الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الشركات الأوروبية تحافظ على عمالها في أوج الأزمة

الشركات الأوروبية تحافظ على عمالها في أوج الأزمة
5 فبراير 2010 20:26
بدأ مصنع “سيمنز” للزجاج والحديد نشاطه في برلين قبل قرن كامل من الزمان، وكان المصنع ينتج في بدايته التوربينات لتوليد الكهرباء، ومن ثم تحول لصناعة الذخائر إبان الحرب العالمية الثانية قبل أن يدمره السوفييت، مما استدعى إعادة بنائه فجر الحرب الباردة. أما اليوم، فعاد المصنع ثانية لصناعة التوربينات مع فارق أنها الأكثر تطوراً في العالم، حيث بمقدور التوربين الواحد أن يضيء مدينة تتسع لثلاثة ملايين شخص. وينطبق هذا التحديث على معظم المصانع الأوروبية بالرغم من الشكوك الأميركية التي تقول العكس. وربما لا تضاهي المصانع الأوروبية مثيلاتها الأميركية في الفخامة، لكنها وفي سعيها لتوفير الوظائف في غمرة الأزمة الاقتصادية، سلكت طريقاً مغايراً لتوفي الوظائف في غمرة الأزمة الاقتصادية، سلكت طريقاً مغايراً نحو الخروج من قبضة أسوأ أزمة اقتصادية شهدتها القارة منذ الحرب العالمية الثانية. وفي سبيل ذلك، جرى تحديث المصانع القديمة وجعلها أكثر كفاءة بدلاً عن تحويل النشاط لمكان آخر، أو استبدال الوظائف بأخرى أقل تكلفة. ويقول جيلز مويك أحد كبار الاقتصاديين في بنك دويتشه “كانت الشركات الأميركية أسرع في توافق قواها العاملة وحماية هوامشها الربحية”. وفي الوقت الذي انخفضت فيه هوامش الربح بالنسبة للشركات الأوروبية والأميركية، لم تمانع الشركات الأوروبية من قبول ربح وإنتاجية أقل على المدى القصير. لكن لا يعني ذلك بأن الشركات الأوروبية قد تخلفت في اللحاق بركب الابتكارات، خاصة عندما يتعلق الأمر بالتقنيات “الخضراء”، بالرغم من الضغط الذي تواجهه من الصين. وبدلاً عن ذلك اعتمدت أوروبا على شركاتها الكبيرة لضمان موقف مميز في الصناعات الرئيسية، على العكس من النموذج الأميركي الذي لجأت لشركات أصغر حجماً وأكثر حداثة لدفع عجلة الابتكارات وتوفير الوظائف. ويقول لوك سويت أستاذ الاقتصاد العالمي في جامعة “ماستريكت” في هولندا “تستخدم المصانع الأوروبية الكبيرة بالرغم من أنها تعتبر ضرباً من ضروب التخلف، التقنيات الخضراء والاستدامة كعنصر أساسي للنمو”. كما تتمتع هذه المصانع بمرونة عالية، حيث قام مصنع “سيمنز” والأزمة في غمرتها، بإضافة 500 عامل في العام الماضي عندما بدأ إنتاج توربينات جديدة هي الأقوى لهذا المصنع بالإضافة الى أن انبعاثاتها الكربونية أقل درجة من القديمة. وأشارت باربرا كوكس مديرة الاستدامة بالمصنع لفنون المنتجات التي يقدمها المصنع الذي بلغ عمره قرناً كاملاً، كمثال للابتكارات “الخضراء”. وجاءت استجابات الكساد الاقتصادي المختلفة وسط جدل فكري حاد في الولايات المتحدة ما إذا كانت البلاد تتجه نحو نمط شبيه بالنمط الاقتصادي الأوروبي بالنظر الى تأميم واشنطن للبنوك الكبرى والتدخل في صناعة السيارات، بالإضافة الى اقتراح الرئيس أوباما المتعلق بإصلاح نظام الرعاية الصحية. وفي حين ارتفعت البطالة الى 20% في بعض البلدان الأوروبية الأكثر تضرراً بالأزمة مثل إسبانيا ولاتفيا، فإن النجاح النسبي الذي حققته بعض الدول الأخرى في تفادي خفض الوظائف أضاف عقبات أخرى أمام النقاش الدائر حول قضية عبر الأطلسي. وعندما يتعلق الأمر بالوظائف، وهي القضية السياسية الأكثر رواجاً في أميركا