الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أوباما- نيكسون .. ما أشبه البارحة باليوم!

24 يوليو 2015 22:14
سواء أكان الرئيس أوباما قد تفاوض بشأن صفقة واقعية قابلة للتنفيذ لمنع إيران من امتلاك قنبلة نووية أم لا، فقد أكد إرثه في التاريخ باعتباره صاحب الرحيل الأكثر دراماتيكية في السياسة الخارجية الأميركية منذ زيارة الرئيس ريتشارد نيكسون للصين عام 1972. وكما هو الحال مع نيكسون، الذي خلف «ليندون جونسون» على وعد بإنهاء الحرب في فيتنام، فقد تسلم أوباما السلطة من بوش، الذي كان يلقي عليه باللوم في إهدار سمعة وموارد الولايات المتحدة على المغامرات العسكرية في الشرق الأوسط. وكان نيكسون أيضاً يرى فيتنام، كما يرى أوباما العراق، كرمز للعيوب المفاهيمية الكبرى في استراتيجية الولايات المتحدة. وقد اعتقد نيكسون وأوباما أن بإمكانهما تحقيق وضع أميركي عالمي أكثر مرونة، ومن ثم أكثر استدامة، من خلال تعديل الالتزامات والتحالفات السياسية الراسخة، بينما يحاولان التوصل لأرضية مشتركة مع أعداء مريرين منذ أمد بعيد. وقد استطاع كل منهما أن ينحّي جانباً الصرخات والاتهامات بالخيانة من الأصدقاء القدامى، سواء تعلق الأمر بتايوان في حالة نيكسون وإسرائيل في حالة أوباما. كما أقنعا نفسيهما أيضاً، وحاولا إقناع الرأي العام، بأن السياسة الواقعية قد تؤدي إلى تعاون حقيقي وسلام دائم حقاً، بمجرد أن تثبت الولايات المتحدة للطرف الآخر أن نواياها حميدة وأن مصالحها على المدى البعيد تتسق مع مصالحهم. وفي عام 1967، وأثناء الاستعداد لدخول البيت الأبيض، كتب نيكسون عن «سحب الصين مرة أخرى إلى المجتمع الدولي- ولكن كدولة عظيمة ومتقدمة، وليس كمركز لثورة عالمية». وقد ذكر أوباما أن إيران قد تكون «قوة إقليمية ناجحة للغاية، وتلتزم أيضاً المعايير والقواعد الدولية، وهذا من شأنه أن يكون جيداً للجميع». وهكذا ينضم أوباما إلى نيكسون في قائمة من الرؤساء «المتقشفين»، باستخدام عبارة صاغها من قبل السفير الأميركي السابق «ستيفين سيستانوفيتش»، وهو الآن أستاذ في جامعة كولومبيا. وتماماً كما يتحدث أوباما عن الفوز بـ«موافقة» إيران على التسوية السورية، وإقناعها بالمساعدة في تهدئة العراق، فإن أحد أهداف نيكسون على المدى القصير كان يتمثل أيضاً في ضمان مساعدة بكين في تهدئة جنوب شرق آسيا. ولم ينجح هذا المسعى تماماً. إن أوباما يسعى للحصول على تعاون إيران ضد عدو مشترك، وهو جماعة «داعش»، فيما كان نيكسون يرى تحركه بالنسبة للصين كجزء من استراتيجية أكبر تنطوي على تطويق الاتحاد السوفييتي. وقد فكر أن الميل نحو بكين، المنافس الشيوعي لموسكو، من شأنه أن يضغط على السوفييت ويجبرهم على السعي لإحداث انفراج حقيقي مع الولايات المتحدة. وهنا، أيضاً، كانت النتائج مختلطة. فموسكو وقعت معاهدة الأسلحة الاستراتيجية عام 1972، ولكنها خلافاً لذلك أمضت حقبة سبعينيات القرن الماضي في السعي لتحقيق مكاسب جديدة في أفريقيا وأميركا اللاتينية وآسيا سواء كان ذلك بصورة مباشرة أو من خلال «حركات التحرر الوطني». وبدافع من مشاعر الخوف والاستفزاز من التحالف الأميركي- الصيني، حاول السوفييت الاستفادة من التقشف الأميركي قبل أن يكون له التأثير المقصود على الولايات المتحدة. وبالنسبة لحلم نيكسون بـ«سحب بكين مرة أخرى إلى المجتمع الدولي، ولكن كأمة عظيمة ومتقدمة»، لم يتم حتى الآن تحقيق بعض الأهداف، على الرغم من أن التجارة مع الغرب فتحت البلاد على الأموال والثقافة الغربية، لتساعد على انتشال مئات الملايين من الصينيين من الفقر. ونتيجة لمكافحة الشيوعية مدى الحياة، كان نيكسون في وضع جيد لتحفيز تمرد من قبل المحافظين ضد سياسته في الصين. وكان يقال: «نيكسون فقط هو الذي بوسعه الذهاب إلى الصين». وعلى النقيض من ذلك، فإن أوباما لا يلعب ضد النسق. فالكونجرس، الذي يسيطر عليه الجمهوريون، لا يثق به. وفي حين أن نيكسون نال إشادة وطنية بسبب زيارته الصين لإعادة انتخابه عام 1972، فإن أوباما، وهو بالفعل في فترة ولايته الثانية، يبدو عازماً على الدفع باتفاق إيران، على الرغم من اعتراض أغلبية كبيرة في الكونجرس «كابيتول هيل»، ومن ثم الانتظار لحكم التاريخ. وهذا الحكم سيتوقف، في جزء كبير منه، على الكيفية التي سيدير بها خلفه اتفاق إيران الموروث. ومن الجدير بالذكر أن حتى بعد أن استقال نيكسون بسبب فضائح محلية، فقد استمر خلفاؤه في سياساته تجاه الصين والاتحاد السوفييتي حتى ديسمبر من عام 1979، عندما أجبر الغزو السوفييتي لأفغانستان جيمي كارتر على إعادة تقييم الوضع. تشارلز لين ينشر بترتيب خاص مع «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©