الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«الإنقاذ» والثقافة السودانية.. والسنوات العجاف

«الإنقاذ» والثقافة السودانية.. والسنوات العجاف
13 أغسطس 2014 20:00
* الخرطوم تعيش حالة من الركود التام على الصعيد الثقافي * الحكومة هشمت منحوتات كلية الفنون بوصفها "أصناماً" * "الإنقاذ" أغرق البلاد في الاحتراب الأهلي وقمع كل ما هو ثقافي * حظر للكتب ومنع للغناء وإغلاق للمراكز الثقافية والمعاهد الفنية ------- مثّلت الحركة الثقافية السودانية، تاريخياً، مختبراً حقيقياً لعلاقة جميع الأنظمة التي تناوبت على حكم الخرطوم بمسائل مثل حرية التعبير والمساواة والعدل الاجتماعي وحقوق الإنسان، سواء بعد أو قبل العام 1956، وهو عام استقلال السودان عن الاستعمار الانجليزي. إن نظرة مستعجلة إلى تاريخ المسرح السوداني، على سبيل المثال، تبين انه ومنذ عشرينيات القرن الماضي نجح في اثارة مخاوف السلطات الاستعمارية بخطابه المناهض والمقاوم فعملت تلك السلطات على تكبيله واعاقة المشتغلين به، كما تورد العديد من المصادر والمراجع التاريخية. ------- لاحقاً، وفي عهود الحكومات الوطنية التي تعاقبت على كرسي الرئاسة، لعب المسرح وسواه من اجناس فنية أدواراً مهمة في مقاربة موضوعات شائكة مثل "الهوية الثقافية" و"العلاقة بالآخر" و"التعددية" وغيرها. بيد ان المسار بدا معقداً أكثر في السنوات الأخيرة، إذ تعرضت وعرضت حركة الفنون السودانية لأشكال شتى من الصعوبات والتحديات، وخسرت جراء ذلك الكثير من ديناميتها وهي فقدت حضورها ليس فقط على الصعيد الإقليمي أو الدولي ولكن حتى على مستوى نطاقها المحلي. وتعيش الخرطوم منذ سنوات حالة من الركود التام على الصعيد الثقافي إلا من بعض الإشراقات التي تصدر من وقت لآخر، هنا وهناك، ومن طرف أفراد أو مؤسسات أهلية تعاني ما تعاني من ضعف الإمكانيات وشح التمويل ناهيك عن تأثرها بالظروف غير المشجعة أو المعادية التي ترسخها جملة من القوانين واللوائح المعيقة. إخفاقات على كل الصعد وقد حلت، أخيراً، الذكرى الـ 25 على استيلاء نظام الحكم في الخرطوم سدة الرئاسة عن طريق انقلاب في يونيو 1989، ومع مرور كل هذه السنوات، وقياساً إلى معطيات عديدة، يبدو ان النظام، الذي بقي في الحكم فترة أطول من سواه من الأنظمة السابقة، بات مقتنعاً بفشله في إدارة شؤون "البلاد الكبيرة"، فالنبرة الدعائية المتحدية التي كانت تصوّت بها الأجهزة الإعلامية الرسمية غدت خافتة جدا بل أوشكت على الغياب، كما أن النظام لم يحتفل بسنته الجديدة مثلما درج على ذلك في السنوات الماضية، حيث كان يحشد جموعه في الساحات العامة ويحتفل عبر مكبرات الصوت بما حققه من إنجازات!. وبالنسبة لأي مراقب سياسي يبدو سهلا الآن الكلام عن إخفاقات بالجملة للحكومة السودانية خلال السنوات الماضية والشواهد عديدة لعل في مقدمها انفصال إقليم الجنوب في يوليو 2011، واتساع جغرافيا الاحتراب الأهلي إلى مناطق دارفور والنيل الأزرق واستشراء الفساد وزيادة نسب النازحين واللاجئين السودانيين سواء إلى الداخل أو إلى الخارج وثمة هجرة الآلاف من خريجي الجامعات والمعاهد العليا