الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حروف الخط العربي تتربع على عرش الفنون الجميلة بنقوشها البديعة

حروف الخط العربي تتربع على عرش الفنون الجميلة بنقوشها البديعة
25 يوليو 2013 21:00
أرجع الياباني فنان الخط العربي فؤاد هوندا بداية تعلقه بالخط العربي إلى عام 1975 عقب تخرجه في الجامعة بقسم اللغة العربية، حيث سافر إلى السعودية ليعمل كمندوب ومترجم في شركة يابانية للمساحة الأرضية والجوية، والتي كانت تنفذ مشروعاً جغرافياً يهدف إلى وضع خرائط أساسية للمملكة، واشترك في الفرقة الميدانية التي نظمتها الشركة للقيام بالتحريات الجغرافية، والتي زارت معظم أجزاء المنطقة المطلوب رسم خرائطها، وقام بتجميع أسماء الأماكن في الخريطة مثل الجبال والصحارى والقرى والمدن والآبار. تعرف فنان الخط العربي فؤاد هوندا على بعض الخطاطين العرب الذين كانوا يعملون في مصلحة المساحة التابعة لوزارة النفط، ورآهم عن كثب يكتبون أسماء الأماكن الجغرافية على الخريطة، فتعجب من جمال الخطوط العربية جعله يطلب من أحدهم أن يعلّمه أساسيات الخط العربي وبدأ التعلم. وأكد هوندا أن الشعب الياباني محب للفنون عامة مثل الرسم والنقش والأعمال الفخارية والصباغة والخط، وغيرها من الفنون سواءً كانت قديمة أم معاصرة، وأن الخط الياباني هو من أهم الفنون الجميلة المحبوبة والمفضلة لديهم، ويمكن إرجاع أصله إلى ألفي سنة، حيث اقتبس أجدادهم هذا الخط من بلاد الصين، وأدخلوا عليه تحسينات حتى ابتكروا أنواعاً جديدة من الخطوط تختلف عن أصلها الصيني. قصة إسلامه ويقول هوندا عن قصة إسلامه إنه كان له اهتمام شديد بالديانة الإسلامية منذ أن بدأ تعلم اللغة العربية في الجامعة، وفي أثناء إقامته في السعودية أصبح له أصدقاء مسلمون كثيرون، معظمهم كان يريد أن يُسلم فعلّمه فرائض الإسلام وكيفية أداء الصلاة وعادات المسلمين مثل الصيام في رمضان، ولكنه حتى ذلك الحين لم يكن له معرفة كافية بالديانة، فبادر بقراءة القرآن الكريم والكتب الدينية بغية تعميق معرفته بالإسلام، وبعد عودته من السعودية إلى اليابان مع انتهاء تنفيذ المشروع في أوائل الثمانينيات من القرن الماضي قرر بنفسه أن يسلم مقتنعاً بأن يكون مسلماً، وأعلن إسلامه في المركز الإسلامي في اليابان وسمى نفسه فؤاد. وقال إنه منذ أوائل التسعينيات من القرن الماضي بدأ إنتاج اللوحات الخطية التي اشترك بها في المسابقات والمعارض في اليابان والبلدان العربية والآسيوية مثل مصر وقطر والكويت والإمارات وتركيا وماليزيا، وفاز بجوائز متواضعة في بعض المسابقات، ومع مرور الوقت شعر بالملل من تقليد اللوحات القديمة، كما أصبح غير قادر على إيجاد معنى إيجابي في مثل هذا العمل المبتذل، فعزم على إنتاج لوحات جديدة ومبدعة بما يتماشى مع خصوصيته الفنية، وذات يوم بينما كان يقرأ بعض الآيات القرآنية ظهرت في ذهنه فجأة، أشكال غير واضحة تشبه الدائرة والمثلث والشكل الحلزوني، فدهش منها وشعر بأنه أوحي إليّه أن ينتج لوحات خطية جديدة تعكس معنى الآيات القرآنية على هذه الأشكال. درجة التلوين وأضاف