الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

في تفكيك خطاب التطرف

في تفكيك خطاب التطرف
22 نوفمبر 2017 20:25
د. محمد سبيلا ظل المغرب على وجه العموم مهموماً هماً عميقاً بمسألة التطرف العقدي، الذي طال فئات واسعة من الشباب في العقود الأخيرة، حيث بنى استراتيجيات متعددة في مختلف المجالات، نذكر منها في المجال العقدي للإصلاح المؤسسي للحقل الديني تفرعت عنه مؤسسة متخصصة في المحاربة الثقافية للتطرف الديني: الرابطة المحمدية للعلماء. بنت هذه المؤسسة خطتها على تشخيص ثقافي لأسباب التطرف الديني، الذي أصبح ظاهرة بارزة المعالم وخطيرة النتائج لها «منظومتها» الثقافية القائمة على تشخيص معين لتصورها لمخاطر العالم الحديث على الإسلام كما يتصورونه، وللإغراءات التي ينصبها هذا التوجه للشباب بهدف اجتذابهم واستسقاطهم في شبكاته الشبكية. ينطلق التصور التشخيصي المتطرف لأدواء ومخاطر العالم الحديث في: 1- مؤامرة الغرب المستمرة على الإسلام في مظاهرها المختلفة. 2- التمزيق المستمر للعالم الإسلامي في مرحلتي الاستعمار وما بعد الاستعمار. 3- إنشاء إسرائيل كأداة لهذه السياسات. 4- سياسة الكيل بمكيالين في سياسة الغرب تجاه العالم الإسلامي. 5- الإهانات المتلاحقة المادية والمعنوية للعالم الإسلامي. 6- إشعال الحروب في العديد من مناطق العالم الإسلامي (أفغانستان، العراق...). 7- نزع الموارد المالية استثماراً واستغلالاً وتفقيراً. 8- الهجوم الثقافي والأخلاقي على نظام القيم الإسلامي وإقحام قيم منافسة أو مضادة. 9- تزوير التاريخ والجغرافيا عملياً أو في مراكز البحوث والإعلام الغربي بهدف تشويه التاريخ الإسلامي. 10- الإساءة إلى رموز الإسلام بحرق المصاحف وسب الرسول- صلى الله عليه وسلم- والتهكم عليه. ووضعت لهذا الغرض خطة متعددة المفاصل تشمل ندوات ومحاضرات وكبسولات إعلامية مرئية، وبؤر حوار شبكية مع الشباب وألعاب إلكترونية للأطفال، بهدف تحليل وتفكيك خطاب التطرف من حيث هو خطاب يعبر عن جراحات وآمال الشباب. خطاب التطرف الإسلامي بشقيه النظري والعملي هو تعبير عن خطاب أزمة حضارية، أزمة انتقالية يعيشها العالم الإسلامي. أول مظهر لهذا الخطاب هو ملمحه الأيديولوجي الأول المتمثل في التبسيط والاختزال بهدف تحقيق أعلى قدر من التعبئة: الخير-الشر، الولاء - البراء وهو خطاب مؤطر ومسنود بتمويلات وأحلاف وأدوات وتقنيات متعددة المنابع. تلخص الخطة جراحات وآمال الشباب في جملة رؤى أو أحلام: - حلم الوحدة - حلم الكرامة - حلم الخلاص - حلم الصفاء 1- حلم الوحدة «أو الحلم الإمبراطوري»، وهو حلم دائم وطويل الأمد يتمثل في إنشاء إمبراطورية إسلامية واسعة لتكون أقوى الإمبراطوريات التاريخية والكونية. فبعد فشل هذا الحلم بسقوط الدولة العثمانية، نشأ حلم بديل هو الحلم القومي الاشتراكي الذي سقط بدوره. لذا يتعين إنعاش وإحياء الوحدة الإسلامية وإقامة الخلافة الإسلامية من جديد. 2- حلم الكرامة «أو الحلم بحياة كريمة»، وهو حلم مركزي قوامه إرساء قيمة الفرد الإسلامي مادياً ومعنوياً، وهو الحلم الذي استولت عليه المنظمات الحقوقية الدولية، حيث تغلغلت فروعها في كل الدول الإسلامية مدافعة عن حقوق وحريات الأفراد. 3- حلم الصفاء أي الحلم بدين بلا بدع وبلا تطرف وبلا ملوثات، وهذا الحلم شكل بضاعة ورأسمال للسلفية الجهادية، وهو الحلم الذي استولت عليه «داعش». 4- حلم الخلاص، أي النجاة دنيا وآخرة عبر الطائفة المنصورة أو الفرقة الناجية التي ستكون جزءاً من سكان الجنة ومن المشروع النبوي الكبير الذي تجسده الدولة الإسلامية. هذه الأحلام الوردية يتم استثمارها منفردة أو مجتمعة في أذهان الشباب مطلية بألوان من الإغراءات المتخيلة أو الشبقية لتصبح أكثر جاذبية واستقطابا لفئات شبابية تعاني التعثر والبطء في الاندماج الاجتماعي الناجح. حلم الوحدة هو حلم سياسي بامتياز، حلم يتعلق بالتاريخ، ويشمل جملة من الوقائع والأحداث والآمال السياسية. ومطمح القوة حلم الكرامة حلم اجتماعي يتعلق بالعمل والإشباع والسكن والزواج والاحترام القانوني فهو حلم حقوقي وقانوني. حلم الصفاء، حلم ديني يتعلق بدين طاهر ومثالي ونموذجي لا تشوبه شوائب المصلحة والاحتيال والكذب وكل الرذائل الأخلاقية. حلم الخلاص، هو حلم تركيبي لكل الأحلام السابقة؛ لأنه يتعلق بالمآل وبالمصير الأخروي المتمثل في حيازة رضى الله، والفوز بمقعد في الجنة والحياة الأبدية. وهذه الأحلام هي بمثابة «يوتوبيات» أخروية ودنيوية تجعل الحياة نعيما دنيويا يمهد لنعيم أخروي. وهي الأحلام التي يتم اغتصابها من طرف التنظيمات الإرهابية وتحويلها إلى فخاخ للإيقاع بالشباب المحمل بالطموحات والمشبع بالأحلام التي تذكيها الجراحات الفعلية والرمزية، وتغذيها التعثرات العملية في نظام اقتصادي واجتماعي يسير بوتيرة أبطأ من تطور الحاجات والخصاصات الناتجة عن النمو الديمغرافي المتسارع.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©