إلى أوروبا والخليج، وتردي الخدمات الصحية والتعليمية والتدهور المريع في المجال الاقتصادي، والحظر الاقتصادي، وتدهور العلاقات الخارجية إلخ! وفي هذا الاستطلاع نحاول استكشاف حركة الإبداع السوداني خلال الـ 25 سنة الماضية، وفيما إذا كانت تأثرت بالسياسات والتشريعات التي اعتمدها وآمن بها النظام الحاكم والذي استهل مشواره بالدعوة إلى "صياغة الإنسان السوداني" وإرساء "دعائم المشروع الحضاري" وتحقيق"الاكتفاء الذاتي" بشعارات ورؤى اسلاموية متشددة، رأى النظام أنها "ستنقذ" السودان وترفعه من الوهدة التي وقع فيها بسبب سياسات الحكومات السابقة!. وقد استطلعنا هنا عددا من المبدعين السودانيين الذين نشطوا في السنوات القليلة الماضية، من مواقع مختلفة وبرؤى فكرية متباينة، ومع ذلك يظهرون في إفاداتهم اتفاقاً على أن هذه المرحلة التي أمضاها " نظام الإنقاذ" في الحكم، هي الأسوأ قياساً إلى كل ما مضى! من أين أتى هؤلاء؟ ولكن قبل الوقوف عند ما قاله المستطلعون نشير إلى أن الروائي الراحل الطيب صالح كان هو الأسبق، ولعله الأبلغ، بين الكتاب السودانيين في توجيه النقد اللاذع إلى "حكومة الإنقاذ"، ولكن المنابر لم تحفل إلا بمقالته الموسومة بـ "من أين أتى هؤلاء"؟ إذ تحول عنوانه/ سؤاله، إلى مجاز ثابت ودال على الاستغراب والتهكم والسخرية في قاموس الكتابات المعارضة للنظام! وقد حدد صاحب "موسم الهجرة إلى الشمال" استغرابه من طرائق النظام في إدارة شؤون البلاد في مناسبات شتى، ومن ذلك قوله إن عباقرة الإنقاذ (يقصد النظام الحاكم في الخرطوم) كأنهم يكتبون على صفحات بيضاء لم يكتب عليها أحد قبلهم، علماً بأن تاريخ السودان يمتد إلى ما وراء أكثر من أربعين قرناً. وجدوا شعباً حسن الإسلام، فآلوا على انفسهم أن ينزلوا عليه الإسلام من جديد، وجدوا أمة كريمة أبية متراحمة فأهانوا كرامتها وجرحوا كبرياءها ومزقوا شملها. وجدوا شعباً صابرا راضياً بقسمته يعيش مستورا ولو على الكفاف ولكنه يعمل ويكدح وتتحسن أحواله عاما بعد عام فأذاقوه وبال الجوع والهوان، كي يقولوا إن الشعب كان جائعاً قبلهم، وانهم هم من جاؤوه بالمن والسلوى. وجدوا دولة على علاتها ذات هيبة، تنصر الأخ وترعى حقوق الجار ويحسب حسابها الأمم فحولوها إلى دولة تافهة لا يقام لها وزن، لا تنصر مظلوما ولا تردع ظالما. أوراق عملتها تحمل بالزنابيل والركائب لشراء رطل البصل والطماطم، ثم نادوا، هذه أمة صارت الآن مؤهلة لزعامة العالم! ماذا بالله عليك يستطيع الكاتب أن يكتب في حمأة هذا الجنون؟). خراب شامل الروائي منصور الصويم، وهو الفائز بجائزة الطيب صالح للرواية، اضطر إلى الهجرة بسبب من ظروف التضييق التي كان عليه أن يواجهها في الخرطوم منذ أن عرف طريقه إلى المجال الثقافي العام مع بدايات تسعينيات القرن الماضي. يجيب الصويم على سؤالنا بنبرة ناقمة، ويقول: "ما فعله نظام البشير في السودان خلال هذه الربع قرنية من حكمه، لا ينفصل في مستواه التخريبي والتدميري من مجال إلى آخر، فهذا الخراب المتعمد طاول كل شيء بالسودان، الاقتصاد، السياسة، المجتمع، الجغرافيا، التاريخ. . الخ. كل ما هو سوداني أولجه