الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

حكومة الوحدة الفلسطينية والشرق الأوسط الجديد

30 أغسطس 2006 01:06
أحمد خضر : اتخذت اللجنة المركزية لحركة فتح في اجتماعها الأخير في العاصمة الأردنية عمان قراراً يقضي بالموافقة على المشاركة في حكومة وحدة وطنية ، تضم حركة حماس وبقية القوى السياسية على الساحة الفلسطينية على قاعدة وثيقة الوفاق الوطني، التي ارتأت كافة الفصائل والقوى أن تكون البوصلة الوطنية التي تقطع الطريق أمام الدسائس والأكاذيب الإسرائيلية لإحداث فتنة داخلية في صفوف الشعب الفلسطيني ، والتهرب من استحقاقات السلام ، هذه الحكومة التي يقع على عاتقها الترتيب للمرحلة السياسية الجديدة بموقف وطني موحد قوي على كافة المستويات · غير أن الضغوط التي مورست على الشعب الفلسطيني منذ انتخابات المجلس التشريعي كانت غير مسبوقة ، وبالتالي فقد جاءت هذه القرارات لمركزية فتح خدمة للرؤية الخاصة للمشروع الوطني ، ومن أجل الإفلات من عنق الزجاجة الذي وصل إلى حد اعتقال النواب المنتخبين ، ووزراء الحكومة الفلسطينية بحجة أن حماس حركة عقائدية إرهابية تسعى إلى تدمير إسرائيل ، ولا يجوز التعامل معها ، لذا حاولت إسرائيل تحريض القوى الفلسطينية ضد بعضها البعض ، أو استيعاب هذه الحركات وترويضها وإضعافها وتفريغها من مضمونها ، وحين فشلت استدعت العالم كله من أجل ضربها والقضاء عليها، لكن إرادة الشعب الفلسطيني أفشلت كل هذه المخططات الإجرامية · المنافي ··والشرعية لقد وصل الفلسطينيون إلى قناعة مفادها: أن القضايا الأساسية بالنسبة لهم هي تحرير الأرض حتى لو استمر ذلك أجيالاً أو عقوداً ، والتشبث بها ، وعدم مغادرتها إلى المنافي القريبة والبعيدة ، وهذا الهدف الاستراتيجي يقابله هدف صهيوني خطير وهو تفريغ الأرض من أصحابها الأصليين عن طريق التهجير البطيء أو الترانسفير ، لذا بدأت نبرة الخلافات الفلسطينية تهدأ وتتراجع وتأخذ طابعاً تكتيكياً شكلياً وليس صراعاً حاداً على السلطة كما السابق ، إلا من بعض الأصوات هنا وهناك ، والتي ما زالت أسيرة المواقف الحزبية والتنظيمية على حساب القضية الوطنية، أو لديها تطلعات فردية في السلطة والزعامة رغم أنها معزولة جماهيرياً أو صارت من إرث الماضي · لقد شكل الاتفاق على برنامج الوفاق الوطني من كافة الأطياف السياسية الفلسطينية بارقة أمل للحياة دون منغصات، أو مزايدات سياسية عقيمة ، وابتعد الفلسطينيون عن شبح الحرب الأهلية والفصائلية، وأثبتوا أنهم قادرون على التعامل مع الأزمة السياسية الراهنة التي يتم فيها محاولة تصفية قضيتهم بشكل صارخ لأن إسرائيل اتخذت قراراً واضحاً وبدأت بتنفيذه وهو ضرب المؤسسات الشرعية الفلسطينية ، وإلغاء كافة مظاهرالسلطة الوطنية التي تمثل الفلسطينيين في هذه المرحلة من كفاحهم لنيل الاستقلال ، وذلك عبر ضرب الشرعية واختطاف رموزها وتغيير معالم الأرض واغتيال المطاردين ، وغير ذلك من الإجراءات والاستفزازات التي تجعل من الحياة في الأرض الفلسطينية جحيماً لا يطاق ، ولولا التمسك بالأرض والصبر والوعي الوطني وقوة الإرادة لدى أبناء الضفة الغربية وغزة ، لتكررت نكبة 1948 مرة جديدة · ويبدو أن التوجه لتشكيل حكومة الوحدة الوطنية قد ولد عن قناعة وطنية راسخة ، لأن هذه الحكومة تتشكل في ظل الاحتلال ، لذا لا بد أن تكون الإرادة الداخلية أقوى من الضغوطات وبغير ذلك فلن يكتب لها الاستقرار ، ذلك أن كل طرف في حالة الخضوع للابتزازات الخارجية يتحين الفرصة لإسقاطها ، وسوف تواجه بحذر شديد من قبل الشارع الفلسطيني · ونعتقد أن هذه الحكومة ينبغي أن تكون شريكاً فعالاً للرئاسة من أجل أن تساعدها في تحقيق أهداف الشعب الفلسطيني على الصعيد السياسي ، من