الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أفغانستان ومؤشرات التسوية مع «طالبان»

22 أكتوبر 2010 21:28
يأتي التأكيد الأخير لحلف شمال الأطلسي بأن قواته منخرطة في تسهيل المباحثات بين قادة "طالبان" وحكومة كرزاي، ليبعث بمؤشر واضح مفاده أن التوازن على الساحة الأفغانية بات ينتقل من الحرب إلى التسوية تمهيداً لانسحاب كامل للقوات الغربية من البلاد. فبالانتهاء من نشر القوات الأميركية الإضافية وفقاً لخطة الزيادة التي أقرها أوباما يفترض أن الضغط قد اكتمل على "طالبان" والمتمردين لخلق ظروف أفضل لإجراء مفاوضات سلام. ولكن رغم أن هذه الظروف المناسبة لم تستكمل بعد بسبب استمرار التمرد في نشاطاته التخريبية قرر "الناتو" على ما يبدو ضمان مشاركة آمنة لقادة "طالبان" في المباحثات الجارية حاليّاً مع الحكومة الأفغانية، وإن كان الحلف نفسه غير مشارك فيها. ويعني ذلك أن خطة الزيادة في عدد القوات الأميركية لم تؤتِ أُكلها كما كان منشوداً، الأمر الذي دفع بالقوات الأميركية إلى أن تشرع الأبواب أمام خيارات أخرى يؤكدها "لورنس كورب"، الباحث البارز في مركز "التقدم الأميركي" بواشنطن بقوله: "إن ما حدث هو أنه على رغم ما كنا نريده في أفغانستان من أمور مختلفة إلا أن كرزاي يريد المباحثات وهو مصمم على ذلك". والحقيقة أن تسهيل القوات الغربية للمفاوضات الدائرة حاليّاً بين الحكومة الأفغانية وقادة "طالبان" ينضم إلى مؤشرات أخرى عديدة تؤكد أن التيار العام الآن هو اتجاه نحو إنهاء الحرب وليس تصعيدها مع تركيز الدول الغربية على نقل المهمة من العسكريين إلى المدنيين. ومن بين تلك المؤشرات التي تعزز هذا الاتجاه تعيين "توم دونيلون" كمستشار جديد للأمن القومي، علماً بأنه كان من المعارضين لخطة الزيادة في عديد القوات التي أقرها أوباما. ومع أن سلفه الجنرال جيمس جونز عارض هو أيضاً إرسال قوات أميركية إضافية إلى أفغانستان إلا أن المراقبين يعتبرون تعيين "دونيلون" علامة واضحة على أن أوباما سيعجل بسحب قواته ابتداء من الصيف القادم. ويضاف إلى ذلك أن المسؤولين في الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي يبحثون عن ضمانات من كرزاي لاستمرار المتعاقدين الخاصين في مجال الأمن في العمل لحماية موظفي الإغاثة الأجانب، لاسيما بعدما أصدر كرزاي قراراً مفاجئاً يقضي بحل جميع الشركات الأمنية العاملة في أفغانستان مع نهاية العام الجاري. ويرغب المسؤولون الأميركيون في تسوية هذا الموضوع في ظل الدور الذي سيلعبه المتعاقدون الخاصون لتأمين المرحلة الانتقالية بعد انسحاب القوات الأميركية. هذا ويمكن الإشارة أيضاً في سياق المؤشرات الدالة على قرب الخروج من أفغانستان إلى ما أشار إليه الصحفي الأميركي "بوب وودورد" في كتابه الأخير المعنون "حروب أوباما" الذي يصور فيه الرئيـس على أنـه عـازم على المغـادرة ورافـض لأيـة محاولـة تورطـه في التزام مفتوح في أفغانستان ناقـلاً عنه في الكتاب قوله: "نحتاج إلى خطة حول الطريقة التي سنسلم بها البلاد ونخرج من هناك"، مضيفاً أن "كل ما نقوم به يجب أن يركز على كيفية الوصول في النهاية إلى النقطة التي نقلص فيها تواجدنا في أفغانستان، لأن ذلك يصب في مصلحتنا القومية ولا مجال للمناورة هنا". ولكن الأمر لا يتعلق فقط بما يصدر عن أميركا من مؤشرات، بل يمتد أيضاً إلى ما يجري في الضفة الأخرى من الأطلسي، حيث أعلنت إيطاليا خلال الأسبوع الجاري عن نيتها سحب قواتها بحلول السنة القادمة، فيما أكدت هولندا أنها بدأت بالفعل في إخراج قواتها من أفغانستان، هذا ناهيك عن كندا التي ستنهي تواجدها في البلاد مع قدوم عام 2011 دون أن ننسى بريطانيا التي ستشرع هي الأخرى في سحب قواتها في السنة المقبلة. وبالرجوع إلى الساحة الداخلية الأميركية نجد تراجع تأييد الرأي العام للحرب وهو ما يضغط على مرشحي الكونجرس من "الديمقراطيين" لمطالبة الرئيس بالانسحاب. وكل هذه المؤشرات يقول الباحث "كورب" تعني أن "الاستراتيجية في أفغانستان تميل أكثر نحو الانتقال إلى الجانب السياسي". وإضافة إلى هذه الحالة من عدم الارتياح السائدة تجاه الحرب في أفغانستان، ورغبة الجميع في رفع أيديهم عنها، هنالك أيضاً الارتفاع الملحوظ في عدد القتلى والإصابات في صفوف قوات حلف شمال الأطلسي، حيث أعلن الحلف عن مقتل ثمانية من قواته في هجمات متفرقة يوم الخميس الماضي إضافة إلى ستة آخرين سقطوا يوم الأربعاء. وعلى رغم إعلان أوباما في شهر ديسمبر الماضي أنه سيجري مراجعة شاملة لسياساته خلال عام لتقييم مدى نجاح استراتيجيته، إلا أن التطورات المتسارعة على الأرض دفعت الإدارة إلى تسريع التقييم، وهو ما يوضحه "كورب" قائلاً: "يبدو أن الأحداث على الساحة الأفغانية تقدمت بسرعة لتسبق كل ما قيل قبل عام". لكن مع ذلك هناك عدد من الخبراء العسكريين الذين يحذرون من التكلفة التي ستدفعها أميركا من قيمة النجاح المأمول في أفغانستان إن هي تسرعت في الانسحاب، ومن بين هؤلاء "أنتوني كوردسمان"، محلل الأمن القومي بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية بواشنطن، الذي يرى أن الولايات المتحدة تركز كثيراً على الأهداف قريبة المدى والحلول السهلة، والنتيجة هي أنها تجازف بإضاعة استثماراتها المهمة في المال والأرواح. هوارد لافرانشي - واشنطن ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©