السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

«أكاديميون وخبراء»: العالم يواجه منعطفاً حاداً والذكاء الاصطناعي يقود المعرفة

«أكاديميون وخبراء»: العالم يواجه منعطفاً حاداً والذكاء الاصطناعي يقود المعرفة
22 نوفمبر 2017 22:46
دينا جوني - نوف الموسى (دبي) تتعدد النظريات المتعلقة بمستقبل الذكاء الاصطناعي وإمكاناته، خاصة أن العالم على أبواب منعطف حاد يسير فيه الجميع بسرعة كبيرة، مدفوعين بقوة يمكن اختصارها بتحقيق قفزات تكنولوجية كبيرة في فترات زمنية متسارعة نقلت الابتكارات والحوسبة في مختلف المجالات من حالة الملموس والمرئي إلى «السحابة». وطرح خبراء في «قمة المعرفة 2017» تصوراتهم في مساهمة الذكاء الاصطناعي في تسطيح أو تعميق المعرفة، ومدى تغيرها أو ثباتها من ثورة صناعية إلى أخرى، بالإضافة إلى إمكانية تسريع عملية الإبداع الأدبي والتشكيلي والموسيقي، ومدى تأثير تدخّل الآلة في العمل الإبداعي على قيمته المعنوية والمادية. وقال محمد عبد الله مدير عام المدينة الأكاديمية وقرية المعرفة: إن المعرفة لن تتغير كفعل إنساني يرتبط بكينونتنا وفهمنا لذواتنا، ولكن عملية صنع المعرفة كممارسة يومية فإنها تتفاعل مع المتغيرات المحيطة، وبالتأكيد سيفرض الذكاء الاصطناعي تغيرات على الحصيلة المعرفية الإنسانية. وأضاف: على أرض الواقع، لا يمكن التغاضي عن أهمية اجتماع العلوم المختلفة والتقنيات التجريبية من العلوم النفسية مع النماذج الحاسوبية في الذكاء الاصطناعي والتي يمكن لها معاً أن تبني نظريات محددة للطريقة التي يعمل بها الدماغ البشري، وهذا الاجتماع يغني العلوم وبالتالي الحصيلة المعرفية الإنسانية، ويمكن أن يطور مجالات شتى مثل معالجة اللغات الطبيعية وتحسين الطرق التعليمية. وأكد عبد الله أن الذكاء الاصطناعي لا يخلق المعرفة أو الإبداع، سواء في مجال الكتابة أو الرسم، أو الموسيقى أو أي مجال آخر، ولكنها تساعد على اختصار المراحل والاطلاع على كثير من التجارب وتلخيصها، كما تتيح التواصل بين المبدعين، وقد روجت وسائل الإعلام للذكاء الاصطناعي، ولكن تم إغفال الكثير من التفاصيل التي ضاعت بين المؤيدين المفرطين بحماستهم، والمتشككين المبالغين في مخاوفهم، والأكيد أن ما سيتمكن الذكاء الاصطناعي من تحقيقه يتخطى تصوراتنا الحالية، وما يمكن أن يفيد البشر هو تسخير الذكاء الاصطناعي للتنبؤ بالتحديات قبل وقوعها واستشراف المستقبل. ولفت إلى أنه في خضم هذه النقاشات، يجب عدم التغافل عن الجوانب الأخلاقية التي يفترض أن تحكم تطور الحياة؛ لذا يجب على حكومات العالم أن تضع قوانين لتوفير الحماية من سوء الاستخدام. بدوره، اعتبر الدكتور عيسى البستكي رئيس جامعة دبي أن المعرفة بشكل عام هي استقاء واكتساب المعلومات في أي مكان وزمان، وإدراك الحقائق من خلال التجربة والفهم والتأمل، أما اليوم، فهي تكتسب معنى أكثر تحديداً يتعلق باكتساب العلوم الدقيقة كوسيلة لخلق وتسريع المعرفة لاحقاً. واعتبر أنه في السنوات السابقة على سبيل المثال، كانت تتم عملية نقل أو شراء التكنولوجيا من دون أن يرفقها نقل للمعرفة، وإنما تطبيق