هذا النظام المتخلف في دائرته الجهنمية وأجهز عليه". ويلفت الروائي الذي يرتكز مشروعه الإبداعي على مقاربة ذاكرة إقليم دارفور، وهو يشهد نزاعاً متصلاً منذ 2003، إلى البدايات الأولى من عمر هذا النظام (القمعي)، على حد تعبيره، فلقد عمد إلى إزالة الأرشيف الإذاعي والتلفزيوني "أغاني ودراما"، كما هشم منحوتات كلية الفنون بوصفها "أصنام". ويمضي صاحب رواية "تخوم الرماد" في التدليل على ضراوة حكومة الانقاذ تجاه كل ما هو ثقافي بالإشارة إلى ملاحقتها "المبدعين وتشريدهم وتهجيرهم قسرا من السودان، عبر المحاولات البائسة للسيطرة على الإنتاج المسرحي وتوجيهه، وعلى الغناء، وعلى الكتاب ومعارض كتبهم، وحتى محاولات السيطرة على الملفات الثقافية بالصحف أو إيقافها. . ". ويضيف الصويم: "نظام البشير مزق النسيج المجتمعي للإنسان السوداني، ولإنجاح هذا (المشروع) قمع كل ما هو ثقافي وأوصد كل باب يقود إلى استنارة". تحريم. . وشرك من جانبه، حدد الناقد النشط السر السيد في افادته نقاطاً معينة للدلالة على الموقف المناهض لكل ما هو ثقافي وفني من طرف نظام البشير، إذ يذكر ان أول ما فعلته (الإنقاذ) في بداية حكمها انها (جمدت) نشاط المسرح القومي فلم يقدم ولا عرض مسرحي واحد في الفترة من 89 إلى 94، كما تم إغلاق المعهد العالي للموسيقى والمسرح في الفترة من 90 إلى 94 وقد تزامن مع هذا الموقف الانقاذي من الفنون أن تم إيقاف تسجيل ما وصف بـ "الأغاني العاطفية" في الإذاعة والتلفزيون والذي لا يزال مستمرا حتى الآن، وفي ذلك الوقت تشكلت لجنة عرفت بلجنة "تنقية الأغاني" التي تبث من الإذاعة والتلفزيون من "الشوائب" والتي تعني هنا كل ما يمس "العقيدة والأخلاق" فقد منعت كل الأغاني التي ترد فيها مفردات مثل خمر أو كأس أو أي إشارات وصفية للمرأة، كما منعت بعض الاغاني التي وصفت بأنها "شركية" كأغنية "لا وحبك" للمطرب الراحل عثمان حسين بسبب أنها تقوم على القسم بغير الله والنماذج أكثر من أن تحصى. . ". ويرى السيد، الذي عمل في عدد من المؤسسات الإعلامية في الخرطوم وخبر ردهاتها ودقائق الأمور فيها، ان هذا الموقف المتشدد مردّه فشل نظام الانقاذ في استقطاب المثقفين النوعيين الفاعلين في مختلف ضروب الإبداع إضافة إلى أو بسبب افتقار النظام لنظريّة تخص العمل الثقافي، وعجزه في استقطاب المثقفين النوعيين "شقّ للثقافة مجرى واحداً في العصر الانقاذي هو مجرى التعبئة السياسية والترفيه السهل، كيف لا والإنقاذ تطرح فكرة إعادة بناء الإنسان السوداني وقيادة البشرية نحو النور. . ". تضحية ويمثّل المخرج والممثل الرشيد أحمد عيسى بمساره المهني ليدلل على حالة القمع التي مارسها نظام الانقاذ على المبدعين السودانيين، فعيسى هو واحد من طاقم إبداعي متميز كان يشرف على تأهيل وتدريب عدد من الموهوبين في مجالات المسرح والموسيقى في مؤسسة تعليمية عريقة هي "قصر الشباب والأطفال" إلا انه وجد نفسه، صحبة آخرين من رفاقه، خارج المؤسسة بقرار حكومي مجحف! وبحسب العديد من المصادر، فلقد فصل نظام الانقاذ، في بداياته خصوصا، العديد من موظفي الدولة ومن دون ان يعوضهم عن سنين خدمتهم، وكان