أن الألوان التي استخدمها لرسم خلفية لوحاته أكثر عمقاً من حيث درجة التلوين، ومنسجمة مع المخطوطات والتصميم، وأن اللون الذي يكثر من استخدامه هو اللون الأزرق، حيث يعتقد أنه لون السماء والماء، وهو أنسب الألوان للتعبير عما يسمى «الأبدية والخلود». وعن أعماله التي أطلق عليها عنوان «وجه الله» وتتكون من 3 لوحات، أكد هوندا أن تلك التسمية تكمن في أن كل من الآيات القرآنية التي استخدمها كانت تضمّ كلمات «وجه الله» أو «وجهه» أو «وجه ربّك» على السواء: ففي اللوحة الأولى (ولله المشرق والمغرب فأينما تولّوا فثمّ وجه الله إنّ الله واسع عليم) - سورة البقرة - وفي اللوحة الثانية (لا إله إلا هو كل شيء هالك إلا وجهه له الحكم وإليه تُرجعون) - سورة القصص - وفي اللوحة الثالثة (كلّ مَن عليها فانٍ ويبقى وجه ربّك ذو الجلال والإكرام) - سورة الرحمن - وتلك الآيات أثرت فيه بعمق معانيها وبساطة التعبير فيها، بما يجعل بني البشر يتفهّم وجود الله عن قرب، وكونه حيّاً إلى الأبد وقيّوماً، وأما عن الشكل الذي استخدمه في اللوحات الثلاث، فقد أدخل الآيات القرآنية في شكل المثلث الطويل المتساوي الضلعين، لما يقال من أن شكل المثلث - هو بالطبع شكل الهرم ــ يكون له معنى خاص وقوة روحانية خاصة تسمّى بـ «قوة الهرم». أرفع الفنون ويحترم هوندا تراث الخط العربي احتراماً كبيراً باعتباره أعلى الفنون الجميلة في العالم من حيث القيمة الجمالية، ويعترف بأن فن الخط العربي قد تفوّق على الفن الغربي جمالياً، موضحاً أن المسلمين جميعاً، يجوز لهم أن يفتخّروا بأنهم يمتلكون أرفع الفنون الجميلة شأناً، ويجب على الخطاطين أن يحافظوا على تراثهم محافظة كاملة بالالتزام بقواعد الخط، وبل وعليهم أن يصقلوا أشكال الحروف العربية بإدخال التحسينات عليها لكي تصبح أكثر جمالاً من تلك الموجودة الآن. ولاحظ مؤخراً أن الناس في البلدان غير العربية بما فيها اليابان أصبحوا يقدّرون الجمال في شكل تلك الحروف، مما يدل على أن جمالية الخط العربي عامّة أو عالمية وليست مقصورة على العرب والمسلمين فقط. وقال إن الخط العربي ليس أشكالاً يمكن تكوينها بواسطة المسطرة والفرجار، بل يشبه أشكالاً للأشياء التي نراها في الطبيعة، وأن مختلف الأجزاء لأشكال الخط العربي تذكّرنا بالخطوط الجميلة التي نجدها فيما حولنا من البيئة الطبيعية مثل خطوط مجرى النهر والخطوط الخارجية لملامح الجبال والكثبان الرملية في المناطق الصحراوية وملامح أجسام الإنسان والحيوانات والطيور والنباتات والأزهار والأشجار. أجمل الخطوط أشار فنان الخط العربي فؤاد هوندا إلى أن الخطاطين عليهم مهمة مقدسة ذات أهمية قصوى بأن يكرّسوا كل أوقاتهم في الحياة، ويبذلوا ما في وسعهم من الجهود حتى يتمكنوا من كتابة أجمل الخطوط «ولو سطر واحد» لآيات القرآن الكريم الذي هو كلمات الله عز وجل، وذلك ما يرضى به ويحبه الله، حيث أن الكمال لله وقدرات الإنسان محدودة وعمره أيضاً محدود، كما يجب عليهم أن يسلّموا نتيجة جهودهم المبذولة إلى جيل لاحق.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©