لما هو موجود، أما اليوم، ومن خلال تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي فإن الأمر يتطلب من كل فرد التدرّب واكتساب الخبرات في تفاصيل الجهاز للتمكّن من خلق المعرفة. وأبدى البستكي اقتناعاً تاماً بمساهمة الذكاء الاصطناعي في تعميق المعرفة وليس تسطيحها؛ لأنه قائم بالدرجة الأولى على ذكاء وخبرة الإنسان، وبالتالي لا يمكن المساهمة في الذكاء الاصطناعي، وتفعيله في مجتمعاتنا وأعمالنا من دون اكتساب عمق معرفي. وقال د. البستكي: بما أن الذكاء الاصطناعي ليس إدراكياً أو طبيعياً، فهو لغاية اليوم والمستقبل القريب لن يتعدى كونه نقل معرفة معينة من الإنسان إلى الآلة، إلا أن الخطورة تكمن في ما توقعه أحد العلماء، وهو أن يتحول الذكاء الاصطناعي إلى إدراكي في عام 2045، حينما ستتفوق الآلات على ذكاء الإنسان، ورأى أن من يؤمن بتلك النظرية يعتبر أن الذكاء الاصطناعي يساهم في تسطيح المعرفة، وهو ما لا يعترف به الدكتور البستكي. ولفت إلى أن الذكاء الاصطناعي اليوم يساعد الإنسان بالفعل في مهامه ليخرج بنتيجة أكثر دقة، فالشراكة بين خبرة الطبيب ودقة أجهزة الذكاء الاصطناعي تساهم في إجراء عمليات جراحية بنسبة خطأ تبلغ صفر في المئة. أما بالنسبة للإبداع الأدبي أو الفني أو الموسيقي، فأكد د. البستكي أن الذكاء الاصطناعي يسرّع من عملية الإبداع، من دون أن يقلل من قيمة المنتج الفني. من جهته، يؤمن الدكتور رياض المهيدب مدير جامعة زايد بنظرية نقل الخبرة بين المبدع وجهاز الذكاء الاصطناعي عبر وسيط، لإنجاز العمل الفني، وقال إن الفنان ليس مضطراً للغوص في علوم البرمجة للتمكّن من الاستفادة من الذكاء الاصطناعي في فنه أو أدبه، وإنما يمكنه الاستعانة بوسيط تقني، يضع في الآلة ما يملى عليه من خبرة ومعرفة محددة، ومن خلال الذكاء الاصطناعي يمكن بناء العديد من الأنظمة الإبداعية المختلفة لسدّ احتياجات الفنان أو الكاتب أو الموسيقي في مجال ما، ومساعدته على تسريع العمل من دون المساومة على النتيجة النهائية. واعتبر أنه من دون شك يمكن تدريب الآلة على إنجاز رسم إبداعي، أو كتابة نص أدبي، إلا أنها لا يمكن أن تتفوق على مبتكر العمل نفسه، وأن الأمر لا يتوقف على تنفيذ العمل من قبل الآلة، فعلى الفنان تقييم مخرجات الآلة، وإعادة تصحيح وبرمجة اللازم، للوصول إلى المستوى المطلوب، لافتاً إلى أن المسؤولية هنا تقع فقط على الفنان نفسه، وليس على الوسيط أو الآلة. ويتحدث العالم والفيلسوف غرادي بوش بحماسة كبيرة، تجاه ما يمكن أن يحققه الذكاء الاصطناعي في المرحلة المقبلة، حيث تغيرت جذرياً رؤيته لمفهوم الذكاء الاصطناعي مع مشاهدته فيلم رواية ستاني كوبورز «ملحمة الفضاء»، وتأثره بـ «هال 9000»، الذي يمثل حاسوباً واعياً مصمماً لقيادة سفينة استكشاف، مؤمناً أنه بالإمكان بناء نظام واعٍ يختلف عن بناء النظام التقليدي المعقد، ويكون مبني على التعلم لا البرمجة، مبيناً أن المسألة الفاصلة في إتمام التجربة هي القدرة على بناء أنظمة ذات اعتقادات أدبية وخُلقية، تحتاج إلى تعليمها الشعور بقيمنا، فمثلاً تعلم النظام قاعدة قانونية وبالوقت نفسه