الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الترميم الثقافي

13 أغسطس 2014 20:00
صمت المجمع الثقافي صمتاً طويلاً، بدا خلاله محل تأمل وتنبؤ. فالمجمع يخضع، كما قيل، لعملية ترميم أو تجهيز ليكون صرحاً ثقافياً شاملاً، سواء أكان ذا طابع محلي أو عالمي. . . المهم أن هناك مشروعاً قادماً من حيث الترميم الثقافي والإتقان المتجدد الذي يسعى إلى نبذ الفتور، وحين تقدم المشاريع هنا أياً كانت هويتها ونوعيتها تجدها على أبهى طراز. . . هكذا اعتادت الإمارات في سعيها الدؤوب ونهجها المتآلف مع التأصيل والتجديد وأخذ المعايير الحديثة المنسوجة بالماضي، وهي سمة لا نستعيرها بقدر ما تؤكدها ملامح الحياة الثقافية والاقتصادية، وهي منهجية قادرة على ترجمة أضخم المشاريع على أرض الواقع وقادرة على تحريك الصمت إلى صوت أصيل. صمت المجمع الثقافي، وصمت ما حوله من مسارات كانت تعكف على تنظيم المناشط المختلفة، صمتت المكتبات، وصمت صوت المحاضر و المحاضرات، وخفتت الأماسي، وبات الصرح واجماً، أسير الانتظار، يحفه ضجيج الروح وما اعتاده من حياة رافقت البينة الثقافية في مسارها، هذه البنية التي أثمرت وبلورت باكورة العطاء. . والآن، ها هي الملامح ذاتها يعمها الصمت، والهدوء يكتسح المكان المحيط من شوارع ومحال وأبراج كانت مطلة على الحراك الثقافي النير الذي لا ينسى على مر الزمان. . ذلك أن المجمع الثقافي ونشاطاته لم تكن حاضرة في الحياة الثقافية المحلية فقط بل أحدثت دوياً في الحياة الثقافية العربية؛ حيث كانت الفعاليات والمهرجانات الثقافية ترسم شكلاً ومضموناً وذات دلالة محلية وعالمية؛ ومنها: معارض للكتب ومناسبات مجتمعية ومدرسية ووطنية. ولم تخفت المنارة الدالة على العالمية من مهرجانات وفرق موسيقية وأماس شعرية أدبية تسعى إلى القيم الرفيعة فكانت الحصيلة مرور كبار الكتاب والأدباء والشعراء من خلاله، وعانق صرحه مشاريع رائدة ومهمة كمشروع المكتبة السمعية التي أعطت المجمع رونق السبق. فكان هذا هو النسيج الثقافي المتكامل والذي بلور تاريخ الثقافة المحلية ومحورها منذ بدايته بالسبعينات مكونا ذاته التي امتدت إلى حاله الراهنية، التي ينتظر فيها النهوض من جديد من اجل كتابة التاريخ الحديث للحياة الثقافية، والإسهام في صياغة ملامحها، فقد ترك غياب صرح كالمجمع الثقافي فراغاً لا يمكن لأبعاده أن تُتَجاهل أو لحيزه أن يغفل. . . لذلك فإن مجرد المرور بجانبه يجعل المرء يستقرئ الكثير من الحيثيات، وينظر إليه بتأمل مستعيناً بالمقدمات التاريخية والحضارية المستفيضة من عمل مختص ودؤوب لا ينسى. أسوق هذا كله، لأقول: ليست الصروح الثقافية وحدها بحاجة إلى ترميم، إن نمط العمل الثقافي بحاجة إلى التجدد والانسجام مع الحياة الثقافية الحديثة، وليس من سمات المثقف الظهور على حساب المؤسسة التي يعمل فيها، لخدمتها، لا ليعطي لنفسه المكانة التي تفوق المؤسسة الثقافية وعملها. . وفي الدائرة نفسها يتورط المثقف حين يتخذ لنفسه الحجم والمكانة التي تفوق الصروح الثقافية؛ من هنا لا يمكن للعشوائية في العمل الثقافي أن تستمر. لا بد من إدراك الأهداف قبل الشروع في الترميم، فهناك أجندة خاصة لا علاقة لها بأجندة الثقافة الشاملة أو المتلامسة مع المناسبات الثقافية مما يخلق حالة من الفتور الثقافي.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©