اعداد - أيمن جمعة:
لا تتوقف اهتزازات أسواق الاسهم العالمية منذ بداية العام الجاري·· ويعتقد البعض انه لا يبدو في الافق مؤشرات تدعو للتفاؤل بشأن المستقبل··! وركزت المواقع الاقتصادية على الانترنت على بحث سؤالين رئيسيين·· لماذا تتراجع اسواق الاسهم؟ وهل يمكن استخلاص دروس من هذه الازمة؟
يقول جون مالكوم من موقع ماني دوت كوم إن مؤشر ''داو جونز'' للشركات الصناعية خسر حوالي 900 نقطة خلال شهر تقريبا، وذلك رغم ان هذا السوق كان يقترب من تسجيل مستويات قياسية في اوائل مايو قبل ان يترنح فجأة بنسبة 8 %· ويضيف ''وخلال الفترة نفسها انخفض مؤشر ناسداك لاسهم قطاع التكنولوجيا بنسبة تزيد على 10,3 %، في حين سجلت الشركات الصغيرة خسائر تزيد على 13 %· ولا أستبعد استمرار هذا الاتجاه النزولي·''
ويؤيد المحلل الاقتصادي جون ماركمان في تقرير بعنوان ''الاسواق تنهار'' وجهة النظر هذه قائلا ''لا أستبعد ان تخسر مؤشرات الاسهم الاميركية ما بين 10 و20 % خلال الشهور الخمسة المقبلة، ويبدو انه لا سبيل لتفادي هذا السيناريو''·
''عوامل التراجع''
وجاء في التقرير ''للأسف فانه لا يوجد عجز في عوامل التراجع· فكل الشركات الكبرى تسجل مستويات منخفضة وهو نفس السيناريو الذي حدث عام 2000 مع أسهم التكنولوجيا· يبدو انه انخفاض طبيعي في الدورة الاقتصادية التي تتأرجح صعودا وهبوطا من حين لآخر·''
ويعتقد ماركمان ان سوق الاسهم فقدت قوة زخم جوهرية تتمثل في سوق العقارات حيث تراجع الطلب لتنخفض أسعار المنازل او تستقر في كثير من الاماكن، ويقول ''انهيار أسعار المنازل سيلقي بآثار خطيرة على الاقتصاد الاميركي والعالمي، ومن المتوقع ان ينخفض انفاق المستهلكين على المنازل في الولايات المتحدة بنسبة 1,6 % وان حدث هذا فستكون مشكلة كبيرة لان انفاق المستهلكين يمثل 75 % من قوة الدفع للاقتصاد الاميركي·''
ولا يتوقف تأثير ضعف هذا القطاع عند هذا الحد· ويقول ماركمان ''قدم قطاع التشييد العقاري حوالي 20 % من الوظائف الجديدة في الولايات المتحدة خلال العامين الماضيين· واي هدوء في هذا القطاع يعني تراجع معدلات التوظيف أي ارتفاع البطالة· وعندما يتراجع دخل الفرد فان انفاقه يقل لتتراجع وتيرة النمو الاقتصادي وتقل عجلة الانتاج وينخفض أداء الشركات ثم أسعار اسهمها فتنخفض السوق الاميركية لتجر معها باقي الاسواق العالمية··!''
''دورات اقتصادية''
ويرى المحللون أنه اذا استمرت الاسواق على ترنحها خلال الشهور الخمسة المقبلة فسيؤدي هذا الى توقف على الاقل في النمو الاقتصادي خلال الفترة نفسها تقريبا ولكن دون ان يصل الامر بالضرورة الى حد الركود·
ويقول ماركمان ''تحدث انخفاضات الدورات الاقتصادية في مواعيد محددة·· بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية تعرضنا لهذه الدورات في أعوام·· 1949 و1953 و1962 و1966 و1970 و1974 و1978 و1982 و1990 و1994 و1998 و··2002 فهل تجد صعوبة في توقع العام الذي سيحدث فيه التراجع الجديد؟·''
ومتوسط الانخفاضات التي شهدتها أسواق الاسهم الاميركية خلال كل هذه الانخفاضات الاقتصادية كان 26,5 %، مع ملاحظة انها وصلت الى 50,5 % في ·2002 ونحن حتى الآن منخفضون بنسبة 5 % فقط عن ذروة مايو الماضي، ويصبح من الخطر المراهنة على الاستثمار طويل الاجل في وقت تنخفض فيه القيم بوجه عام·
''الدروس المستفادة''
وهناك من يعتقد ان الدروس المستفادة من فترة الترنح بين عامي 2000 و2002 قد تلاشت من الذاكرة· ويقول ماركمان ''أعتقد ان هناك وقتا يتعين فيه ازاحة مفهوم الاستثمار طويل الاجل لصالح الاستثمار البرجماتي الحذر· وانا اعتقد ان الوقت مناسب لهذا التوجه حاليا· اذا كنت ذكيا فبوسعك رصد كل المشكلات التي تهدد العالم· تستطيع ان ترى ان الدولار يتراجع وان اسعار الطاقة تشق عنان السماء وان أسعار العقارات تترنح، وان عجز الميزانية الاميركية يخرج عن نطاق السيطرة، وبهذا تستطيع ان تصل الى استنتاج مفاده ان السوق يشهد كل العوامل المطلوبة لانخفاضه· ونحن كمستثمرين لا نهتم حقيقة بكل هذه العوامل ونحتفظ بالتفاؤل لنرفع السوق في اطار سياسة تعرف باسم ''صعود جدران القلق''· لكن من يدري الموعد الذي يمكن ان تحدث فيه الفوضى·
ويقول الخبير الاقتصادي جيم جوباك في تقرير ''كثيرا ما أتلقى رسائل من القراء التي تصف مقالاتي بانها متشائمة جدا لدرجة انهم يترددون للغاية في وضع أموالهم في البورصات·''
''الحذر مطلوب''
ويضيف ''لست متشائما لكنني اؤمن بان اي استراتيجية استثمار يجب ان تبدأ بالنظر جيدا في المخاطر المحتملة· وعندما تدرس هذه المخاطر جيدا، فعندها فقط ستتمكن من تحديد أين تضع أموالك وأي القطاعات التي يتعين تفاديها·· أو ان كنت ستدخل السوق من الاساس·'' ويمضى قائلا ''الخوف والامل هما محركا السوق على المدى القريب والمتوسط ولا تستطيع ان تحقق مكاسب اذا نظرت فقط الى نصف الدوافع التي تحرك المستثمرين·''
عدد اليوم