اليوم، فلربما أن الشركات الأوروبية أكثر إدراكاً لحدودها الاجتماعية التي ينبغي ألا تتعداها. ونجد أن معدل البطاقة العام في أوروبا والذي يبلغ نحو 10 بالمائة، يشابه المعدل الأميركي، ما في شمال ووسط أوروبا، فإن النسبة تقل كثيراً لنجدها 4 في المائة في هولندا، و5,4% في النمسا. وفي ألمانيا تراجع اقتصادها 5% العام الماضي بالرغم من أن معدل البطالة فيها والبالغ 7,5%، أقل مما كان عليه في السنتين الماضيتين، وفي المقابل انخفض الاقتصاد الأميركي 2,4% في السنة الماضية، في الوقت الذي تضاعف فيه معدل البطالة ليبلغ 10 بالمائة. ولعل مقدرة الاقتصاد الألماني على وقف فقدان الوظائف بالرغم مما يعانيه من كساد أكبر من ذلك الذي في الولايات المتحدة، تعتبر وبكل المقاييس معجزة اقتصادية. وتركز ألمانيا فيما يخص الإبقاء على الوظائف، على برنامج العمل القصير الذي أدخلته الحكومة حيث تتشارك فيه الشركات ودافعو الضرائب تكلفة عمال الإجازة. كما أن الشركات وبسماحها للعمال بساعات عمل أقل، فإنها تتحمل انخفاض 2,5% في معدل إنتاجها. وفي أميركا، وفي أكثر أسواق العمل مرونة، تقوم الشركات إما بطرد العمال أو بخفض التكاليف وذلك في سبيل الاحتفاظ بهامش الربح، ولم تقم الشركات الألمانية بخفض ساعات العمل فحسب، بل قبلت بهامش الربح القليل على المدى القصير، حيث انخفضت من 6,26 في الربع الأول من 2008 الى 0,58 بالمائة في الربع الأخير، وبالمثل انخفض هامش الربح في فرنسا من 6,5 بالمائة الى 1,2 بالمائة. وفي المقابل انخفضت أرباح الشركات في أميركا من 7,8 الى 3,6 بالمائة. وقد تكون لهذه الخيارات عواقب حتمية، فبينما يشتد ساعد المعافاة، فسوف يكون المنافسون الأوروبيون في وضع مستقر ليتمكنوا من الاستفادة من فرص النمو الجديدة، في الوقت الذي تحتاج فيه الشركات الأميركية لإعادة بناء قوى عملها. أما إذا صحت مخاوف نشوب كساد جديد، فإن أداء الشركات الأميركية الكبيرة على ضعفه، سيساعدها للوقوف في وجه الأزمة. ويقول الخبراء الأوروبيون إن استراتيجيات الشركات المختلفة أثناء الأزمة المالية، والطرق التي تعامل بها منتسبوها ينبغي أن تستدعي مراجعة للنظرة الأميركية التي تدين النظم الديمقراطية الاجتماعية الأوروبية بأنها السبب وراء خفض وتيرة النمو وزيادة البطالة. وتعتبر “سيمنز” من أفضل الأمثلة للشركات الأوروبية التي تتقدم ركب الحداثة. وبالرغم من انخفاض قوتها العاملة العالمية خلال السنوات الخمس الماضية، عند خروجها من عمليات الاتصالات وقطع غيار السيارات، لم يوقفها ذلك من أن تحرز تقدم في مرافقها الأخرى مثل مصنع برلين بالرغم من قدم طرازه، وقامت الشركة التي يناهز عمرها 163 عاماً، بصرف نحو 700 مليون دولار على تطوير التوربينات التي تم إنتاجها في مصنع برلين كجزء من نهضة التقنية “الخضراء”، والتي تعرف بأنها تتضمن توربينات ذات انبعاثات كربونية منخفضة، وتقنية الألواح الشمسية والرياح، بالإضافة الى معدات الهواء والتنقية. وبعائداتها التي ارتفعت الى 11 بالمائة من عام 2008 الى 2009، فإن أعمال سيمنز “الخضراء” تنمو بسرعة كثر من أعمالها التجارية الأخرى. كما استطاعت أن توفر على عملائها انبعاثات كربونية تصل الى 210 ملايين طن في السنة الماضية وهو ما يساوي انبعاثات مدن نيويورك وبرلين ولندن وطوكيو مجتمعة. عن “وول ستريت جورنال”
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©