فصلهم يجري بدواع سياسية دائما ولشبهات انتماء للحزب الفلاني أو العلاني! ويشير عيسى إلى أن المبدع السوداني في عهد حكومة الانقاذ حورب بطرق عدة، فمن المبدعين من لم يجد عملاً ومنهم من سجن وطُرد من عمله عسفاً وظلماً، وهو يشير إلى انه اضطر إلى الهجرة ليوفر: "الخبز ومصاريف كافية لعلاج وتدريس أبنائي، وما اضطرني للهجرة هو القهر الذي يقابل به الفنان في مؤسسات نظام الانقاذ كالإذاعة والمسرح والتلفزيون، ما دفعني إلى الهجرة أننا وجدنا أن ما نقدمه من إبداع لا يمكننا من العيش بكرامة، وما اضطرني للهجرة أنني وجدت أن أفكاري ومهاراتي وطموحاتي وأحلامي في المسرح لا تكفي وحدها للعيش في الخرطوم. لم أكن أفكر أو أحلم يوماً بمغادرة الوطن ولكن طالما أن بعضهم لا يمكن أن يعيش إلا بهجرتنا وتشريدنا فلا بأس ان نتحمل التضحية. . ". ويلفت الممثل الذي نشط في المجال الإبداعي بالخرطوم منذ أواخر ثمانينيات القرن الماضي، إلى إعداد كثيرة من المبدعين السودانيين في شتى المجالات الذين اضطروا إلى عبور البحار إلى استراليا وأميركا وآسيا ليعلموا في مهن لا علاقة لها بالفن أو بشهاداتهم الأكاديمية ولكنها تتيح لهم ان يعيشوا في كرامة وأمن، وأن بعضهم فضّل ان يكون من مواطني بلدان أخرى تحترمه أنظمتها وترعى مواهبته. عصر الحظر مكتبات عامة ومراكز ثقافية واجتماعية وتنموية مستقلة وكتب وأشكال مختلفة من الإبداعات الشعبية حجبتها حكومة الانقاذ منذ انطلاقتها ويعددها الناقد السر السيد قائلاً: "في هذا الربع قرن من حكم الإنقاذ لا يستطيع اى مشتغل بالثقافة وهو يجهد نفسه في أن يقدم إفادة أمينة حول وضعية الثقافة في هذه الفترة إلا أن يقول إنها تعد من أسوأ الفترات التي مرت على الثقافة في تاريخ السودان، ففي هذه الفترة تراجع النشر الرسمي الذي كانت تقوم به وزارة الثقافة فتوقفت مجلتا الثقافة السودانية والخرطوم كما توقفت مجلة الإذاعة والتلفزيون، وتراجعت فرقة الفنون الشعبية وفرقة الأكروبات، منعت وصودرت العديد من الكتب الفكرية والأدبية بشكل لم نشهد له مثيلا في الأنظمة التي سبقت الإنقاذ، أغلقت وصودرت ممتلكات عدد من المراكز الثقافية كمركز الخاتم عدلان بالخرطوم، ومركز الدراسات السودانية. تعرضت الآثار السودانية للإهمال المتعمد ومن ثم للنهب المنظم، ضيق الخناق على الإنتاج الثقافي الخاص فرديا كان أم مؤسسياً عبر فرض الضرائب والإتاوات أو المصادرة والحظر مثل ما حدث للكثير من دور النشر الخاصة كدار عزة للنشر. . ". ربع قرن. . إلى الوراء! ومن بين المبدعين السودانيين الملتحقين بقطار الهجرة أخيرا، عبد العزيز بركة ساكن الذي طلب اللجوء السياسي في النمسا، وهو يعتبر من أكثر الكتّاب في الخرطوم تعرضاً لقرارات الحظر، إذ أن مجمل أعماله ممنوعة بأوامر صادرة من هيئة المصنفات الإبداعية السودانية، وهو يرى في إجابته على سؤالنا ان: "حكومة الانقاذ" اعتمدت في تمرير خطابها السياسي والاجتماعي علي تفكيك البنيات الثقافية للأقاليم السودانية إلي عواملها الأولية، بالتالي تبعثرت القواعد الثقافية مما أربك الوعي بموضوع الهوية لدى الكثيرين وهو ما انعكس سلباً على