أجل أن تبقى وتستمر ، أما إذا أرادت أن تنافس أبومازن وأن تنازعه في سلطة اتخاذ القرار السياسي عبر مماحكات تنظيمية فإنها سوف تفشل ولن تطول مدتها · الضوء الأخضر إن حكومة يرأسها اسماعيل هنية ، ضمن هذه الأجندة سوف يجمع عليها الفلسطينيون بأغلبية ساحقة ، لأنها تسير في إطار الثوابت الوطنية ، وفي إطار التمسك بالخطوط التي أقرها الشعب الفلسطيني ، واتفق عليها مناضلوه وممثلوه في سجون الاحتلال ، ذلك أنه لا يمكن لأية حكومة أن تنهي المقاومة بكافة أشكالها ولا يمكن لحكومة تمرير بعض الأهداف السياسية التي تعارض مصلحة الشعب الفلسطيني ، ولا يمكن لحكومة أن تفاوض الاحتلال على أساس الهزيمة ، ورغم ما لحق بالفلسطينيين من قتل ودمار فإن الشعب الفلسطيني لم يهزم ، ومثل هذه الحكومة سوف تعطي الضوء الأخضر للرئيس محمود عباس كي يفاوض الإسرائيليين على قاعدة أن الإسرائيليين يعانون كما يعاني الفلسطينيون ، لذا لا بد من الوصول إلى حل عادل ، أما التفاوض مع إسرائيل على قاعدة أن الفلسطينيين مهزومون فهذا لن يقبل به الشعب الفلسطيني مهما كانت النتائج · أما بخصوص حكومة التكنوقراط والتي رفضتها مركزية فتح خلال اجتماعها في عمان فإنه ليس المطلوب فلسطينياً أن تكون الحكومة القادمة شاهدة زور على وطنها وهو يتسرب من تحت أقدام الشعب الفلسطيني، ويضم إلى إسرائيل ، بل إن مثل هذه الحكومة من شأنها أن تزيل الصبغة السياسية عن الهوية الوطنية الفلسطينية وتكون الأراضي الصخرية في الضفة الغربية جزءاً من الشرق الأوسط الجديد الذي أعلنت عنه كونداليزا رايس وزيرة الخارجية الأمريكية ، بل إن حل قضية فلسطين برمتها أصبح اليوم جزءاً من هذا المشروع القديم ـ الجديد الذي بشر به كيسنجر فقد قال في أعقاب حرب أكتوبر 1973 : ( على بعض الشعوب أن تؤهل نفسها للعيش ضمن كيانات جديدة ·· ) ملك الشعب إن العدوان الشرس الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني يحتم عليه الاتفاق ، ربما يكون هناك خلاف في الرؤية السياسية حول قضية ما بين هذا الفصيل أو ذاك أو حتى داخل الفصيل الواحد ، لكن لا بد من حل الخلافات دائماً في إطار الحوار الوطني البناء ، لأن القضية ملك للشعب بمجمله وليست ملك النخب السياسية أياً كانت درجة وطنيتها وتضحياتها · إن الشعب الفلسطيني لن يخوض الحرب الأهلية ويقاتل نفسه لتلبية مطالب الصهاينة، فمن غير المعقول أن يبيع الفلسطينيون الإسرائيليين مواقف مجانية ويحصلون منهم على رائحة الشواء ، لذا فإن الوحدة الوطنية الفلسطينية أهم للفلسطينيين من أي شيء آخر وعليهم ألا يساوموا عليها مطلقاً ، ذلك أنهم لن يكسبوا شيئاً إذا خسروا أنفسهم · إن أهم أهداف هذه الحكومة الجديدة التي نأمل أن ترى النور قريباً يجب أن يكون الحفاظ على الوحدة الوطنية الفلسطينية من خلال استمرار الحوار الوطني لتحريك عملية السلام ، لذا أوكلت اللجنة المركزية لأبي مازن مهمة التحرك عربياً من أجل طرح القضية على المستوى الدولي ، وينبغي على الحكومة التي لم تمانع فتح أن تكون رئاستها من حماس أن تواصل الحوارات الفلسطينية تحت ثلاثة أسس هي : الرؤية السياسية للشعب الفلسطيني ، وكيفية إدارة الصراع مع إسرائيل ، والاتفاق على ترتيب البيت الفلسطيني · كذلك لا بد من الإصلاح الديمقراطي في السلطة ، وأن تعمل الحكومة على تعزيز الإصلاح الإداري ، ورفع المعاناة عن الشعب الفلسطيني ، ووضع حد للممارسات الخطأ ، وإعادة تجديد الهياكل والمؤسسات ، واحترام الجهاز القضائي ، وتوزيع المسؤوليات والأعباء ، حيث يترافق ذلك مع الضغط السياسي والدبلوماسي لإنهاء الاحتلال وأن يبقى النسيج الوحدوي للشعب الفلسطيني متماسكاً ·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©