الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

شعرية الخروج من عبء الأمة الواحدة

شعرية الخروج من عبء الأمة الواحدة
13 أغسطس 2014 00:25
صدر مؤخرا في تونس، الترجمة العربية لديوان «من صف ناطحات السحاب» للشاعرة الكرواتية المعروفة لانا ديركاك، بترجمة الناقد والأكاديمي المغربي الدكتور بنعيسى بوحمالة. ولانا ديركاك، اسم شعري بارز في الشعر الكرواتي، وغير معروفة عند العرب. والشعر الكرواتي، الذي تنتمي إليه الشاعرة، ينضوي تلقائيا، في مسار الشعر الأوروبي المأخوذ بجهامة الخراب الذّريع الذي خلّفته كارثة الحرب العالمية الثانية، وهو ما يتجلى في النصوص التي آوتها لزمن لا يُستهان به مجلة «حلقات»، خلال الخمسينيّات، والتي ستحمل توقيع كلّ من الشعراء، سلافكو ميهاليك، إيفان سلامنينغ، أنتان سوليجان، جوزيب بّوبّاسيك، نيقولا ميليسيفيك، ميليفوج سلافيسيك، غوتوفاك فلادو؛ والشاعرة فيسنا كرمبّوتيك. يقول بوحمالة «ولدت الشاعرة لانا يوم يوم 22 يونيو 1969 ببّوزيغا، وتابعت دراستها بكلية الفلسفة التّابعة لجامعة زغرب. تكتب الشعر والمسرح والقصة القصيرة وقد نشرت نصوصها في عدد كبير من الجرائد والدّوريات والأنطولوجيات الكرواتية والعالمية، كما نشرت لها قصائد في «بابل الشعرية» (مشروع منظّمة اليونيسكو بروما) وفي «قصائد فوق دوبروفنيك تحت المطر» (المشروع الشعري المشترك بين كرواتيا والشّيلي). شاركت في الكثير من الملتقيات الأدبية، محلّيا ودوليّا، منها المهرجان العالمي للشعر بزغرب، والمهرجان العالمي لكورتيا دي أرغيس ضمن أمسيات الشعر برومانيا، وأمسيات الشعر بشتروغا (مقدونيا)، والمهرجان العالمي للشعر بكوالالمبّور (ماليزيا)، ومهرجان كريتيا الشعري (الهند)، والأنشطة الشعرية لمعرض وادي الحجارة الدّولي للكتاب (المكسيك)، والمهرجان العالمي للشعر بلوبيانا (سلوفينيا). وقد ترجمت أشعار لانا ديركاك إلى ما يناهز أربع عشرة لغة وحازت، جزاء جهدها الإبداعي المثابر، على جائزتي «زدرافكو بّوكاك» و»دوهوفنو هراس» الشعريّتين. وأصدرت سبعة دواوين شعرية هي: «صليب بجانب الطّريق» (فانكوفسكي 1995)، «ملجأ مضاء» (زغرب 1996)، «حوّاء عبر صندوق البريد» (زغرب 1997)، «صندوق حديدي من أجل الظّل» (كارلوفاك 1999)، «الغابة ترسل إلينا شجرة عبر البريد الإلكتروني» (زغرب 2004)، «حفل عري الصّمت» (زغرب 2006)، «من صفّ ناطحات السّحاب؟» (زغرب 2006). كما صدر لها، بالتّعاون مع زوجها الشاعر دافور سالات، ديوان مشترك موسوم بـ»همس فوق الإسفلت» (وادي الحجارة، المكسيك 2006)، وكتابان يضمّان مختارات شعرية، الأوّل بالاشتراك دائما مع زوجها ويحمل عنوان «القاهرة في زغرب» (زغرب 2006) وفيه مختارات شعرية من القصائد التي ألقيت بالمهرجان العالمي للشعر بزغرب، أمّا الثاني فبالاشتراك مع الشاعر الهندي تاشوم بّوبيل راجيفان وعنوانه «الكلمة الثالثة» (كلكوتا، الهند 2007) يمثّل للحساسيّة الشعريّة لما بعد الحقبة الاشتراكيّة. وسيظهر لها، بالموازاة من إصداراتها