الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

أجنحة الأفكار ودم الحقيقة

22 فبراير 2009 01:26
في نهاية فيلمه ''المصير'' والذي عرض على إحدى الفضائيات منذ أيام، كتب الراحل يوسف شاهين العبارة التالية ''الأفكار لها أجنحة، ولا يستطيع أحد أن يمنعها من الوصول الى الناس'' وقد ظلت هذه العبارة عالقة في أذهان كل الذين شاهدوا المصير بغض النظر سواء اتفقوا مع المخرج وفيلمه أم اختلفوا معه، فهذه قضية أخرى· وفي مسرحيته ''آخر أيام سقراط'' حاول المبدع الراحل منصور الرحباني أن يقول رسالته من خلال سيرة حياة الفيلسوف الكبير سقراط، ورسالة الرحباني هي ''إذا لم يوقع الإنسان على كلامه بدمه فلن يثبت هذا الكلام أبدا، الدم حبر الحقيقة'' الدم وليس الكذب والتطاول على أصحاب الرسالات والمواقف! هذا ما تثبته سجلات الشرطة في كل مكان في العالم وهي تحقق في جرائم اغتيال الصحفيين والكتاب والاعلاميين، في العراق ومصر والكونغو وأفغانستان وبيروت وفلسطين وهندوراس، في جهات الارض الأربع، ذلك أن الحقيقة موجودة في الجهة الخامسة عند صاحب الموقف·· جهة القلب، حيث يسهل إطلاق الرصاص واغتيال الحياة لكن الحقيقة لها أجنحة ولا يمكن منعها من الذهاب بعيداً جداً!! تحمل السينما الجادة قضايا الإنسان في صراعه مع طغيان السلطة، تماماً كما تحملها الصحافة وكل الإعلام الملتزم والاعلاميين الشرفاء، كما يقف المسرح مع دفاع الإنسان عن كينونته وإنسانيته ضد كافة أشكال الطغيان، الرسمي وغير الرسمي في الوقت الذي يلعب فيه بعض متسلقي الإعلام والصحافة دوراً أشد شراسة ضد زملائهم من السلطة، بل يزايدون على دورها بأكثر مما تقتضيه الحال!! وعلى ذلك فلا أمل لفن أو ثقافة أو إعلام منبت عن واقعه أو معلق بجذور يتلاعب بها هواء المصالح والرغبات الضيقة، فهذه لا تصل للناس ولا تقنعهم ولا تصنع لنفسها مكاناً تحت الشمس· الحرية حبر الحقيقة وحبر الأفكار وحبر القناعات ودافع كل حركة تتوسد الاختلاف ضد السائد وضد التجاوز رغبة في التغيير للافضل لا رغبة في الفوضى والشغب والتخريب كما يرى البعض أن أي حركة هي إيجاب وليس خطأ كما يقول الكاتب السعودي تركي الحمد حيث المجتمع الساكن مجتمع مريض مهما كان مزدهراً في جوانب أخرى· الحركة هي التي تجدد دماء المجتمع، لذلك فهي إيجابية··· اما الجمود ومؤازرة الخطأ فلا يولد سوى الضلال والتطرف والفساد، والمفسدون وحدهم الجهلة هم الذين يصفقون ويهتفون للجمود والخطأ لأنه يحفظ حرارة مصالحهم طويلاً· لا خوف على أصحاب الافكار، فمازالت كتب ارسطو تدرس ومازال سقراط فيلسوفا عظيما في نظر العالم رغم قتله ورغم مرور قرون على ذلك القتل، كما مازال ابن رشد فيلسوفا عظيما حتى بعد أن أحرقت كتبه، ومازال الامام ابن حنبل علماً ومذهباً متبعاً وباقياً رغم تعذيبه وسجنه ذات يوم، مازال أصحاب الأفكار العظيمة متألقين كنجوم رغم ما حل بهم بينما رحل الى العدم كل فرق المطبلين في كل التاريخ، فالتاريخ لا تصنعه الثرثرة ولا المتشنجون والمزايدون، ان من يصنع التاريخ هم الذين يحفرون عميقا في جدران الواقع ليرسموا صورة أجمل للمستقبل رغم صعوبة المهمة !! ayya-222@hotmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©