صفوف الجيش أضعف الروح المعنوية للقوات النظامية، بحيث يحمل كل يوم أخباراً عن انشقاقات جديدة غالباً ما تتعلق بمجندين وضباط من السنة. ويؤكد المنشقون أن الروح المعنوية للجيش النظامي أصبحت في الحضيض بسبب استمرار المعارك مع الثوار وانتشارها خلال ظرف وجيز في جميع أنحاء البلاد. وحتى بعد تفجير الأربعاء الماضي تصاعدت حدة المواجهات المسلحة وسط العاصمة، تلك المواجهات التي رصدها الإعلام الرسمي السوري باعتبارها ملاحقة يقوم بها الجيش ضد "فلول الإرهابيين" في حي الميدان المتاخم لأسوار المدينة القديمة في دمشق. ورغم تأكيد الثوار قرب "تحرير" دمشق والإطاحة بالنظام، لا تشي المواجهات المنفصلة في أنحاء متفرقة من العاصمة، أن هناك تنسيقاً ما يوجد بين الكتائب التابعة للجيش السوري الحر. وتأتي هذه التطورات الميدانية في الوقت الذي طُرح فيه الموضوع السوري مجدداً على مجلس الأمن الدولي، مع مطالبة الغرب بتوقيع عقوبات اقتصادية على النظام ضمن البند السابع للأمم المتحدة الذي يسمح باستخدام القوة. لكن المقترح أُسقط الخميس الماضي بواسطة استخدام الفيتو من قبل روسيا والصين اللتين ترفضان حتى هذه اللحظة فكرة تنحي الأسد من السلطة، أو حتى الضغط في اتجاه إسقاطه باستخدام سلاح العقوبات. وكانت كل من موسكو وبكين قد استخدمتا مرتين قبل ذلك حق الفيتو لتعطيل قرارين لمجلس الأمن الدولي بشأن الأزمة السورية. ولا يبدو أن المكالمة التليفونية التي أجراها الرئيس أوباما مع نظيره الروسي بوتين يوم الأربعاء الماضي حول الأزمة السورية، بمبادرة أميركية، قد نجحت في التوصل إلى تفاهم أميركي روسي، أو تليين موقف موسكو، بل إن روسيا سارعت إلى التنديد بالتفجير الذي استهدف مقر الأمن القومي السوري، متهمة القوى الغربية بالتحريض ضد نظام الأسد وتسليح المعارضة السورية. باتريك ماكدونيل وألكسندرا سانديلز بيروت ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. إنترناشونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©