الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«دون كيشوت» يحارب المدينة

«دون كيشوت» يحارب المدينة
27 يوليو 2011 19:28
سبات جاوز الثلاث سنوات لثلاثي الإبداع أسامة، مروان وغدي الرحباني. فبعد مسرحيات “الانقلاب” و”المتنبي” و”قام في اليوم الثالث”، ها هم يقدمون جديدهم مسرحية “دون كيشوت” المقتبسة عن قصة الكاتب الإسباني سرفانتس، إحدى الشخصيات الأدبية العالمية المهمة. دون كيشوت هو الإنسان الذي يريد محاربة أهل الشر، ويرغب بإعادة الشهامة والفروسية وزمن الأبطال، في حين يذهب المجتمع في اتجاه آخر.. كل ذلك في سبيل الهدف الأسمى وهو الحب المطلق لدولسينيا. من كثرة قراءاته أصيب دون كيشوت بنشاف في الدماغ، وراح يفكر بالفروسية والنبالة والفارس الجوال. والفارس الجوال هو ظاهرة أوروبية بدأت منذ أواخر القرن التاسع وحتى سنة 1300 تقريباً، ومن بعدها لم يعد له وجود. والفرسان الجوالون وكما هو معروف كانوا أشخاصاً يطوفون في العالم يناصرون المحروم والمظلوم ضد الشر. كذلك هم يحمون الطهارة والعذارى، ومقابل ما يقومون به كانوا يتلقون طعاماً فقط بدل المال. فكانت كتابة سرفانتس نقداً للمجتمع الإسباني. قدم الثلاثي الرحباني جديدهم مبرزين باعهم الطويل في التخطيط والتنظيم... فهم مسؤولون عن أعمالهم، وحين عزموا وقرروا جاءت مسرحيتهم الاستعراضية “دون كيشوت”، لكي تسجل علامتها البارزة في المسرح الاستعراضي في لبنان والعالم العربي. إنتاج مشترك بين لجنة مهرجانات بيبلوس والثلاثي الرحباني، في عمل ضخم جداً فكرة، نصاً، شعراً وموسيقى. كذلك في الإخراج والمشهدية. في هذا العمل عكس الثلاثي الرحباني ما تعلموه من الغائب الحاضر والدهم منصور، والكل حريص على هذه الأصول. أراد الرحبانيون في “دون كيشوت” محاربة الفساد في المدينة والمجتمع والأنظمة. دون كيشوت يحارب مدينة ملأى بالطواحين وليس فقط الطواحين، وكذلك هذا المجتمع الهارب نحو مكان غير صحيح والعاجز عن العودة إلى مكانه ومكانته. “دون كيشوت” كتابة وشعر ونص غدي، الموسيقى والفكرة والرؤية والإنتاج لأسامة، والإخراج لمروان، وفيها نخبة من الفنانيين منهم: الفنانة هبة طوجي، حاملة دور البطولة من خلال شخصية دولسينيا والممثلين كالقدير رفيق علي أحمد في تجسيد شخصية دون كيشوت، وصاحب الدور الكوميدي الممثل بيار شماسيان بالإضافة إلى عشرات الممثلين والراقصين، الذين يزهون ويغلون، أما المشاهدون فهم قدماء ومن جيل جديد من شباب لبنان وغيرهم. حتى لبنان كان مشاهداً وراقصاً على المسرح... والضيوف انتشوا فساحوا... مسرحية “دون كيشوت” ايقظت من خدرها الحفلات والعروض المسرحية... والمساحة فرقة على مدى الوطن. سمعنا ورأينا فاستغرقنا بلا سمع ولا نظر... لوحات غنائية استعراضية راقصة، وألوان تسبح في الأنوار... فوق مسرح، يهيم في البصر... في حضور وزير التربية والتعليم العالي حسان دياب ممثلا رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، ووزير الداخلية والبلديات العميد مروان شربل وعقيلته ليندا، ووزير السياحة فادي عبود، والنائب عباس هاشم والوزراء السابقين ليلى الصلح حمادة، ريمون عودة، طارق متري، سليم وردة، وخالد قباني، ورئيس حزب السلام اللبناني المحامي روجيه اده، وقائمقام جبيل بالتكليف حبيب كيروز، ورئيس بلدية جبيل زياد الحواط، وأعضاء المجلس البلدي، ورئيس المجلس الثقافي في بلاد جبيل الدكتور نوفل نوفل، وحشد من الفاعليات السياسية والاجتماعية والفكرية والإعلامية والثقافية. بيبلوس عرس الزمان... القلعة الكبيرة هي خلفية المسرح بما فيها من معبد فينيقي وكنيسة وجامع وأنطش. وقلعة جبيل بجمالها تحولت لحضن يغمر هذا المسرح من الخلف، فهو محيط مسرحي جميل جداً، حيث يأتي الشاطئ من اليمين مع كل الموج والرياح، ومن الأمام يعلو القمر فوق المكان. والإنارة أقمار متوارية باتجاه البحر كغروب الشمس، لا أثر إلا للضؤ... والخيالات شهود الحال. المهرجان مسرح لكل شيء، للتمثيل والعطاء، للرقص والغناء... كما العادة مع الرحابنة، مواضيع الأمر الواقع ليوقظوا التاريخ، وينعشوا الذاكرة، ومشاهد ملء البصر، تطفو فوق حدود إدراك الحواس... فبإطلالة الرحابنة أطل لبنان على المسرح... رقص وغنى وأبدع... طرب المشاهد فأعطى التصفيق الصادح، وآهات العجب... لبيبلوس ليالي النجوم، ومجد الجمال.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©