تجربة التعايش السلمي بين الشعوب السودانية والتسامح اللذين نتجا عن عملية مثاقفة طويلة عبر التاريخ. . " ويشير بركة الذي فاز هو الآخر بجائزة الطيب صالح للإبداع الروائي وحظرت السلطات روايته الفائزة عقب صدورها، إلى ان "دور الدولة ظل ضعيفاً في بناء المؤسسات الثقافية التي تعنى بالفنون وإنتاجها ونشرها، ومعيقا لحد بعيد. . "، وهو ذّكر بالمراقبة الأمنية التي اتبعتها الحكومة والفرز السياسي والديني من قبل مؤسساتها وإعلامها لما هو أدبي وفني ودعم ذلك بقوانين نافذة وان كل ذلك "صَعَّب مَهَمَّة الكاتب والمكتوب والمُؤلِف والمؤلَف، والفن من طبعه الموت تحت القيد ولو كان من الحرير: أظن أننا قد عبرنا ربع قرن إلى. . الوراء"! ويقر الناقد السر السيد ان "نظام الانقاذ" بنى بعض المنشآت الثقافية وأقام مهرجانات موسيقية ومسرحية وأدبية، ولكن الأمر، في تقديره لا يخرج عن تصور الحكومة للثقافة باعتباره مجرى لـ "التعبئة والترفيه والاحتفالية"، إذ لم تتطور هذه المهرجانات كما توقف بعضها كمهرجان الخرطوم الدولي للموسيقى مثلا وصحيح أيضا ان الإنقاذ شيدت عددا من المسارح في الخرطوم إلا أن ما يؤسف له إن بعضها لم يكتمل وبعضها غير مجهز بطريقة احترافية مما يدل على غياب الدراسات السابقة لإنشاء المشروعات الثقافية وهو أمر عانت منه الثقافة كثيرا في عهد الإنقاذ؛ فقد أهدرت ملايين الجنيهات باسم الثقافة دون أن يتحقق ولا فعل أو مشروع ثقافي جاد. . ". ويخلص السيد إلى أن "الإنقاذ لم تكتف فقط بتخريب الثقافة على مستوى الدولة بل سعت لمطاردة الثقافة حتى في المراكز والإحياء؛ فقد سنت قوانين وتشريعات تتدخل حتى في حفل العرس كما في قانون النظام العام الذي يمنع قيام أي عمل ثقافي وفني دون تصديق من جهات الاختصاص؛ وبناء على مواد هذا القانون يمكن اعتقال الموسيقار أو الشاعر أو الممثل في مكان الحفل أو العرض أو الندوة إذا لم يلتزم بالزمن المسموح له أو إذا قدم عملا أو قرأ قصيدة أو غنى أغنية لأي شائبة من التي حددتها لجنة التنقية أو حددها القانون. . ". أفق هل يمكن الحديث عن شكل من أشكال المواجهة المباشرة، ولكن الممكن، بين النظام والمثقفين السودانيين، يرد الصويم: المثقفون السودانيون ظلوا طوال عمر هذا النظام في مواجهة مفتوحة معه وفي حالة انتفاض متصل لا يخبو، ومحاولات مبدئية ثابتة لفضح أساليبه القمعية والتخريبية، سواء من خلال كتاباتهم في الصحف ومواقع الإنترنت أو إنتاجهم الإبداعي. وما تعرض له مثقفو السودان من محاولات لتكميم الأفواه وتشريد وتهجير قسري بتضييق سبل الحياة عليهم، يوضح حجم المواجهة بينهم وبين هذا النظام، كما أن المثقفين السودانيين وطوال هذه السنوات الماضية ظلوا هم الجهة الوحيدة التي تحاول (تنظيرا وتحليلا وعملا) إعادة التماسك والسلامة للمجتمع السوداني، وضخ التفاؤل وروح المقاومة في المواطن السوداني. . نعم دفعوا الكثير أمام الآلة القمعية والإعلامية للنظام إلا أنهم لم ينكسروا قط وما زالوا يواصلون النضال إلى أن يتم إزالة هذا الكابوس من على صدر الشعب السوداني. . ".
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©