الثلاثاء 19 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

عالم يتحارب بـ «الرسوم»!

عالم يتحارب بـ «الرسوم»!
21 أكتوبر 2018 00:46

يصيح الحكماء على الساحة الدولية بأعلى أصواتهم منذ فترة.
ماذا يقولون؟ الرجاء من الحكومات التركيز على الإصلاح وليس النسف..
التطوير وليس الإلغاء..
التروي وليس الاندفاع.
كان آخر هؤلاء الحكماء، صندوق النقد الدولي الذي يعمل بكل ما لديه من نفوذ وعلاقات عامة، على أن تسير الحكومات في طريق إصلاح الأنظمة التجارية العالمية، بدلاً من السعي إلى تقويضها.
و«الصندوق» من أكثر الجهات التي ينبغي الاستماع إليها، لأن حقائق الاقتصاد العالمي «مفروشة» أمامه بكل وضوح ممكن.
والإصلاح الذي ينشده «حكماء» ما بعد الأزمة الاقتصادية العالمية، ليس عصياً ولا صعباً.
المهم أن تكون هناك رغبة فيه أولاً، وهذه الرغبة لا بد أن تبتعد عن تلك التوجهات «الشعبوية» السهلة، التي توفر مؤيدين بلا آفاق.
المعارك التجارية التي تجري على الساحة العالمية لا تتوقف منذ عامين تقريباً، والخوف أن تتحول إلى حرب تجارية عالمية حقيقية.
بمعنى أن تجر الأطراف المتعاركة حالياً، أطرافاً أخرى لا علاقة لها بما يجري من «مواجهات» تجارية.
والحق، أن الرسوم الجمركية الإضافية التي تُفرض من طرف واحد، تلقى بعد لحظات من فرضها هجوماً «رسومياً» مضاداً.
وكلا الطرفين يمكنه أن يفتخر أمام شعبه بأنه يحمي مصالحه، وأنه لن يتوقف عن هذه الحماية مهما كلف الأمر.
للوهلة الأولى، ستصدر أصوات شعبية عالية صادحة تمجد «وطنية» الحكومة، أو بمعنى أصح «قومية» السلطة، لكن سرعان ما تظهر الحقيقة المجردة، القائمة على أن الرسوم التي فرضت من هذا الطرف، تم امتصاصها من الطرف المستهدف! لأن هذا الأخير استخدم نفس السلاح!
ليس هناك طرف في هذا العالم يمجد الأنظمة التجارية العالمية المعمول بها على الساحة، على الرغم من أن كل الأطراف وقعت عليها، بعد مفاوضات استمرت عقوداً..
نعم عقود.
ويبدو واضحاً أن عيوب هذه الأنظمة ليست في بنودها، بل بعدم إقدام الأطراف الدولية المؤثرة على تحديثها وفق المستجدات والاستحقاقات على الساحة.
ومنذ أن تم إقرار هذه الأنظمة، لم تخضع لأي تجديد.
فالجميع يتبعها كارهاً لها، غير مبادر لتطويعها وفق ما يتطلبه منطق التطور والتحديث.
ولا شك أن السياسة الاقتصادية التي اتبعتها الإدارة الأميركية الراهنة كرست هذا الواقع، ولاسيما بعدما هددت واشنطن بالانسحاب من منظمة التجارة العالمية.
وهذا التهديد بحد ذاته كان كارثة مصغرة لكارثة أكبر.
ولا بد من التأكيد على أن إدارة الرئيس دونالد ترمب كانت صادقة مع نفسها ومع العالم، لأنها لم تخف امتعاضها قبل وصولها إلى الحكم، من «الظلم» التجاري الذي تتعرض له بلادها.
ماذا حدث؟ اندلعت حرب الرسوم حتى بين الحلفاء التقليديين التاريخيين.
وهي حرب لا تتوقف عند ساحة معينة، ناهيك عن الآثار السلبية التي تخلفها على العلاقات الدولية بشكل عام.
كل ما يريده «الحكماء» اليوم، توقف هذه المعارك، وبدء «معارك» تجديد الأنظمة التجارية الموجودة أصلاً.
إنها «معارك» بلا خسائر على كل حال، وإن وجدت فهي خسائر لا تُذكر.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©