الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

التسامح يخمد نار الانتقام ويجلب السعادة

التسامح يخمد نار الانتقام ويجلب السعادة
23 أكتوبر 2010 20:21
قال الإمام الشافعي: «لما عفوت ولم أحقد على أحدِ.. أرحت نفسي من هم العداوات» وقيل أيضا «التسامح زينة الفاضل»، وقال جواهر لال نهرو»: «النفوس الكبيرة وحدها تعرف كيف تسامح». كلها أقوال عن التسامح ترقى بها النفس وتتسامى عن درن الدنيا وموحلات الحياة، ويصعب التنظير وتقديم النصح في هذا المجال، لكن تظل هناك فجوات لتقبل آراء المختصين الذين يخاطبون القلب والعقل في آن واحد لينفذ الحديث إلى دواخل الناس ومن ثم يتغير ما بهم، وتسمو أنفسهم. هذا ما يحاول محمد محي الدين جانو، خبير التطوير والتدريب واستشاري التنمية البشرية أن يفسره في هذه السطور. يستهل جانو كلامه بهذا القول: التسامح بين البشر علاج للظالم والمظلوم على السواء، وعدم الاحتراق بنار الانتقام والتشفي، والراحة النفسية والنجاح لمن يتخلى عن شهوة الانتقام ويتفرغ لبناء حياته ونجاحه على جميع المستويات، ويضيف: لا أرى علاجا شافيا لدولنا العربية ولأمتنا الإسلامية، بل للبشرية جميعا أفضل وأنجع من هذا الدواء، حيث أنني أعتقد أن تخلفنا التكنولوجي وتراجعنا الاقتصادي وفي كل المجالات يرجع في المقام الأول إلى كثرة الخلافات والعداوات والثأرات بين أفراد أمتنا ومؤسساتها على السواء، وأرى أننا لو تسامحنا ونبذنا خلافاتنا وثأراتنا وتفرغنا للاجتهاد والعمل في ظلال التعاون والتكاتف، ليسر الله لنا حل كثير من مشكلاتنا، ولقضينا على أسباب التخلف والتراجع والهزيمة، ثم إننا لو نجحنا في ذلك لسمع العالم لنا صوتا عاليا ينادي بالإصلاح الكوني والتعاون على حل المشاكل الكبرى، من نزاعات سياسية إلى مشكلات بيئية إلى كوارث طبيعية إلى آخره، والتسامح بشكل عام يطهر النفس من كل الشوائب ويرفعها درجات عالية من السمو ويمنحها الأمان. التسامح لغة يسر يعرف جانو التسامح فيقول: التسامح هو أن ننسى الماضي الأليم بكامل إرادتنا، التسامح لغة يعني تساهلوا وهو مأخوذ من السماحة وهي المساهلة و تسامحوا أي تساهلوا، أما التسامح اصطلاحا: التساهل و الابتعاد عن التضييق والشدة، إنه القرار بألا نعاني أكثر من ذلك، وأن تعالج قلبك وروحك، وأنه الاختيار، وألا تجد قيمة للكره أو الغضب وإنه التخلي عن الرغبة في إيذاء الآخرين بسبب شيء قد حدث في الماضي، وإنه الرغبة في أن نفتح أعيننا على مزايا الآخرين بدلا من أن نحاكمهم أو ندينهم. فضل التسامح يضيف جانو: التسامح هو أن نشعر بالتعاطف والرحمة والحنان ونحمل كل ذلك في قلوبنا مهما كان العالم من حولنا مختلف ومظلم، والتسامح هو أن تكون مفتوح القلب، وأن لا تشعر بالغضب والمشاعر السلبية من الشخص الذي أمامك، والتسامح هو الشعور بالسلام الداخلي، التسامح نصف السعادة، التسامح أن تطلب من الله السماح والمغفرة، التسامح أن تسامح والديك وأبناءك والآخرين، التسامح ليس سهلا لكن من يصل إليه يسعد، التسامح هو طلب السماح من نفسك والآخرين، التسامح ليس فقط من أجل الآخرين، ولكن من أجل أنفسنا، وللتخلص من الأخطاء التي قمنا بها والإحساس بالخزي والذنب الذي لازلنا نحتفظ به داخلنا.. التسامح في معناه العميق هو أن نسامح أنفسنا. معركة التسامح يتحدث جانو عن أسباب تمنع التسامح ويقول: لا يوجد سبب كبير يمنع الناس من «التسامح» مثل خوفهم من أن يفسر تسامحهم بأنه «ضعف» وإذا اتفقنا على ذلك، فإن أهم وسيلة لإشاعة استخدام التسامح بين الناس، هو إقناعهم بأن: التسامح قوة، وليس ضعفًا، ويتساءل إذن كيف يكون التسامح قوة؟ ويجيب: هذه هي العقدة التي يمكن أن نسوّق بها التسامح، فعندما ندرك أن التسامح أشد إيلاماً وأثقل على النفس والعقل، وأننا في دخولنا معركة التسامح أقوى وأشد وأجبر وأشجع من دخولنا معركة الانتقام. ثقافة التسامح التسامح ثقافة ومشروع حضاري يقول عنه جانو: يقوم التسامح على بث الوعي بضرورة التسامح مع أنفسنا ومع الآخرين والمصالحة مع البشر تحت مظلة الاحترام وتبادل المصالح مع المحافظة على ديننا وقيمنا، وفي ظل الحديث عن ثقافة التسامح فإننا أحوج إلى أن نقدم للعالم دعوة سلام وخطابا تصالحيا حيث ان رسالة الإسلام رسالة رحمة وحب وتسامح، فلماذا نحولها غلظة وفظاظة وتهديد ووعيد؟ فالتسامح هو أن تكون مفتوح القلب، وأن لا تشعر بالغضب والمشاعر السلبية من الشخص الذي أمامك، التسامح هو الشعور بالسلام الداخلي، والسماح لنفسك بالخطأ والتعلم منه ثم تتغلب على نفسك. أقوى علاج يضيف جانو: التسامح هو أقوى علاج على الإطلاق، والقرار بعدم التسامح هو قرار المعاناة، لكي أصبح سعيدا فما علي إلا أن أتخلى عن إصدار الأحكام، وقوة الحب والتسامح في حياتنا والصفح عن الآخرين هو أول خطوة نحو الصفح عن أنفسنا، إما أن تسامح تماما أو لا تسامح على الإطلاق، التسامح هو أن ترى نور الله في كل من حولك مهما يكون سلوكهم معك، إنه من الأيسر أن نتسامح عندما نتخلى عن اعتقادنا بأننا ضحايا، ويخلق التسامح عالما نمنح فيه حبنا لأي إنسان، التسامح هو أقصر طريق إلى الله، التسامح هو الممحاة التي تزيل آثار الماضي المؤلم، التسامح يجعل عبء الحياة أقل ثقلا مما هو عليه، كم من الوقت نستغرقه في التسامح إن ذلك يتوقف على معتقداتك ولو كنت تعتقد أن ذلك لن يحدث أبدا فإنه لن يحدث أبدا، ويؤكد جانو: إذا كنت تعتقد أن الأمر سيستغرق ستة أشهر فستستغرق ستة أشهر، وإذا كنت تعتقد أن ذلك لن يستغرق ثانية فإنه لن يستغرق أكثر من ذلك، وتأكد أن التسامح مهم لك قبل غيرك، ويضيف لك قبل أن يضيف للآخرين. بريق الكلمات ? يحكى أن امرأة زارت صديقة لها تجيد الطبخ لتتعلم منها سر «طبخة السمك»، وأثناء ذلك لاحظت أنها تقطع رأس السمكة وذيلها قبل قليها بالزيت، فسألتها عن السر، فأجابتها بأنها لا تعلم، ولكنها تعلمت ذلك من والدتها، فقامت واتصلت على والدتها لتسألها عن السر، لكن الأم أيضا قالت إنها تعلمت ذلك من أمها، فقامت واتصلت بالجدة لتعرف السر، فقالت الجدة: لأن مقلاتي كانت صغيرة والسمكة كبيرة عليها. هكذا تتوارث بعض السلوكيات ويعظمها البعض دون أن يسأل عن سبب حدوثها. ? وقف رجل يشاهد فراشة تحاول الخروج من شرنقتها، وكانت تصارع للخروج ثم توقفت فجأة، وكأنها تعبت، فأشفق عليها الرجل فقص غشاء الشرنقة قليلا ليساعدها على الخروج، خرجت الفراشة، لكنها سقطت، لأنها كانت ضعيفة لا تستطيع الطيران كونه أخرجها قبل أن يكتمل نمو أجنحتها، فالصعاب تدل على الطريق وتعلم طريقة تجاوز صعاب الحياة. ? ذهب أحدهم إلى موقع إنشاءات وسأل العمال عن سبب تكسير الحجارة، فأجاب الأول: أكسر الحجارة كما طلب رئيسي. ثم سأل الثاني نفس السؤال فأجاب: أقص الحجارة بأشكال جميلة ومتناسقة، أما الثالث أجاب: ألا ترى بنفسك، أنا أبني ناطحة سحاب. الثلاثة كانوا يؤدون نفس العمل، إلا أن الأول رأى نفسه عبدا، والثاني فنانا، والثالث صاحب طموح وريادة، العبارات تصنع الإنجازات، والنظرة للنفس تحدد الطريق في الحياة هكذا قالوا ويقال دائما إن القصص تحمل رسائل وعبراً لمن يتعبر.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©