الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ميركل.. أمام خيارات صعبة

20 نوفمبر 2017 21:20
قبل بضعة أشهر مضت، كانت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل هي أقوى زعماء أوروبا، بل إن البعض اعتبرها زعيمة العالم الغربي كله. بيد أنها لا تبدو في الوقت الراهن هي أقوى شخص حتى في ألمانيا، بعد أن انسحب حزب «الديمقراطيين الأحرار» من محادثات تشكيل الحكومة الائتلافية مع حزب «الاتحاد الديمقراطي المسيحي» الذي تتزعمه ميركل، وشقيقه البافاري «الاتحاد الاجتماعي المسيحي». وقد أصبح الآن بيد الرئيس الألماني «فرانك فالتر شتاينماير»، وليس ميركل، اتخاذ قرار بشأن كيفية المضي قدماً. وعلى الرغم من أن منصب «شتاينماير» شرفي إلى حد كبير، إلا أن لديه دوراً مهماً في أوقات الأزمات الحكومية. وقد أقرت ميركل نفسها بأن ألمانيا، التي تعتبر أكثر الدول استقراراً في أوروبا، تواجه للمرة الأولى منذ سنوات مستقبلاً سياسياً مضطرباً. وهناك عدد من السيناريوهات المحتملة التي يمكن أن تحدث لاحقاً، ولكن لا يبدو أن أياً منها سيكون خياراً طويل الأمد وأساساً للاستقرار. وأول تلك الخيارات هو تشكيل ائتلاف حكومي موسع. وكان حزب «الاتحاد الاجتماعي المسيحي»، ثاني أكبر الأحزاب شعبية في ألمانيا، الذي تخلى عن حزب «الاتحاد الديمقراطي المسيحي»، جزءاً من الحكومة على مدار ثمانية أعوام. غير أن «الاتحاد الاجتماعي المسيحي» تلقى ضربة قوية في انتخابات سبتمبر الماضي، ونحى باللائمة في هزيمته على ميركل. ورداً على ذلك، قررت قيادة الحزب مباشرة الانسحاب من تشكيل حكومة ائتلافية مع «الاتحاد الديمقراطي المسيحي»، على الرغم من أن غالبية الألمان يؤيدون ذلك الائتلاف. وأما الخيار الثاني فهو عودة حزب «الديمقراطيين الأحرار» إلى طاولة المفاوضات. فبعد أن رفض «الاتحاد الاجتماعي المسيحي» تشكيل ائتلاف موسع، لم يكن أمام ميركل سوى بديل واحد، ألا وهو تشكيل ائتلاف مع «الديمقراطيين الأحرار» و«حزب الخضر». و«الديمقراطيون الأحرار» عاد لتوه إلى «البوندستاج»، إحدى غرفتي البرلمان الألماني، بعد أن واجه هزيمة مريرة قبل أربع سنوات مضت، ومثل «الاتحاد الاجتماعي المسيحي»، نحّى باللائمة في ذلك أيضاً على ائتلافه السابق مع ميركل، الذي لم يتمكن من خلاله «الديمقراطيون الأحرار» من تحقيق أهدافهم الانتخابية. ويوضح ذلك السبب تردد الحزب في تشكيل ائتلاف آخر مع ميركل. وبغض النظر عن هذا، فقد واجه «الديمقراطيون الأحرار» أيضاً اتهاماً بالانتهازية السياسية أمس، وزعم «الخضر» و«الاتحاد الديمقراطي المسيحي» و«الاتحاد الاجتماعي المسيحي» أنه كان هناك اتفاق في الأفق، وأوضح مراقبون أن «الديمقراطيين الأحرار» حصلوا على معظم وعودهم الانتخابية الرئيسة. ويشي ذلك بأنه قد يتم الضغط عليهم من جديد من أجل العودة إلى مائدة المفاوضات. وعلى أي حال، لم يكن يبدو «ائتلاف جامايكا»، نسبة إلى ألوان الأصفر والأخضر والأسود التي تحاكي في مجملها علم دولة «جامايكا»، خياراً مستقراً في ضوء الاختلافات السياسية الكبيرة بين الأحزاب الثلاثة. وأدى انسحاب «الديمقراطيين الأحرار» إلى تقويض ما تبقى من ثقة بين أولئك الشركاء. والخيار الثالث هو تشكيل حكومة أقلية. وإذا ما استبعد الخياران السابقان، فإن «البوندستانج» الجديد يمكنه المضي قدماً في عملية تصويت قد تطول لأسابيع، وسيحاول الأعضاء الاتفاق على مستشار يقترحه الرئيس الألماني، ومن المرجح أن تظل ميركل هي المرشحة لذلك المنصب. وفي الاقتراع الأول، لابد من أغلبية مطلقة لاختيار المستشار. وإذا لم يتفق الأعضاء على قائد جديد، فإن ذلك الإجراء قد يتم تكراره مرات عدة، وفي خطوة أخيرة، يمكن للأحزاب أن تقترح مرشحيها. والمرشح الذي سيحصل على غالبية الأصوات، سيصبح مستشاراً من دون الحاجة إلى الحصول على أغلبية مطلقة. ومن الناحية النظرية، يمكن لميركل أو أي مستشار آخر، أن يقود حكومة أقلية. بيد أن تشكيل حكومة ائتلافية من الأقلية سيكون أمراً غير مسبوق على المستوى الوطني في ألمانيا. وأما الخيار الأخير فهو الدعوة إلى انتخابات جديدة. والأمر متروك للرئيس «شتاينماير» بأن يدعو إلى انتخابات جديدة لتفادي أي سيناريو غير مستقر. وفي الماضي، لجأت الأحزاب، وكذلك الرؤساء، إلى آفاق بعيدة لتفادي الدعوة إلى جولات انتخابية جديدة، في ضوء دستور الدولة الذي يرتكز على الإجماع، ومن ثم يضغط على الأحزاب لكي تتوصل إلى أرضية مشتركة. يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©