الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الاختيار (4)

23 أكتوبر 2010 20:23
استكمالاً لموضوع الاختيار والذي أخذ معنا عدة لقاءات لما فيه من أهمية وتوعية ذاتية لمن يسيء فهم هذا الأمر ويضع نفسه على هامش مجريات الحياة محدثاً خللاً في الفطرة الإنسانية المتكيفة بأصلها مع الطبيعة. فكلنا نعرف أناساً في حياتنا وضعوا في مواقف وظروف معينة واختاروا أن يجعلوا منها حالة تحد مليئة بالإصرار والعزيمة وفي الآخر نجحوا وأصبحوا أفضل مما كنا نتوقع لهم. وهناك من الناس من يقول بأن الظروف اضطرتهم لأن يتركوا الدراسة للعمل وتحمل مسؤولية أهاليهم لأسباب ما، أقول لهم: «إننا نعرف المئات بل الآلاف من أمثالكم وفي ظروفٍ وأوضاعٍ شبيهة بحالاتكم ومع ذلك أكملوا دراستهم، فمنهم من أكمل المرحلة الثانوية وهم في سن الستين والسبعين من العمر». وهناك من ابتلاهم المولى عز وجل بإعاقة معينة، فمنهم من اختار لنفسه أن يبقى حبيس تلك الإعاقة ومنهم من تحدى واختار أن يكون مثل الأسوياء بل ويفوقهم في النجاح والتميز والإبداع وتحقيق الكثير من الإنجازات التي لم يقدر على تحقيقها الأصحاء. هذه قصة جميلة جداً تجسد معنى الاختيار من ناحية أخرى في مسألة ليس فيها مزاح، مسألة تفوق الإنجازات المادية، مسألة تتعلق «بالموت والحياة». ففي إحدى الدول الأجنبية هناك بحيرة يذهب إليها الناس، منهم من يسبح ومنهم من يغسل الملابس وغيرها، ويوجد في هذه البحيرة تماسيح وقد التهمت الكثير من الفتيان، وذات يوم ذهبت فتاة لتلك البحيرة لعمل ما وبينما هي في غفلتها إذ بتمساح يهجم عليها ويطبق فكيه على جسدها أمام أعين الناس الذين تجمعوا ولم يقدروا على فعل شيء أمام هذا المشهد المؤلم المخيف. تقول هذه الفتاة للصحافة التي اندهشت مما حدث: «وأنا بين فكي التمساح، فكرت في الموت وفجأة قلت لنفسي «إما أن أكون أو لا أكون» فاخترت أن أكون فأخذت بكل قوتي أقاوم فكي التمساح وأتجه ناحية عينه وأعضها بأسناني فقذفني بقوة وانصرف، وهكذا بقيت على قيد الحياة، لأنني اخترت الحياة على الموت في فم التمساح». إن اليابان بعد خروجها من الحرب العالمية الثانية اختارت أن تبني نفسها وأن تكون من الدول المتقدمة في مجال الصناعة والتكنولوجيا فركزت على الهدف بقوة وعزيمة فكان لها ذلك بتوفيق من الله، وهناك غيرها الكثير من الدول ومن الشركات العالمية تقدمت وتميزت وأبدعت وبرزت حين اختارت التحدي والاستمرارية عوضاً عن البكاء والتذمر والإحساس بالألم دون فائدة تذكر. فالحياة تتطلب منا أن نأخذ من كل موقف نمر به ما يظهر لنا ويشعرنا بأننا دائماً نختار ما يجعلنا سعداء وراضين وقادرين على التكيف مع الأوضاع بإيجابية. د. عبداللطيف العزعزي dralazazi@yahoo.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©