تُعد مشكلة انقطاع التيار الكهربائي في العراق من أهم وأبرز المشكلات التي يعانيها العراقيون منذ أكثر من عشرين سنة، ولم يتمكن محبو الكرة في بلاد الرافدين من مشاهدة العديد من المباريات المهمة بسبب هذه المشكلة المزمنة.
في السنوات العشر الأخيرة ومع استشراء الفساد في العراق والصراعات الكبيرة، أصبح وجود التيار الكهربائي مثل الحلم، إذ يحتفل الناس عندما يحل التيار الكهربائي الوطني ضيفاً على العائلات بصور مختلفة.
بعد أن أدرك العراقيون أن هذه المشكلة ليس لها حل جدي في قاموس الحكومة، بادر الناس إلى استخدام المولدات الكهربائية الصغيرة وقت الحاجة، ومن ثم جاءت فكرة المولدات الجماعية، التي قام بعض الأفراد بنصبها في المناطق وفتح باب الاشتراك، حيث تحصل العائلة على طاقة محدودة مقابل هذه الاشتراكات مدفوعة الثمن.
عندما تشارك المنتخبات العراقية في بطولة دولية أو قارية أو إقليمية، أو في التصفيات، تصبح الكهرباء سلعة عزيزة، حيث يسعى محبو الكرة إلى التنسيق مع أصحاب المولدات الكهربائية للعمل على تجنب أي عطل في هذه المولدات خلال فترة بث مباريات كرة القدم.
لقد كان حب كرة القدم لدى العراقيين واحداً من أسباب اكتشاف فكرة استخدام المولدات الكهربائية في المناطق العراقية إضافة إلى الأسباب الأخرى، وقد عاش محبو الكرة في العراق العديد من المواقف الصعبة بسبب عدم وجود بديل يساعدهم على استخدام التلفزيون للمشاهدة.
قبل عام 2003 لم تكن الكهرباء هي المشكلة الوحيدة بالنسبة لمحبي الكرة في العراق، بل كان عدم وجود «الستالايت» من المشكلات الكبيرة التي حرمت العراقين من مشاهدة المباريات العالمية، وحرمتهم من متابعة دوريات المنطقة وخاصة دوريات دول مجلس التعاون الخليجي.
الآن وفي ظل وجود الفضائيات، تعرف العراقيون بدرجة جيدة على مستويات الدوريات الخليجية والعربية، وعلى نجوم اللعبة في هذه المنطقة.
لم يعد المتلقي العراقي يتلقى معلوماته الكروية من مصدر واحد كما كان سابقاً، بل تعددت مصادره، وأصبح أكثر انفتاحاً على الآخرين.
المشكلة الوحيدة التي ظلت عائقاً يواجه عاشق الكرة في العراق، هي شح التيار الكهربائي، وعطل المولدات الكهربائية خلال مشاهدة مباريات كرة القدم.
هناك العديد من الناس تعرضوا لأزمات صحية بسبب انقطاع التيار الكهربائي خلال بث المباريات، وأعني هنا مباريات المنتخب الوطني العراقي في المنافسات العديدة، وأكثر مأساة يمكن التحدث عنها، هي عدم قدرة الفقير العراقي على الاشتراك في المولدات الكهربائية، فيتبخر حلمه في مشاهدة مباريات المنتخب.
«خليجي 21» هي أكثر بطولة تم التنسيق عليها بين محبي الكرة وأصحاب المولدات العراقية من أجل مشاهدة كافة مبارياتها وبرامج القنوات الخليجية الخاصة بالبطولة.
قد تصنع محبة كرة القدم لدى العراقيين محطات توليد للكهرباء، بعد أن فشلت كل التظاهرات والتجمعات، وقد تصنع هذه المحبة فجر العراق الجديد.
جاسب عبدالمجيد (العراق)
عدد اليوم
