الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

برغم الحكم على «ملاديتش».. المصالحة متعثرة في البوسنة

برغم الحكم على «ملاديتش».. المصالحة متعثرة في البوسنة
24 نوفمبر 2017 00:00
ساراييفو (أ ف ب) بعد إنجاز القضاء الدولي مهمته وإيداع الزعيم العسكري السابق لصرب البوسنة «راتكو ملاديتش» السجن مدى الحياة، سيكون من الصعب على البوسنة طي صفحة حرب أوقعت أكثر من مئة ألف قتيل، وشردت أكثر من مليونين. وإن كان الحكم الصادر عن المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة ينذر بنهاية الإفلات من العقاب لمرتكبي مثل هذه الجرائم في العالم، إلا أن المدعي العام في المحكمة «سيرج براميرتز» حذر بأن القضاء لا يمكن أن يحقق وحده «مصالحة ينبغي أن تنبع من المجتمع». غير أن هذه «المصالحة متعثرة» في البلقان عموماً وفي البوسنة خصوصاً، وفق ما كتب مفوض حقوق الإنسان في مجلس أوروبا «نيلز موزنيكس» عشية صدور قرار المحكمة التي تأسست في 1993 لمقاضاة المسؤولين عن ارتكاب جرائم حرب خلال النزاع في البلقان. وعدد بهذا الصدد «الانقسامات الإثنية التي تطغى» و«إنكار وقوع الإبادة» و«تمجيد مجرمي الحرب» وغيرها من العوامل. وبرغم ذلك، يرى خبراء أن المحكمة التي تتخذ مقراً لها في لاهاي، تركت إرثاً في غاية الأهمية، إذ ساهمت في كتابة تاريخ النزاع، ووجهت تحذيراً إلى مجرمي الحرب في العالم بأنه قد ينتهي بهم الأمر هم أيضاً في قفص الاتهام، ورسمت معالم قضاء دولي لمثل هذه الجرائم. وتقول المحامية الدولية والباحثة في معهد «كلينغنديل» «ديانا جوف» بهذا الصدد: «إن المحكمة أثبتت أن من الممكن مقاضاة شخصيات رفيعة المستوى مسؤولة عن ارتكاب جرائم خلال هذه الحرب، وهي بالتالي أرست معياراً ذهبياً لملاحقة وتحديد جرائم معقدة مثل جرائم الإبادة»، فيما اعتبر المدعي العام للمحكمة الخاصة بكوسوفو «ديفيد شوينديمان» أنه بات من المؤكد بفضلها أن مجرمي الحرب لن يفلتوا من العقاب». غير أن المحللة «تانيا توبيتش»، قالت: «إن الحكم لا يشكل منعطفاً لأنه لا يترافق مع صدور تقرير نقدي حيال الجرائم التي ارتكبها معسكر ملاديتش»، مضيفة: «إن السياسيين من صرب البوسنة يبقون أسرى تلك الفكرة التي تقول إن المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة كانت محكمة سياسية ألحقت ظلماً تاريخياً بالصرب». ووضعت ملصقات أمس الأول على مسافة بضعة كيلومترات عن نصب مجازر «سريبرينيتسا»، يظهر فيها «ملاديتش» باللباس العسكري مع عبارة: «أنت بطلنا»، وقد وصف الزعيم السياسي للكيان الصربي في البوسنة «ميلوراد دوديتش» مجرم الحرب بأنه «أسطورة الشعب الصربي». وهذا هو رأي غالبية صرب البوسنة، الذين يمثلون ما يزيد بقليل على ثلث سكان البوسنة البالغ عددهم الإجمالي 3,5 مليون نسمة، مقابل أكثر من نصف من البوسنيين المسلمين، و15 في المئة من الكروات. أما الذين يرفضون التعريف عن أنفسهم وفق هذا التقسيم الإثني، ويشار إليهم بكلمة «أوستالي» التي تعني «الآخرين»، فلا يتخطى عددهم 3 في المئة من السكان. وفي مؤشر إلى تهميشهم، ينص الدستور البوسني على أنه لا يمكنهم الترشح للمجلس الرئاسي الثلاثي في بلد يعتقد الكثيرون أنه أقيم على قاعدة غير سليمة. وبرغم أن اتفاق «دايتون» الموقع في نهاية 1995 وضع حداً للنزاع، إلا أنه أعطى القوميين سلطة تكاد تكون غير محدودة على أراضيهم الإثنية، وساعدهم على «تحقيق أهدافهم الحربية بوسائل أخرى سياسية». وبعد ربع قرن على اندلاع النزاع، تتحدث كل المجموعات من دون أي تردد عن مفهوم الصيغ الثلاث للتاريخ والحقائق الثلاث. والحليف الأول لهذا الصراع على الذاكرة هو نظام الفصل المدرسي الذي أرسي خياره بحجة حماية حقوق الأقليات. وقال «نيلس موزنيكس»: «إن مبدأ المدرستين تحت سقف واحد مستمر برغم قرار محكمة داخلية اعتبرت أنه ينطوي على تمييز، وبرغم توصيات منظمات حقوقية». واستمر نظام الفصل بين مختلف المجموعات في الترسخ منذ الحرب. وفي هذا السياق، باتت مدينة «بانيا لوكا»، شمال البلاد، صربية بحوالي 90 في المئة وفق التعداد السكاني، بعدما كانت في الماضي متعددة الإثنيات. أما ساراييفو التي كانت رمزاً للتعددية الثقافية، فهي اليوم مدينة يسكنها 80 في المئة من البوسنيين، بعدما كانوا يشكلون نصف السكان في 1991.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©