الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«قرى الأطفال» تمنح الأيتام ملاذاَ آمناً والنساء شعوراً بالأمومة

«قرى الأطفال» تمنح الأيتام ملاذاَ آمناً والنساء شعوراً بالأمومة
23 أكتوبر 2010 20:15
قرى الأطفال تمنح النساء اللاتي حرمن من كلمة “أمي” فرصة للاستمتاع بشعور الأمومة وسماع هذه الكلمة والعيش بين أحضان مجموعة من الأطفال المتخلى عنهم داخل بيت مجهز وخاص بهم. وتحظى مهنة “أمهات في قرية الأطفال المسعفين” بإقبال كبير من قبل الأرامل والمطلقات اللاتي يعشن ظروفا صعبة بسبب الفقر والتفكك العائلي وعدم الإنجاب. إذا كان حلم الأمومة هو الدافع الرئيسي وراء إقبال النساء على العمل في قرى الأطفال، فإن الفتيات العازبات يجذبهن شيء آخر للعمل في هذه المؤسسات ألا وهو الحضن العائلي والاستقرار الاجتماعي والشعور بالأمان، وقد ساهم تأخر سن الزواج، وضعف التكافل الاجتماعي في إقبال الفتيات على هذه القرى بحثا عن عمل أو بالأحرى عن “بيت وأطفال”. شروط الانضمام تشترط قرى الأطفال على الفتيات والنساء اللاتي يلعبن دور “الأمهات البديلات” جملة من الشروط حتى يتم اختيار الأم الأنسب لوضعية الأطفال، أهمها أن تكون الأم غير ملتزمة بأي ارتباط عائلي كزواج أو خطبة، وأن يتراوح عمرها بين 30 و 40 سنة حين تتقدم للوظيفة، وأن تتمتع بصحة جيدة، وأن تكون حاصلة على مستوى تعليمي لا يقل عن الثانوية العامة حتى تستطيع مساعدة الأطفال في إنجاز واجباتهم المدرسية، كما تشترط إدارة هذه القرى على الأم أن تتمتع بخبرة شخصية أو عملية في مجال تربية الأطفال والمراهقين، وأن تكون ذات شخصية متوازنة وقادرة على ربط العلاقات الإنسانية والتعايش داخل الجماعة. وتقوم فكرة هذا البناء الاجتماعي على نظرية “الأم البديلة” حيث تعتني كل أم بمجموعة من الأطفال في بيت مستقل داخل القرية، بإشراف مربين يساعدون الأمهات في حل مشاكل الأطفال، وتنظيم رحلات وأنشطة رياضية وترفيهية لهم، إضافة إلى مساعدين يعلمون المراهقين والأمهات الأنشطة اليدوية والحرف في أوقات فراغهم، ويقوم مدير القرية بدور “الأب” لجميع الأطفال وتقع على كاهله مسؤولية توافق وانسجام الأطفال والأمهات والمربين والمساعدين. حياة كريمة تستقبل “قرى الأطفال” الأيتام وفاقدي العائل والمتخلى عنهم الذين يتوافد على القرية من قبل المستشفيات ودور الأيتام لكن وفق شروط معينة أهمها أن ألا يتجاوز عمر الطفل 6 سنوات وذلك لكي يتم تأهيله قبل أن يلج المدرسة، كما يشترط في الطفل أن يكون متخلى عنه وألا يكون له أي شخص أو جهة قد تتكفل به. وتوفر القرية الشروط المناسبة لرعاية الأطفال ومساعدة الأمهات على التأقلم مع وضعهن الجديد نفسيا واجتماعيا، حيث يقيم الأطفال في بيوت مستقلة مع أمهم البديلة، وتتكفل كل أم بـ 6 إلى 10 أطفال من مراحل عمرية متفاوتة من رضع وأطفال ومراهقين، يشكلون عائلة ويقيمون في كنفها بصفة دائمة خلال مرحلة التعليم الأولي والإعدادي، وحين بلوغهم المستوى الثانوي يغادر الأطفال القرية نحو بيت الطالب ودور الداخليات الموجودة في المؤسسات التعليمية، ويستقلون بحياتهم بعد الثانوية العامة لكنهم يحتفظون بعلاقة قوية بأمهاتهم وإخوتهم في القرية ويواظبون على زيارتهم، وبعضهم يفضل العمل داخل القرية بعد تخرجه من المدرسة. وتسمح “قرى الأطفال” للبنات اللاتي بلغن سن الرشد بالبقاء في القرية إلى أن يتزوجن، وتعمل البنات كمربيات وخالات للأطفال الصغار ويقمن بعمل الأم البديلة في حال غيابها، بينما يغادر الذكور العائلات عند بلوغهم سن الرشد. قرى جماعية يقول الباحث الاجتماعي محمد العلمي إن الجمعية المغربية لقرى الأطفال تأسست عام 1984، وقامت بالتعاون مع اليونسكو لإقامة مجموعة من قرى الأطفال حيث تهتم بالرعاية الاجتماعية والتربوية للأطفال المحرومين من الدعم الأسري والمعرضين للخطر إلى حين بلوغهم مرحلة الاستقلال الذاتي، حيث توفر هذه القرى جميع الظروف الاجتماعية للأطفال من أجل تمكينهم من العيش مثل بقية الأطفال، حتى يصبحوا مستقلين بذواتهم وبوسعهم الاعتماد على أنفسهم، معتبرا أن هذه التجربة ساعدت على إيجاد حلول لمعضلات اجتماعية كبيرة ليس فقط بالنسبة للأطفال المتخلى عنهم بل بالنسبة للنساء والفتيات اللاتي يعشن ظروفا صعبة. ويضيف “هذه القرى وفرت مكانا وعملا للنساء حيث أصبحن يرأسن أسرا بديلة بعد أن كن منبوذات أو مهمشات في وسطهم الاجتماعي، وتتوصل كل واحدة منهن بميزانية البيت الذي تديره وتتحمل بذلك مسؤولية نفقات بيتها وأطفالها، بينما تعوضها هذه الحياة عن الزواج والإحساس بالأمومة وتساعدها على الانخراط في الحياة بشكل طبيعي، وتجنبها الانحرافات السلوكية والآثار الاجتماعية السلبية الناتجة عن الفشل في الزواج والحرمان من الشعور بالأمومة والدفء العاطفي”. ويرفض العلمي وصف العاملات داخل هذه القرى بـ”أمهات رمزيات” أو “بديلات” ويقول إنهن أمهات حقيقيات بكل ما تحمله من معاني الأمومة، لأنهن اخترن هذه الصفة بقناعة، ونذرن أنفسهن لخدمة الأطفال المحرومين وإحاطتهن بالرعاية ودفء الأمومة. وتتكون هذه القرى من بيوت أنيقة متشابهة في الهندسة والشكل الخارجي، لكنها تختلف داخليا، فالديكور المنزلي تختاره الأم وأطفالها، وبين كل بيت وآخر هناك مساحة خضراء بينما يحيط السياج الحديدي بهذه المنازل، ويتكون كل بيت من غرفة جلوس وثلاث غرف نوم ومطبخ وحمام وحديقة، وتتوفر داخل هذه القرية الصغيرة متطلبات الحياة العادية وكل ما يحتاجه الأطفال من قاعات للموسيقى والرسم والأعمال اليدوية ومعامل صغيرة لتعلم الحرف. وتحصل الأمهات على غرف خاصة، بينما تتكفل الإدارة بجميع واحتياجات الأسرة بما فيها الإقامة وا?كل والنقل.
المصدر: الرباط
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©