الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مُعَلِّم اللهب

مُعَلِّم اللهب
22 يوليو 2015 22:26
المليح ظلّ مؤرقاً بسؤال اللغة غير أن كتاباته كلَّها تمّت في اللغة الفرنسية لغة المستعمر هامش 2 نبش الأصقاع المنسيّة أعتقد أن «المجرى الثابت» كان علامة بارزة في الإنتاج الأدبي المغربي الحديث المكتوب بالفرنسية والعربية معاً، لا لخصوصية مضمونه وعوالمه فحسب، بل أيضاً لكونه يساهم، أساساً، في تغيير مفهوم الأدب والكتابة من منظور عميق يُباعد ما بين الكتابة والتأثير الآني، ويُعيد إليها أبعادها المنغرسة في الكينونة والذاكرة واللغة المتعددة. من ثم كان لصوت إدمون عمران المليح، على الرغم من التجارب الطلائعية للأدب المغربي التي سبقت ظهور كتابه، صداه ونكهته المغايرة. فبعد فورة الحماسة التي عرفها الأدب المغربي في الستينيات والسبعينيات، وشعارات «عنف النص» و»تفجير اللغة الفرنسية» وخوض «حرب عصابات» عبر القصائد والروايات، جاءت كتابات المليح، وفي طليعتها «المجرى الثابت» لتذكرنا بما نسيناه في غمرة الجري وراء الواقع والتطلع إلى توظيف الأدب لتغيير المجتمع، وهو أن الكتابة حديث إلى النفس قبل أي شيء، وارتداد إلى أصقاعها المنسية، المهملة، ونبش في الذاكرة واستيحاء لمتاهاتها، وتشخيص باللغة والاستعارة لاحتمالات الواقع المتجدد من خلال أسئلة الأدب الجذرية. محمد برادة (إدمون المليح: من النضال السياسي إلى كتابة الذاكرة) هامش1 تفجّرات الدهشة «العين واليد» كتاب يصعب تصنيفه سواء على مستوى اللغة أو على مستوى البناء أو على مستوى المضمون القرائي. فيه استثمار لعناصر سردية من حياة خليل ومدينته. استقصاء وتتبع لمسارات حياته «الباطنية» في دروب المدينة. استنطاق بلغة جديدة رامزة للحظات توتر الإبداع لديه وتفجراته المدهشة. وفيه أيضا مراجعات مكثفة لمسارات التشكيل المعاصر دوليا ووطنيا. كذلك انفتاح متوقّد على أسئلةِ العمق في الوجود والفن والكتابة. إضافة إلى عمل خلاق على مستوى لغة الكتابة بما يميزها من تحرر وتشظٍّ واستطرادات وتمرد على لغة النقد المباشرة. هامش 1 حداثة واعية تلفت نظرنا في نصوصه سمات الحداثة الكاشفة عن وعي وتمثل قدرة على توليد الحالات والأشكال غير المسبوقة. إنها ليست حداثة الوصفات الجاهزة، وإنما حداثة البدء والهدم، وتقليب التربة باستمرار. وفي مجموع نصوصه الروائية نجد عناصر أساسية تسند الشكل، وتنفخ في لهب الكتاب: هناك الذاكرة ضد النسيان، والنسيان سبيلاً للتذكر، وهناك اللغة وفسحاتها وتلاوينها وتضاريسها، وهناك الشذرية التي توهم بأن كل كتابة زائلة وساعية لاكتمالها، وهناك الاستطراد لتكسير أي هندسة أو سرد خطي، وهناك تبطين الحكاية والمحكيات لتوليد الالتباس والترميز وتعدد المنظورات... والجمع بين هذه الخصائص يقوده إلى الحرص على نوع من «التفضية»، أي وضع جميع مكونات النص في فضاء مُتجاور، مثلما يفعل الرسام، محطماً التعاقبية الزمنية التي كانت تتحكم في النصوص التقليدية. لذلك، لذلك، لا تتم القراءة إلاّ عندما نعود لنضع كل ما قرأناه في لوحة واحدة، في فضاء واحد، لنتبين تشابك التذكرات والمعاينات والمقروءات والعلائق الرا بطة بينها.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©