الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

لعبة تركيب صورة الزوج

لعبة تركيب صورة الزوج
22 أكتوبر 2010 21:12
كانت زوجته معنا ترى وتسمع ما نفعله وما لا نفعله بالتفصيل، لكنها كانت معنا قلباً فقط، أما قالبها فكان في البيت. فإذا أخذنا مقاعدنا في المطعم، اتصل يخبرها باسم المطعم. وإذا فكّرنا، مجرد التفكير، ولمجرد تضييع الوقت، في أي شيء يغضب الزوجات، وشى بنا أمامها فور وصوله إلى البيت بأننا قلنا «كيت وكيت». كان يؤمن بالشفافية في العلاقة الزوجية، وفوق هذا، كان «موبايله» سبيلاً أمام زوجته، وأرقامه السرية مباحة. ولم يكن من المناسب أن نتدخل في حياته الغبية ونحذّره من مغبة نقل أخبارنا، وأخباره بالبداهة، ومصارحة الزوجة بمناسبة ومن دون مناسبة، فهو لا يعرف أن الأصل في الزوج، في نظر الزوجة، أنه غير مخلص إلى أن يثبت العكس، ولا يثبت هذا العكس إلا بعد حصر وتقسيم تركة الزوج الراحل وعدم ظهور زوجات أخريات وأبناء من هنا وهناك. ولا يعرف أن الهواية المفضلة لأي زوجة هو لعبة تركيب الصور، فكل حركة أو كلمة مريبة من الزوج أو من أصدقائه أو حتى من شاشة التلفزيون، تعني جزءاً من الصورة، فإذا ما اجتمعت الأجزاء في يوم ما، فإنها تقوم بتركيبها وهي تبكي ويظهر أمامها صورة الزوج وهو يمارس الخيانة. جاءنا مرة وهو ينفخ خديه ويهز رأسه في أسى، فبعد عشر سنوات من الزواج قامت الزوجة أخيراً بتركيب الأجزاء وبرزت صورته الحقيقية أمامها: مجرد تافه يلعب بذيله. والذي حصل أن موجة برد اجتاحت حياتهما مؤخراً، فهي مشغولة بالأولاد، وهو انشغل فجأة بتأسيس محل إلكترونيات متواضع. وتصادف في الفترة نفسها أنه يغلق هاتفه المتحرك بين الحين والآخر، ووجدت فيه رسائل نصية تحمل أكثر من معنى آتية من أرقام غريبة، مثل: سأكون عندك خلال نصف ساعة، سأتأخر قليلاً لأن الجو في البيت مكهرب. وتصادف أيضاً أنها تابعت مسلسلاً خليجياً كل أبطاله الرجال يخونون، حتى المخرج الواقف خلف الكاميرا. ولأنها تفرغت تماماً لتركيب الصورة النهائية، فقد بدأت مرحلة التفتيش والتعقّب، فوجدت في محفظته مفتاحاً غريباً، ثم وجدت في درج سيارته جهاز «ريموت كنترول» لفتح الأبواب، ثم لاحظت أن عطوره تختفي، وأن ثيابه تتناقص. وتذكّرت زوجته كل ما كان ينقله لها من كلام فارغ في السنوات العشر، فهي تعلم أننا تكلمنا مرة في استئجار كل واحد منا شقة في الخفاء في بناية واحدة والزواج من كومة نساء أجنبيات، وهي تعرف أننا نفضّل مطعماً تعمل به نساء من جنسية معينة، وهي تتذكّر كلامنا بأننا مع تعدد الزوجات لكننا نخاف زوجاتنا، وهي تستطيع تحليل شخصياتنا بسهولة بسبب تغذية زوجها لمحرك الشك في رأسها بمعلومات وافية عنا. وتذكّرت إعجابه الشديد بالممثلة الفلانية، وما كان يقوله عن جمال تلك المطربة، والأعذار التي ساقها حين تزوج أحد معارفهم على زوجته. ..واكتملت الصورة: بروده طبيعي، ومحل الإلكترونيات شمّاعة للغياب، وإغلاق الهاتف لإضفاء الهدوء على حياته السرية، والمفتاح الغريب هو مفتاح الشقة، و»الريموت» يخص مواقف السيارات في البناية، والعطور والملابس التي تختفي لأنه يحتاجها في بيته الجديد. ولا بد أنه متزوج من امرأة من تلك الجنسية ولعلّها كانت من عاملات المطعم. ولابد أن أصدقاءه الملاعين شركاء له في هذه الجريمة الجماعية. استطاع بعد أسبوع إثبات براءته، فقد اصطحبها إلى محل الإلكترونيات، وشرح لها أن مسّاً أصاب هاتفه، فهو مغلق حين تتصل به على الرغم من أنه مفتوح وهو بين يديه. والمفتاح مفتاح فتحة تعبئة البترول في سيارته، و»الريموت» لدخول مواقف جهة العمل، والعطور تختفي لأنها يستعملها، ولا تفسير لاختفاء الملابس عالمياً، والأصدقاء، أي نحن، أبرياء ومجرد ثرثارين أمام شخص غبي لا يعرف الهواية المفضّلة للزوجات. Ahmedamiri74@yahoo.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©