الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الثورة السورية... بوادر الحسم في دمشق

الثورة السورية... بوادر الحسم في دمشق
19 يوليو 2012
أعلنت فصائل المعارضة في سوريا أن المقاتلين المناوئين للنظام السوري بدؤوا يطبقون على العاصمة دمشق ويشتبكون مع قوات النظام في الأحياء والمناطق داخل العاصمة، وذلك وسط تساؤلات عن قدرة الحكومة بسط سيطرتها على أرجاء دمشق، التي بدأت تهتز تحت هجمات الثوار لليوم الثالث على التوالي. فرغم القوة العسكرية الكبيرة للنظام والعدد المهم للجنود النظاميين المدججين بالسلاح، يبدو أن الثوار تمكنوا من الحفاظ على مواقعهم، والدفاع عنها بشراسة، والسيطرة على عدد من الأحياء التي شهدت أعنف المواجهات حسب ما ينقله أعضاء في المعارضة. وتشكل المواجهات الأخيرة التي اندلعت في أحياء العاصمة السورية المرة الأولى، التي يشاهد فيها سكان دمشق الثورة التي اجتاحت مدناً ومناطق سورية أخرى تقترب منهم، بل وتكسر سكينة دمشق بعد 15 شهراً على انطلاق الثورة وسقوط أكثر من 14 ألف قتيل، كما أن الجرأة التي أبدتها قوات المعارضة في اشتباكاتها مع القوات النظامية كانت لافتة للعديد من المراقبين الذين استصعبوا على المقاتلين المسلحين مواجهة قوات الجيش النظامي المسلح على نحو جيد، والذي يستخدم أسلحة ثقيلة، مثل الدبابات والمدفعية والطائرات المروحية، لكن ذلك لم يمنع على ما يبدو الثوار من الزحف نحو العاصمة والاشتباك مع النظام في عقر داره. وفي هذا السياق، يشير العديد من المراقبين الذين تابعوا الثورة السورية على مدار الأشهر الماضية إلى الوتيرة المرتفعة للهجمات التي ينفذها الثوار، مقارنة بالسابق والعدد الكبير من الضحايا في صفوف القوات النظامية قياساً إلى ما كان عليه الحال قبل شهر فقط. ففي شهر يونيو، وصل عدد المواجهات إلى مستوى قياسي بحوالي 256 مواجهة، أي بمعدل 8.5 مواجهة في اليوم، وهو ما يؤكده "جيفري وايت"، المحلل السابق في وكالة الاستخبارات العسكرية الأميركية، مستخلصاً هذه الأرقام من معطيات توفرها اللجان التنسيقية للثورة السورية، بالإضافة إلى ما توفره المنظمات الإنسانية التي ترصد عدد الضحايا. ويضيف "وايت" الذي يعمل حالياً باحثاً في معهد "واشنطن لسياسة الشرق الأدنى" أن "المواجهات بين الثوار وقوات النظام انتقلت من مرحلة الاشتباكات المتقطعة إلى قتال متواصل في المحافظات السورية الرئيسية"، ولأول مرة أيضاً في مسار المواجهات مع النظام أعلنت المعارضة عن إسقاط الثوار لطائرة مروحية تابعة للجيش السوري في حي "القابون" بدمشق، وهو الخبر الذي نقلته وكالة "رويترز" للأنباء ولم يتسنَ بعد التأكد من صحته، وفي حال تحقق الخبر فإن ذلك يثير العديد من الأسئلة حول القدرات التسليحية الجديدة للثوار وما إذا كانوا قد تلقوا شحنات من السلاح قادمة من قطر، أو السعودية، لا سيما وأن الثوار كانوا منذ فترة يستحثون الدول المتعاطفة معهم على مدهم بالسلاح الثقيل لمواجهة الآلة العسكرية للنظام وحماية المدنيين. وفي هذا الصدد يقول "وايت" إن قوات الثوار باتت أفضل تسليحاً مما كانت عليه قبل أسابيع قليلة فقط بكميات كبيرة من الذخيرة دلت عليها الاشتباكات الممتدة مع قوات النظام، والقدرة على خوض معارك طويلة تستلزم وجود كميات كافية من الذخيرة، هذا بالإضافة إلى ما لوحظ على الثوار من امتلاكهم رشاشات حديثة وقذائف "آر. بي. جي"، والنتيجة المباشرة لذلك، حسب المراقبين، تصاعد عدد ضحايا الجيش السوري خلال الأسابيع القليلة الماضية إلى حوالي 150 بين قتيل وجريح في اليوم الواحد، والأكثر من ذلك ما رصده المراقبون من فعالية أكبر للثوار في تدمير الآليات العسكرية التابعة للنظام ومصادرة الأسلحة من القوات الحكومية، أو المليشيات التي يستخدمها النظام لاقتحام المناطق والأحياء المناوئة له، ولعل ما يزيد من احتمال وقوع مواجهة كبرى في الأيام القليلة المقبلة، وقلق النظام مما يحمله المستقبل إقدامه على تحريك قوات عسكرية من مرتفعات الجولان إلى دمشق، وذلك وفقاً لما نقلته وكالة الأنباء الفرنسية. وحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، الذي يتخذ من بريطانيا مقراً له، يحاول الثوار الالتحاق بدمشق للمساعدة في إنجاح المعارك التي يخوضها البعض منهم في دمشق وتضييق الخناق على النظام، وهو ما أكده نائب القائد