الشعرية، كتاب يجمع مسرحيات قصيرة (زغرب 2006) ومجموعتان قصصيّتان هما «لننصت إلى الملائكة» (زغرب 2003) و»راية الغبار» (زغرب 2009). ويرى بوحمالة ان الشاعرة لانا ديركاك «بحكم تربيّتها الشعرية المابعد حداثية تحسّ نفسها معفاة، إن رمزيا أو كتابيا، شأنها شأن مجايليها، ممّن طوّعوا، وطوّروا في آن معا، منجزات قصيدة النثر الكرواتية والغربية، من عبء أمّة يوغوسلافية واحدة. هكذا، وبقدر ما كان الرّعيل السابق العملاق في الشعريّة اليوغوسلافية، كالبوسني عزّت سراييج والسلوفيني دوبريزا سيزاريك والكرواتي سلافكو ميخايليك؛ يعتبر التزامه الشعري بيوغوسلافيا واحدة، متعالية، فوق التزامه بإقليمه الأصلي وشؤونه المتضائلة فإن الفاعلين الجدد في الجمهوريات الوليدة يكادون يتمثّلون زمن الوحدة السياسية والثقافية بوصفه ذكرى عرضيّة وفاترة». ويعتبر أن جملتها الشعرية في هذا العمل تبدو، من حيث سجلّها المعجمي، «لصيقة، أو تكاد، بالرّباعية الفلسفية الهيراكليتيّة: الماء، الهواء، التراب، النّار، بحيث تستميل مخيّلتها مكنون هذه العناصر وإشاريّتها في ابتناء العالم الشعري الذي تقترحه: بدئيّا، صميما، طازجا، ضدّا على نوازع الاستحداث والعنف والتّدمير التي لا تسفر سوى عن وجود هشّ على مهاد كوني أكثر هشاشة، لذا ليس من المستغرب ملاحظة الاشتغال الحثيث في القصائد لمفردات الماء، الهواء، التراب، النّار، ولقرائنها أو إبدالاتها، كالمطر والثلج والضباب والبحر وبحر الأدرياتيك والمحيط الأطلسي والمحيط الهادي والمحيط الهندي. . السّحاب والرّيح والإعصار. . الغبار والرّمل والصحراء. . الشمس والنّور والقنديل. . وإذ نقف على أنا شعرية مرتّجة، قلقة، ترتحل، مكّوكيا، بين زمن لاهوتي (الملائكة والقدّيسون) وميثولوجي بامتياز (ديونيزوس، أبّولو، تيزيه، هاديس، أفروديت، بّينيلوب. . توت عنخ آمون، الأهرامات، المسلاّت) وزمن راهن تحيل عليه فضاءات متعيّنة (كرواتيا، البوسنة، بودابّيست، شتروغا، باريس، ميكسيكوسيتي، وادي الحجارة، كوالالمبّور، ميلاكا، الهند، بّولينيزيا. . ) وما لا يحصى من مشخّصات الحياة الحديثة ورمزيّاتها، تستدرج إلى مدار ارتجاجها وقلقها الخلاّقين ذوات وحيوات ومحكيات، ضمن عامليّة ضمائرية تتبادل، وأحيانا تلتبس، معها الأدوار التّلفظية لتستقيم أمام القراءة مشهديّات وتوضّعات طافحة مفارقيّة، إن لم نقل فانتازية تغريبيّة . ان شعر الشاعرة لانا ديركاك، برأي بوحمالة، «نموذج تمثيلي لما يختلج من أصوات وخبرات في شعر كرواتيا، البلد المتوسّطي الأصيل، وليس هناك، فيما نرى، أفضل من وازع هذا الانتساب في التحفيز على استكشافه، الإفادة منه، الاستمتاع به، وقياس ذبذبته ترجيحا، من يدري، لقرابة رمزية تبقى واردة، بقوّة الجوار، بينه وبين جانب من الشعر العربي المعاصر. . أفليس البحر الأبيض المتوسط، في النهاية، فضاء لمتخيّل مشترك قد تتباين أوجه تصريفه بين الضّفتين لكنّه يظلّ، من حيث الجوهر، واحدا».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©