السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العبْدُ حرٌّ ما قنِعْ

23 أكتوبر 2010 20:35
شعورنا بالقناعة في كل أمور حياتنا يخلق التوازن والثقة بالنفس ويدفعنا إلى عدم النظر بما لدى الآخرين بعين المقت والحسد والنقمة عليهم، لمجرد أنهم قد أوتوا من المال أو الجاه أو غيره نصيباً أكبر منا، وعندما يقنع كل إنسان بما قُسم له من رزق تطمئن نفسه وتشعر بالرضا، وتسمو لتحب الخير للآخرين.. يكاد يكون الصبر من أعظم صفات الإنسان، إلا أن القناعة، لا تقل عنه، فالرضا والقناعة رأس المحبة، كما قال عبد الواحد بن يزيد الذي قيل له: متى يكون العبد راضياً عن ربه؟ قال: إذا سرّته المصيبة كما تسرّه النعمة. وقال الكندي: العــــــبْدُ حــــرٌّ ما قنِــــــــــــعْ والحــــر عـــــبدٌ ما طَمِـــــــــــعْ وقال بشر بن الحرث: خرج فتى في طلب الرزق، فبينما هو يمشي فأعيا، فآوى إلى خراب يستريح فيه، فبينما هو يدير بصره إذ وقعت عيناه على أسطر مكتوبة على حائط، فتأملها فإذا هي: إني رأيتــك قاعـــداً مســــتقبلي فعلمـتُ أنـــك للهمـــوم قريــــنُ هوّن عليك وكن بربــك واثقـــــاً فأخــو التـــوكّل شـأنه التهويــنُ طــرح الأذى عن نفســه في رزقه لمـــا تيقـــــن أنــــه مضمــــونُ قال: فرجع الفتى إلى بيته ولزم التوكّل وقال: اللهم أدبنا أنت. وقال صلى الله عليه وسلم: القناعة مال لا ينفد. وقال أبو دلف العجلي: حججتُ فرأيت أبا العتاهية واقفاً على أعرابي في ظل مَيْل، وعليه شَمْلة إذا غطى بها رأسه بدتْ رجلاه، وإذا غطى رجليه بدا رأسه، فقال أبو العتاهية: يا هذا لولا أن الله أقنع بعض بشر البلاد، ما وِسَع خيرُ البلاد جميع العباد، ثم قال له: من أين معاشكم، فقال: منكم معشر الحجاج، تمرون بنا فننال من فضولكم، وتنصرفون فيكون ذلك، فقال له: إنما نمرّ وننصرف في وقت من السنة فمن أين معاشكم، فأطرق الأعرابي ثم قال: لا والله لا أدري ما أقول إلا أنا نرزق من حيث لا نحتسب أكثر مما نرزق من حيث نحتسب، فولى أبو العتاهية وهو يقول: ألا يا طــالــــــبَ الـدنيـــــــــــا دعِ الدنــيـــــــا لـشــــــانيـــكا! وما تصــــنــــــعُ بالـــدنيــــــــا وظـــلُّ الميــــــــلِ يكفيكـــــــا؟ والقناعة لغة أصلان أحدهما يدل على الإقبال على الشيء، ثمَّ تَختلفُ معانيه مع اتِّفاق القياس؛ والآخَر يدلُّ على استدارة في شيء. فالأول الإقناع: الإقبال بالوجه على الشَّيء. يقال: أقْنَعَ لهُ يُقنِع إقناعاً. والإقناع: مَدُّ اليدِ عند الدُّعاء. وسمِّي بذلك عند إقباله على الجهة التي يمدُّ يدَه إليها. والإقناع: إمالة الإناء للماء المنحدِر. ومن الباب: قَنَع الرَّجُل يَقْنَعُ قُنوعاً، إذا سَألَ..قال الله سبحانه: (وَأَطْعِمُوا القَانِعَ والمُعْتَر) «الحج - الآية 36». فالقانع: السَّائل؛ وسمِّي قانعاً لإقبالهِ على مَنْ يسألُه، قال: لَمَالُ المــرءِ يُصلِحُـــــه فيُغنِــــي مفاقـــِرَه أعــــفُّ من القُنـــوعِ ويقولون: قَنِعَ قَنَاعةً، إذا رَضِيَ، وسمِّيتْ قناعةً لأنَّهُ يُقْبِلُ على الشَّيء الذي لهُ راضياً.. وفلانٌ شاهدٌ مَقْنَعٌ؛ وهذا من قَنِعْتُ بالشَّيء، إذا رَضِيتَ به؛ وجمعه مَقَانع. تقول: إنه رضَىً يُقْنَع به. وأما الآخر فالقِنع، وهو مستديرٌ من الرَّمل. والقِنْع والقِنَاع: شِبْهُ طَبَقٍ تُهدَى عليه الهديَّة. وقِناعُ المرأة معروفٌ، لأنَّها تُدِيرهُ برأسها. الشافعي: رأيــت القناعـــــة رأس الغنــــى فصــرت بأذيالهـــــا متمســـــك فـلا ذا يرانــــي علـــى بابــــــــه ولا ذا يرانــي بـــــــه منهمـــــك فصـــــــرت غنيـــاً بلا درهـــــم أمر علـــى النــاس شــــبه الملك بالفصيح: ليس المنْحُ دائماً نعمة، فقد يكون نقمة، وليس المنعُ دائماً نقمة فقد يكون نعمة. إسماعيل ديب
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©