الأعلى للجيش السوري الحر في مكالمة هاتفية من أن الاشتباكات الأخيرة في قلب العاصمة ليست سوى بداية الزحف الكلي على العاصمة، وانتزاعها من يد النظام، وأضاف العقيد مالك الكردي أن الاستراتيجية التي يعتمد عليها الجيش الحر في هذه المرحلة "تقوم على استنزاف القوات الحكومية، والسيطرة على المقرات الرسمية والأماكن الحيوية في العاصمة"، لكنه في الوقت نفسه نفى تلقي المعارضة أي نوع من أنواع الأسلحة الثقيلة. وفي ظل الضغوط التي تواجهها الحكومة السورية سواء من المجتمع الدولي، أو التحرك الميداني المتصاعد للثوار الذين دخلوا دمشق يتساءل العديد من المحللين عن قدرة النظام على حماية نفسه وتحصين دمشق، بل هناك من أثار سيناريوهات كارثية قد يلجأ إليها النظام في حال اشتداد الخناق عليه مثل استخدام ترسانته الكبيرة من السلاح الكيماوي مثل غازي السارين والخردل، ففي حوار أجراه المنشق السوري والسفير السابق لدى العراق، نواف الفارس، مع محطة "بي. بي. سي" قال إن الأسد اليوم مثل "الذئب الجريح" الذي قد يلجأ إلى الأسلحة الكيماوية. وتأتي هذه التكهنات وسط تقرير نقلته صحيفة "وول ستريت جورنال" في الأسبوع الماضي من أن سوريا بدأت تحرك ترسانتها الكبيرة من السلاح الكيماوي؛ وفيما تفادى المتحدث باسم البيت الأبيض، "جوش إيرنست"، التعليق في مؤتمر صحفي عقده يوم الثلاثاء الماضي على احتمال استخدام الأسد للغازات السامة لمواجهة الثوار، أكد من جانب آخر أن "ما يشاهده العالم من ممارسات يقدم عليها نظام الأسد هو في حد ذاته لا إنساني وهو كاف لإثارة قلقنا". لكن رغم الخسائر المهمة التي تكبدتها القوات النظامية في الأسابيع الأخيرة ووصول الثوار إلى دمشق والانشقاقات المتوالية في صفوف النظام، يقر المسؤولون الأميركيون والخبراء المستقلون أن نهاية النظام ليست مؤكدة بعد، والسبب أن النظام نجح حتى اليوم في الحفاظ على الفرق العسكرية المهمة دون أذى، وبخاصة قوات النخبة التي تهيمن عليها الأقلية العلوية الموالية لعائلة الأسد. ويبدو أن العلويين وباقي الأقليات الموالية للنظام تنظر إلى الصراع على أنه مسألة حياة، أو موت بالنسبة لهم بعدما ربطوا مصيرهم بنجاح محاولات الأسد سحق الثورة عن طريق القوة العمياء، هذا الأمر يؤكده الخبير في شؤون الدفاع بمعهد الدراسات الاستراتيجية والدولية، "أنتوني كوردسمان"، قائلاً: "طالما قرر النظام الاستمرار في السلطة فإن الطريقة الوحيدة لذلك هي ضرب المقاومة والتصعيد ضدها مهما كلف الأمر، فلا وجود لمخرج سهل من هذه الأزمة"، وربما لهذا السبب يواصل النظام دك الأحياء المناهضة له حتى داخل العاصمة والاستمرار في قصفها فيما يقوم الجيش بنشر الآليات المصفحة والطائرات المروحية في محاولة لاجتثاث الثوار من تلك الأحياء. وتأكيداً لحدة العنف والقصف المتواصل حملت المعارضة أشرطة فيديو على الإنترنت تُظهر دخاناً أسود كثيفاً ينبعث من حي ميدان الذي يعتبر الأكثر تعرضاً للقصف في العاصمة دمشق. ورغم التطورات المتلاحقة تظل رواية النظام هي نفسه ترددها وسائل الإعلام الرسمية التي وصفت ما يجري في دمشق على أنه ملاحقة "المجموعات الإرهابية" التي قامت، حسب وكالة الأنباء السورية، بالهجوم على محطة لتحويل الكهرباء في حي "القابون"، كما نقل موقع إلكتروني موال للنظام مقتل نائب قائد الشرطة في دمشق خلال المواجهات بين الثوار في حي الميدان. وعلى الصعيد الدبلوماسي، تواصلت محاولات المبعوث المشترك للأمم المتحدة والجامعة العربية إلى سوريا كوفي عنان بزيارته يوم الثلاثاء الماضي إلى روسيا ولقائه الرئيس بوتين، حيث عبر في ختام اللقاء عن أمله في توافق أعضاء مجلس الأمن الدولي على لغة واحدة حول الوضع في سوريا، والتوصل إلى اتفاق بشأن قرار دولي يسهم في حل الأزمة. وكانت كل من روسيا والصين قد عطلتا قرارين سابقين في مجلس الأمن، مع تخوف موسكو من تدخل عسكري غربي على غرار ما تم في ليبيا، معتبرة أن نظام الأسد ما زال يحظى بتأييد فئات من الشعب، وبالتالي يتعين عدم الإطاحة به من السلطة من خلال القوة. وتحذر روسيا أيضاً من استفحال الأزمة، انطلاقاً من أن هذا يفتح المجال للقوى الإسلامية المتشددة من سيطرتها على الساحة، داعية الطرفين معاً إلى وقف العنف. باباك ديجانبيش وجوبي واريك بيروت ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©