السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

أجواء الفساد تعرقل استثمارات المعادن في الدول النامية

29 أغسطس 2006 22:51
إعداد - أيمن جمعة: يعتقد بعض الخبراء ان الاقتصاد العالمي لم يكن قط في حاجة لصناعة التعدين والمناجم لكي يضمن استمرار مسيرة الرخاء والتنمية مثلما هو الان· فالارتفاعات القياسية في أسعار المعادن تملأ خزائن الدول النامية الغنية بالمعادن، بمليارات الدولارات وهو ما يوفر لها السيولة النقدية اللازمة لتحقيق نمو اقتصادي جيد خاصة مع تردد المؤسسات الدولية في ضخ استثمارات كبيرة في بعض الدول النامية التي تتصف أوضاعها الداخلية بالتقلب· ويقول ويني موردي رئيس ''المجلس الدولي للمعادن والتعدين'' والرئيس التنفيذي لشركة نيومونت مايننج ''من المهم للغاية ان يتم استخدام هذه الاموال الضخمة بشكل فعال من أجل تنمية المجتمع· هذا التحدي هو تحد عالمي·'' وهناك حاجة ملحة هذه الايام للتركيز على قطاع التعدين في ضوء احصائيات بان شركات المعادن الدولية بما في ذلك المؤسسات التي تملكها حكومات الدول الاقتصادية الناشئة، تزيد استثماراتها بقوة في الدول الفقيرة وذلك بسبب ''استنزاف المناجم في الدول الغنية، في حين تتطلع الصين والهند الى مصادر جديدة للطاقة والمعادن من اجل حفز نموها الاقتصادي·'' والاهتمام ليس دوليا فقط بهذا القطاع· فهناك أيضا ضغوط شعبية متصاعدة في الدول الفقيرة التي تملك احتياطيات ضخمة من الثروة المعدنية ، والتي لم تستطع حكوماتها حتى الان ان تظهر لمواطنيها ان الاستثمارات الاجنبية المباشرة يمكن ان يكون لها مردود ايجابي، اقتصاديا واجتماعيا على المواطن العادي· ولعل هذا السخط هو الذي يدفع بعض سكان نيجيريا لتفجير خطوط أنابيب النفط والغاز لانهم يشعرون ان موارد هذه الثروات الطبيعية لا تصل اليهم··! ''نعمة أم نقمة؟'' ويقول موردي ''لا يتوقف الجدل حول ما اذا كانت المصادر الطبيعية هي نقمة ام نعمة· فهناك تفاوت في الاداء التنموي للدول الغنية بالمعادن· ففي مناطق الصراع يقوم زعماء الحروب ببسط نفوذهم على مصادر الثروة المعدنية· وفي حالات الحكومات الضعيفة، تشيع أجواء الفساد والرشوة· وعندما تتداعى الادارة الاقتصادية للبلاد فان القطاع يصاب بما يعرف باسم المرض الدنماركي أي لا تصبح تعاملاته مربحة··! وفي المقابل فان تطور قطاع المعادن والمناجم فتح الطريق أمام رخاء دول مثل استراليا وكندا بل وايضا الولايات المتحدة، وذلك بفضل وضع سياسات حكيمة ومؤسسات جيدة التنظيم ليتحول هذا القطاع الى عنصر فاعل للتنمية على المدى الطويل· وفي شيلي وبتسوانا وهي دول تقوم اقتصادياتها على صناعة التعدين والمعادن فان الاستخدام المناسب لايرادات هذا القطاع نجح في تقليص معدلات الفقر وحفز النمو الاقتصادي· كما حققت غانا وبيرو وتنزانيا فوائد اقتصادية من صناعة التعدين·'' ويرى موردي ان تجربة شيلي وبتسوانا تقدم ''برهانا على انه بالنسبة للدول النامية فان التعدين يمكن ان يعطي قوة الدفع الاولية اللازمة للنمو عندما تكون هناك صعوبة في جذب الاستثمارات الاجنبية المباشرة للقطاعات الاخرى·'' ولكن ما هي الظروف المطلوبة لضمان نجاح قطاع التعدين في انعاش الاقتصاد؟ ''وصفة النجاح'' يقول موردي ''وصفة النجاح بسيطة وتتضمن وضع سعر صرف جذاب للعملات المحلية وأنظمة ضرائب ايجابية للاجانب والتحكم في معدلات التضخم والعجز والاستقرار المالي والنقدي اضافة الى وضع سياسات صارمة لكبح الفساد وضمان الشفافية وصولا الى تفادي استخدام الايرادات لتمويل الصراعات المحلية·'' ويمضى مرودي قائلا في مقال نشرته صحيفة فاينانشال تايمز ''وهناك ايضا حاجة لوضع اطار قانوني فعال· وفي النهاية فان التحدي الحقيقي يكمن في حسن تطبيق كل هذه الافكار·'' وتلقي دراسات وأبحاث أجراها ''المجلس الدولي للمعادن والتعدين'' و''البنك الدولي'' ومؤتمر الامم المتحدة للتجارة والتنمية، بالضوء على ضرورة تحسين نظم الادارة والحكم في مناطق التعدين· ورغم ان كثيرا من الدول وضعت اصلاحات تشجع على جذب الاستثمارات في هذه الصناعة فان الحكومات المركزية لم تستطع ان تستخدم ايرادات هذه الصناعة بشكل فعال لتمويل مشاريع الخدمات العامة الرئيسية وتطوير أداء الحكومات المحلية· وهذا بدوره قد يكون عاملا رئيسيا للتوترات الاجتماعية· ويقول المراقبون ''الحاجة لتعزيز الادارة المحلية في مناطق التعدين تتطلب تعاونا وثيقا بين الحكومة ومنظمات المجتمع المدني والمنظمات المحلية· وهنا تظهر اهمية النهج الجماعي·· فالمنظمات المحلية هي أفضل وسيلة لنشر وتعميق الوعي الاقتصادي بأهمية قطاع التعدين في الاقتصاد لكنها في الوقت نفسه لن تستطيع القيام بدور المخطط والمنظم لبرامج التنمية المجتمعية فهذه مهمة الحكومة·'' ''دور الشركات'' ويرى موردي ان على شركات التعدين جانبا مهما من خلال تنفيذ مشاريع لخدمة المجتمع المحلي وهو ما يظهر عادة في تحسين البنى الاساسية والاستثمارات الاجتماعية في اطار خطة التنمية العامة للدولة· وهذا كله يضمن ان يعم الرخاء الناجم عن صناعة التعدين المنطقة المحلية كلها وبما لا يجعل السكان في اعتماد دائم على البرامج الاجتماعية للشركات· ويقول ''وعلى الشركات أدوار اخرى رئيسية لتلعبها، نحن في صناعة التعدين ندرك ان استمرارية عملنا تتطلب تطبيق ممارسات العمل التي تعود بالنفع على المجتمع المحلي وتجعله ينظر الى أنشطتنا بشكل ايجابي وعلى انها مصدر للثراء والرخاء·· مثل تدريب السكان المحليين وتشجيعهم على تنفيذ مشاريع صغيرة لخدمة صناعة التعدين· وربما يكون هذا النهج من الاسباب الرئيسية التي جعلت شيلي متميزة جدا بين الدول التي تعتمد في اقتصادها على التعدين· واخيرا فان الشركات التي تعتمد على الشفافية والمكاشفة تستطيع ان تحسن بشكل غير مباشر من مكانتها واستقرارها· فمبادرة الشفافية للصناعات المستخرجة من باطن الارض، وهي تحالف يقوم بنشر بيانات الشركات العاملة في قطاع التعدين وهو ما يمكن ان يساعد السكان والشعوب على محاسبة الحكومات على اوجه انفاق الايرادات''· ويقول موردي ''عندما تعظم الشركات من درجة استفادة السكان المحليين بايرادات صناعة التعدين وتساعد على تقليص معدلات الفقر فانها في حقيقة الامر تضمن لنفسها البقاء والاستقرار·''
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©