تمرر إحساس الرحمة والعدل المرتبط بهذا القانون. بالمقابل، يعلن عالم الأعصاب والفيلسوف سام هاريس، مسارات المخاوف من القدرات المليونية السريعة للذكاء الاصطناعي، في مواجهة من ابتكارها، مصنفاً فرضيات تعريفية للذكاء، ومنها أنها مسألة معالجة للمعلومات في الأنظمة الفيزيائية، أو أن الذكاء يمثل مصدر لكل شيء نقدره أو نحتاج إليه لحماية، ومنها بحسب الفيلسوف سام، يجب علينا حل مختلف الإشكاليات الاقتصادية والمناخية والسياسية والمجتمعية. ويتفق معه الفيلسوف غرادي بوش في هذا الاتجاه، وتحديداً مسألة «القلق» من نمو الآلة وجلبها لمشكلات يجب حلها من الآن. وبين العالم غرادي ما أشار إليه الفيلسوف «نيك بوستروم» بأن الخطورة تكمن في أن الأنظمة ستصبح متعطشة بشكل شديد للمعلومات، وستتعلم كيف أن تكون لها أهداف تخالف توجهات البشر، وهو نفسه ما أوضحته الكاتبة صالحة عبيد ضمن تساؤلاتها حول تطور الذكاء الاصطناعي. كما درس العالم الاجتماعي والتقني إياد رهوان محور القرارات الأخلاقية التي يجب أن تتخذها السيارات ذاتية القيادة، وهو محور لافت ومثير للانتباه، وذلك لما يشكله مفهوم «الأخلاق» سؤالاً عميقاً في مجال الذكاء الاصطناعي، حيث أوضح بعد إجرائهم استقصاء يحتمل فلسفتين هما من الفيلسوف جيرمي بينتام النابعة من الأخلاقيات النفعية، والفيلسوف إيمانويل كانت المبنية على مبادئ الواجب الملزم، الأول: يؤيد تقليل الضرر مهما كانت النتائج، الثاني: لا تتخذ أية خطوة تسبب بها ضرر مقصود للفرد. في كل الحالتين كان للناس آراء مختلفة أسماه العالم إياد «مقايضات» على الطريق، مضيفاً أنه طالما هناك وجهات نظر مختلفة، فإنه يجب علينا أن نستند على استقصاء يشمل المجتمع، نقر على أساسه قانون يعكس قيمهم. قدمت العالمة الاجتماعية والتقنية زينب توفيكسي، تفاصيل أكثر عن أسلوب «تعلم الآلة»، الذي لمح حوله العالم غرادي بوش، حيث إنه يشغل الآن المجتمعات العلمية بشكل أساسي؛ لأن التحدي يقف عند حدود مفهوم «التعلم»، موضحة العالمة زينب أنه يختلف عن البرمجة التقليدية، من ناحية القدرة «الاحتمالية المتعددة» لدى النظام، فهو لا يقدم إجابات منطقية محددة، بل يوسع الخيارات. الذكاء الاصطناعي.. والإبداع سألت الكاتبة الإماراتية صالحة عبيد، عن إمكانية حدوث «الشك» في المتخيل حول مدى القدرة الإبداعية للذكاء الاصطناعي، خاصة أن الإبداع، بحسب تعبيرها يولد من منطقة شك، والآلة بطبيعتها تنتج من فضاء يقيني، وهل يمكن تصنيف ما ينتجه اليقين إبداعاً بالضرورة، الكاتبة صالحة عبيد نموذج لمبدعة إماراتية محملة بالقلق والمخاوف المربكة لمسألة التفاعلات الإنسانية ومصيرها أمام تطور الذكاء الاصطناعي، رغم استشعارها لما قدمته التكنولوجيا على مستوى الهواتف الذكية، وتراتيب الأوامر في أجهزة الحوسبة المتطورة، ولكنها تتساءل عن مسألة «التحكم» و«خروج الأمور عن السيطرة»، كإحدى مخرجات التنامي البدهي للذكاء الاصطناعي، بعد أن يمتلك حس «الإدراك» الحر بنفسه، ويستوعب أدوات الشك، ما يحوله من مشروع تكاملي إلى مشروع تنافسي.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©